محمد أحمد طنطاوى

الموظف "الأنتوخ" والكسل من أجل الكسل

الخميس، 29 أبريل 2021 12:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إذا أردت أن تعرف كم يعشق المصريون الإجازات فعليك اتباع محركات البحث في جوجل، والتريندات الخاصة بالأحداث اليومية الأكثر صعوداً، ستجد للإجازات نصيب الأسد من اهتمامات المصريين، ودائما ستجد أن الأخبار الأكثر قراءة على المواقع الإلكترونية للصحف تلك المتعلقة بأيام الإجازات، وقد كانت الأيام الخمس الأخيرة التي أعلنتها الحكومة تزامناً مع أعياد تحرير سيناء وعيد العمال وعيد القيامة وشم النسيم خير شاهد على عشق الموظف المصرى للإجازات، ورغبته الدائمة في التهرب من العمل وفتح الثغرات لـ "الانتخة" والنوم.

أتذكر دائما المعادلة الصينية الشهيرة 996، التي تثير إعجابى بالعامل الصينى، الذى يحضر إلى مصنعه في التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساء، لمدة 6 أيام في الأسبوع، دون كلل أو ملل أو تعلل بظروف أو احتيال للحصول على حق غيره أو مراوغة للتزويغ ساعة بدرى، أو شهادة مرضية مزيفة تعطيه إجازة لمدة أسبوع أو 10 أيام، أو الشكوى المستمرة من العوز وضيق الحال واحتياجات الأبناء، وكل هذه النماذج والأمثلة نسمعها يومياً أو نمارسها بصورة أو بأخرى.

مسيرة الأمم تقاس بما وصلت إليه من جهد وعمل، فالتقدم والتطور والحضارة لا تقوم إلا بالعمل وسواعد العمال، لذلك علينا أن نعيد النظر في منظومة الإجازات والراحات الأسبوعية التي تأكل أكثر من 35% من العام، فالموظف المصرى يحصل على 102 يوم إجازات أسبوعية على مدار العام، فحصيلة العام 52 أسبوعاً، وفى كل أسبوع يومين إجازة " الجمعة والسبت"، بالإضافة إلى 21 يوم إجازة سنوية لكل عامل لم يمر على تعيينه أكثر من 10 سنوات و30 يوماً لمن تجاوز هذه المدة، أو من وصل إلى سن الخمسين، هذا بخلاف الإجازات الرسمية والأعياد والمناسبات القومية، وهذا يؤكد أن طاقة وقدرة الموظف المصرى تفقد ثلثها تقريباً سنوياً.

ثقافة العمل يجب أن تكون نابعة من داخل كل مواطن، تحركها الحاسة الخلقية والإيمان بقيمة ما نصنع، دون أن يكون الأمر مرتبطاً بالحداقة والمفهومية والفهلوة والمصطلحات التي نعرفها جميعاً، خاصة أن مصر في الوقت الراهن تحتاج إلى تأسيس علاقات عمل جديدة، ونهضة حقيقية، حتى يتحقق ما ننشده من بناء، وما نسعى إليه من تنمية.

الدول الصناعية الكبرى تستيقظ في السادسة صباحاً ويبدأ المواطنون أعمالهم في هذا التوقيت، ومع الساعة الثامنة أو التاسعة مساء يذهبون إلى النوم لشحن نشاطهم والاستعداد لليوم الجديد، بينما في مصر المعادلة معكوسة، فمازال قطاع كبير من الشباب يستيقظ الواحدة ظهراً، وسط موجة من الخمول والكسل غير المبرر، أو بعبارة أدق كسل من أجل الكسل، في حين يرغب الشاب أن يحصل على وظيفة لائقة ومرتب ممتاز وشقة وسيارة، دون النظر إلى ما يقدمه للمجتمع نظير كل ما سبق.

ثقافة العمل في مصر تحتاج إلى ثورة حقيقية، لا تقل أهمية عن كل الجهد المبذول في التعليم والصحة والمشروعات القومية التى تبنيها الدولة، والخطوة الأولى على طريق هذه الثورة إعادة النظر في موضوع الإجازات وساعات العمل، وربط الحوافز بالإنتاج الحقيقى.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة