الشهرة موجودة فى كل شىء، حتى فى الحكام والخلفاء، منهم من هو مشهور ومنهم من هو مجهول، واليوم نتوقف مع الخليفة محمد الراضى بالله.
اسمه أبو العباس محمد ابن المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد بالله أحمد بن الموفَّق بن المتوكِّل جعفر بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد، الهاشمي، العباسي، البغدادي
كان محمد الراضى بالله الخليفة العشرين فى ترتيب الخلفاء العباسيين، وُلِدَ فى رجب سنة 297هـ، وأمُّه روميَّة تُسمَّى ظلوم، أدركت خلافته.
بويع له بالخلافة بعد خلع عمِّه الخليفة القاهر بالله فى 5 جمادى الأولى سنة 322هـ، وعمره خمسة وعشرون عامًا.
قال عنه الخطيب البغدادى "كان قصير القامة، نحيف الجسم، أسمر رقيق السمرة، درى اللون، أسود الشعر سبطه، فى وجهه طول، وفى مقدم لحيته تمام، وفى شعرها رقَّة، هكذا رأيته".
وقال عنه الذهبى "كان أسمر قصيرًا نحيفًا فى وجهه طول، استُخلف بعد عمِّه القاهر عندما سملوا القاهر سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة.
وقال عنه أبو بكر الخطيب، له فضائل منها، إنَّه آخر خليفة خطب يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الندماء، وآخر خليفة له شعر مدوَّن، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش، وكانت جوائزه وأموره على ترتيب المتقدِّمين منهم، وكان سمحًا، جوادًا، أديبًا، فصيحًا، محبًّا للعلماء.
وعلى الرغم ممَّا كان يتحلَّى به "الراضي" من صفاتٍ حميدةٍ فإنَّ أمر الخلافة قد اختلَّ فى عهده اختلالًا خَطِرًا، وازداد تدهور أحوال الخلافة فى أيَّامه، وازدادت اضطرابًا وإدبارًا، ولم يكن له من الأمر شيء، وولاة الأقاليم هم المتحكِّمون فيها يُديرونها كإقطاعٍ خاص، وتنازعوا فيما بينهم على من يُسيطر على مقاليد الخلافة، وظهرت فى أيَّامه العصبيَّة المذهبيَّة وقويت شوكة الحنابلة.
وازداد تمزُّق الدولة واستفحل نفوذ المتطلِّعين للسيطرة على زمام الأمور؛ فقد ازداد نفوذ البويهيِّين فى فارس وتطلَّعوا للاستيلاء على "العراق"، وتمتَّع "بنو حمدان" بنفوذٍ مطلقٍ فى "الموصل" و"ديار بكر" و"ربيعة" و"مضر"، واستقلَّت "الدولة الإخشيديَّة" فى "مصر" و"الشام" عن الخلافة العباسيَّة، وكذلك "الدولة السامانيَّة" فى "خراسان" و"ما وراء النهر" بزعامة "نصر بن أحمد الساماني"، وأصبح للأمويِّين خلافةٌ مستقلَّةٌ فى "الأندلس" تحت حكم "عبد الرحمن الثالث" الأموى الملقَّب بالناصر (300-350هـ= 913-961م)، وسيطر القرامطة بزعامة "أبى طاهر القرمطي" على "البحرين" و"اليمامة".
وعن وفاة الراضى بالله، قال الذهبى "قيل: إنَّ الراضى سُقِى بطنه، وأصابه ذرب، وأتلفه كثرة الجماع"، والذَّرَب، بالتحريك: الدَّاء الذى يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها ولا تمسكه، وقد تُوفِّى الخليفة الراضى بالله فى (يوم السبت منتصف ربيع الأوَّل سنة 329هـ= ديسمبر سنة 940م) ودُفِن ليلة الأحد فى الرصافة، وكانت خلافته ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيَّام، وتُوفِّى وهو ابن إحدى وثلاثين سنة وثمانية أشهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة