إن العنوان العريض الذي يصف حالة "الثقافة" بين الماضي والحاضر هو: "أن ثقافة الماضي أفضل من ثقافة الحاضر". وأن غناء "عبدالوهاب وأم كلثوم، وعبدالحليم" أفضل من غناء "شاكوش، وحمو بيكا، وآخرون"، وأن كلمات الماضي "أرقى" من "ركاكة" كلمات الحاضر.
وأن الثقافة فى الماضي كانت تشبه المياه الصافية، والآن باتت تشبه المياه الضحلة التى أعياها الركود!
وفى الحقيقة أننى أتفق مع هذا العنوان تمامًا ولكني أختلف معه تمامًا.
-أتفق معه: فى أنه هناك فارق كبير أبعد من حدود النظر بين ما كان فى الماضي، وبين ما هو فى الحاضر، وبين ما سيكون فى المستقبل القريب أو البعيد.
-أختلف معه: فى أن الماضي يتختلف تمامًا عن الحاضر، وسيكون المستقبل أكثر أختلافًا من "الماضي والحاضر"
فقد الماضي أقل اتساعًا من الحاضر.. من حيث السرعة والإنتشار، ومن ثم الإنفتاح على الثقافات الأخري..
كان فى الماضي إرسال "البريد" قد يستغرق عدة أيام.. فقد أصبح الآن "البريد" يعبر حدود الدول بمجرد الضغط على زر إرسال!
كان فى الماضي ثقافة الأفراد تتشكل من أربعة أشياء وهم "الجرائد، والمحطات الإذاعية، ومؤلفات الكُتاب، ثم جاء فى النهاية التلفاز وما يقدمه من برامج، وأعمالًا درامية بجوار الأعمال السينمائية"
كان الترفيه فى الماضي ممثلًا فى "الحفلات الغنائية والعروض المسرحية وفن المنولوج.. والاسكتشات الاستعراضية"
ومع ظهور "العولمة" بدأت تتغير الموازين فقد جعلت العالم كله وعاءًا واحدًا.
حتى تطور ووصل إلى ما هو عليه الآن.
فقد كانت أغنية "لأم كلثوم" تستغرق شهورًا لكى يسمعها الجمهور، ومن كان يريد أن يستمع لها مرة أخري فقد يتكلف شراء أسطوانة الأغنية لكى تكون متاحة له.
مرورًا بشرائط الكاسيت ونوادي الفيديو.. ثم الآن بات الأمر أسهل من تحضير فنجانًا للقهوة، بمجرد البحث فى "يوتيوب" أو "ساوند كلاود" تستطيع أن تذهب بين الماضي والحاضر بضغطة على الزر!
لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل ساهم "يوتيوب" فى خلق مسمى وظيفي جديد لكثيرون وهو "اليوتيوبر" منهم من يقوم بتقديم محتوي يستحق التقدير، ومنهم من يقوم بتقديم محتوي لا يرتقي إلى كلمة "الاشىء" بل والمذهل أن المحتوي "التافه" يجني أموالًا طائلة من شركة "يوتيوب"!
فقد كان فى الماضي المطربون أو الذين يقدمون فن المنولوج مثل الفنان "إسماعيل يس" يقومون بالغناء فى المحطات الإذاعة مقابل أن تقوم المحطة بإذاعة المنولوج له دون عائد مدي!
إن التكنولوچيا والثورة ساهمت فى تشكيل ملامح هذا الجيل.
فقد ساهمت فى تشكيل ملامح "ثقافية" للبعض، وقد ساهمت فى تشكيل ملامح "دون المعني" للبعض الآخر.
فقد عاش كثيرون من شباب هذا الجيل وأنا واحدًا منهم أحداثًا سياسية توازي الكثير من السنوات.
ففى تاريخنا الحديث أربع ثورات، وهم ثورة (١٩١٩) وثورة (١٩٥٢) وثورة (٢٥ يناير) وثورة (٣٠ يونيو).
فقد عاش جيلى من الشباب.. ثورتين من تلك الأربعة أي عاش نصف تاريخ الثورات.
عاصر جيلى أربعة رؤساء من أصل ثمانية رؤساء حكموا مصر !
فقد تشكل لكثيرين حالة من "الوعي" وعلى النقيض أراد الكثيرين أن يختاروا طريق "اللاوعى" والعمل علي تقديم المحتوي "التافه".
إن الجيل الحالي مختلف كثيرًا عن الجيل السابق..
فالأمل يقع علي عاتق العقلاء.. فى حمل راية الوعى.
عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة