المطرب عبده الحامولى يعتبر واحدا من أشهر فنانى القرن التاسع عشر فى مصر، بدأ حكايته مع الفن في بلده طنطا فعندما سمع الناس لأول مرة صوته وآهاته ومواويله، وافتتنوا به وأحبوه، أصبح ضيفًا دائمًا فى الموالد والأفراح والأسواق، ليغنى ويطرب محبيه.
بعدها جاء إلى القاهرة وتألق في عالم الغناء لدرجة أن الخديوى إسماعيل كان لا يطرب للغناء إلا بصوت الحامولي، فقربه منه، وأطلق عليه لقب "المطرب المغرد".
كما كان مطربًا للخديوي، وصديقًا للأعيان، ونجم حفلات علية القوم.. لم ينس أن للمصريين حقوقًا عليه، فهم جمهوره الحقيقي، وصانعو شهرته، ومريدوه الأوائل، ولهم عليه فضل لم ينكره.. يغنى لهم، فيطربهم شجنًا، ويطربوه دعمًا وتشجيعًا.. لذلك له معهم العديد من النوادر والطرائف التى تظهر مدى امتنانه لهم.
واعتاد كل من الحامولى والخلعى وسيد درويش الاستماع إلى الغناء الارتجالى للباعة فى الأسواق والشوارع، والاستعانة بهذا الغناء المعجون بروح المصريين لتطوير الأغنية، وتمصيرها بعيدًا عن آمان يا لاللي.
ويحكى أن الحامولى في يوم كان عائدا من سهرة صباحى فى بيت أحد الباشاوات.. شاهد بائعة فجل عجوز تبكي، وتنعى حظها السيئ.. اقترب منها يستفسر عن حزنها، فعرف أنها لم تبع من الفجل شيئًا لعدم قدرتها على تسويقه بالغناء، وأن جارتها الصبية الصغيرة تبيع أفضل منها، وأنها مكبلة بمسئولية بيت كامل فيه أسرتها.
أمسك الحامولى الفجل، وغنى للناس "ريان يا فجل"، وتجمع الناس حوله، وتزاحموا عليه.. ينشدون طربه، ويشترون فجل العجوز، فباع لهم حزمة الفجل بطريقة المزاد.. ها.. مين يزود؟.
انتشر الخبر فى دقائق، وحضر لموقع الحدث باشاوات كانوا عائدين من سهرتهم، وشاركوا الناس هذه الاحتفالية الغريبة، واشتروا الفجل بجنيهات ذهبية محبة فى الحامولى وعشقًا فى صوته.. ما باعه الحامولى وأعطاه للسيدة يفوق فى مجموعه سعر بيت من بابه.. وتحاكى الناس عن هذا الموقف، وتناقلوه فى سهراتهم، وقيل وقتها "الحامولي.. فريد عصره ولو غنى ريان يا فجل"، وجرت المقولة بين الناس مجرى الحكم والأمثال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة