محمود عبدالراضى

فى حضرة "عشماوى"

الإثنين، 26 أبريل 2021 09:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"على فكرة..أنا الناس بتقابلني مرة واحدة بس ..وانت قابلتني كتير"، بهذه الكلمات مازحني "عشماوي" أو "عم حسين قرني" كما يناديه أهالي الزاوية الحمراء في القاهرة، قبل 8 سنوات من الآن، في آخر حوار له لـ"اليوم السابع"، والذي ودع الحياة أمس عن عمر تخطى السبعين عامًا.

وأنت تجلس في حضرة "عشماوي" الذي نفذ الإعدام في 1070 متهما، وتسمع منه قصص وحواديت أغرب من الخيال عن المتهمين، وأسرارهم قبل حبل المشنقة، أبرزهم "عزت حنفي" امبراطور جزيرة النخيلة بأسيوط، لابد أن نستلهم الدروس المستفادة، وتقف على أخطاء الغير، التي قادتهم لهذا المكان.

يكاد جسمك يقشعر من هول كلمات "عشماوي"، وهو يتحدث عن الدقائق الأخيرة في حياة عتادة الإجرام، لتعلم وقتها أن الدنيا لا تساوي شيء، وأن التعايش في سلام ومحبة، أفضل بكثير من الجنوح للعنف والدم وظلم الناس.

لحظات صعبة وقاسية يعيشها المحكوم عليه بالإعدام قبل تنفيذ الحكم، ربما تكون هي الأصعب من تنفيذ الحكم ذاته، منذ فتح غرفته في الخامسة فجرًا وإعطاؤه حبوب مهدئه تجعل جسده يسترخى إلى حدا ما، ثم يسحبه مساعدا عشماوي بقيود حديدية إلى غرفة المأمور ويظل بها من الساعة الخامسة وحتى السابعة صباحا وقت التنفيذ، "ودول أصعب ساعتين فى حياته، يسترجع ذكرياته "يبكى.. يصرخ.. ينظر إلى السماء.. يضع يده على رأسه" يتأكد أن الدنيا لا تساوى شيئا"، هكذا وصف عشماوي المشهد الأصعب.

مع اتجاه عقارب الساعة إلى السابعة صباحا، يتم اقتياد المتهم إلى غرفة الإعدام واستبدال القيود الحديدية بأخرى من جلد حتى لا يؤذى نفسه، ويكون مرتديا للزي الأحمر، ويكون برفقتنا قرابة 50 شخصا من الطب الشرعى والقضاة ومندوب من مديرية الأمن التابع لها وشيخ فى حالة لو كان مسلما وقسيسا فى حالة إذا كان قبطيا، ومأمور السجن وعددا آخر برفقته".

يقف المتهم وسط مساعدى عشماوي "الأول والثانى"، أمام غرفة الإعدام المكتوب عليها بالخط الأحمر "غرفة إعدام"، ويتم قراءة ملخص سريع للقضية، إنه فى يوم كذا حدث كذا وصولاً إلى صدور حكم عليه بالإعدام شنقا، وعند كلمة شنقا يتحرك عشماوي نحوه ويستلمه ويتوقف به ثوان حتى يقول له الشيخ: "قول يا ابنى ورايا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، ويرددها المتهم، ثم يضع "الطاقية" السوداء على رأسه، وسائل صابون حول الحبل قبل وضعه حول عنقه، ثم يقف قرابة دقيقة، وينتظر الإشارة حيث يسحب "السكين" ليسقط فى البئر مشنوقا.

لحظات صعبة وقاسية، يموت فيها الشخص مئات المرات قبل أن يموت فعليًا، لو عاد به الزمن، ما قتل أو سرق أو اغتصب، وإنما عاش في محبة وسلام، متسامحًا مع الجميع، حتى لا يقابل "عشماوي" أبدًا.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة