جغرافيا، كانت مصر تمثل المعبر الرئيسى لانتقال حجاج بيت الله الحرام من تونس وبلاد المغرب العربى وقد ترتب على ذلك تفاعل إنسانى وتبادل ثقافى بين هؤلاء الحجاج والشعب المصرى، وتشير الكتابات التاريخية إلى هجرة قبائل "بنى هلال" و "بنى سليم" إلى تونس، وهو ما تولد عنه أثر أدبى من أقدم السير الشعبية عرف في تونس ب"الجازية الهلالية" وفى مصر بـ"السيرة الهلالية".

كما تتميز العلاقات المصرية التونسية بجذورها القديمة وتنوع مجالاتها لما بين البلدين من تاريخ واحد يجمعهما خاصة فى الثقافتين العربية والإسلامية، كما أن عاصمة الفاطميين انتقلت من المهدية في تونس إلى القاهرة ونقلت معها الآثار الإسلامية والعمارة الفاطمية إلى مصر.

ولعل من أبرز الشواهد على هذا التقارب وجود قرية تونس بمصر وشارعى عبد الناصر وأم كلثوم فى أكثر منطقة حيوية بتونس.

التسميات ليست هامشا، إنها البصمة التى تعطى للأرض ولتفاصيلها والتى قد ترافق وعينا وتؤثر فيه وقد نقضى نحن ويبقى الاسم ليرافق أبناءنا وأحفادنا.. فنادرا ما يتغير اسم شارع إلا لسبب وجيه.. إذن أسماء الشوارع أطول عمرا منا.

وتعد تونس المصرية واحدة من أشهر قرى محافظة الفيوم فهي أيقونة للإبداع وقبلة للسواح من مختلف دول العالم لما تتمتع به من مناظر خلابة.
ويعد موقع القرية أهم ما يميزها فهي مبنية على تلة قبلها وبعدها الأرض مستوية في نفس مستوى بحيرة قارون وبذلك هيأت الطبيعة للناظر من القرية رؤية واسعة للعالم المحيط بها حيث ينظر من مكان عال إلى المشهد المحيط كما يشكل مزيج المياه والخضرة بالقرية مشهدا طبيعيا خلابا.

أما على الصعيد التونسى.. فمن يزور العاصمة لابد أن يقف عند شارع أم كلثوم الموازي لشارع الحبيب بورقيبة والمتقاطع مع شارع قرطاج والذي لا تفصله إلا مسافة قصيرة عن شارع جمال عبد الناصر.

ففى تونس تحظى أم كلثوم بحب وإعجاب عامة الشعب ويترسخ صوتها وإبداعها في الوجدان التونسي كواحد من المكونات الأساسية لمعنى التفاعل الإيجابي والتلقائي مع الفن الأصيل والجميل والنبيل.

وعن شارع جمال عبد الناصر أحد الشوارع الرئيسية لمدينة تونس ويوجد في قلب المدينة الحديثة حيث يصب في ساحة الاستقلال وشارع الحبيب بورقيبة من جهة وشارع الجزائر من جهة أخرى ويغلب عليه الطابع التجارى الأوروبى وتنتشر فى زواياه أسواق ومطاعم شعبية.

وكان هذا الشارع يسمى في بداية الاستقلال نهج الصادقية نسبة إلى "الصادق باي" أحد أبرز حكام تونس في القرن الـ (19) وحمل اسمه الحالي بعد وفاة جمال عبد الناصر في عام 1970 .

لقد مرت العلاقات المصرية التونسية بمراحل عديدة على مدار السنوات الماضية، إلا أن السمة المميزة للعلاقات بين البلدين كانت ارتباط الدولتين والشعبين ببعضهما البعض.