أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 24 فبراير 1966.. الوزير الفرنسى يوعد ثروت عكاشة بنقل طلب عبدالناصر بمساعدة فرنسا لمصر فى صنع القنبلة الذرية إلى الرئيس ديجول

الأربعاء، 24 فبراير 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 24 فبراير 1966.. الوزير الفرنسى يوعد ثروت عكاشة بنقل طلب عبدالناصر بمساعدة فرنسا لمصر فى صنع القنبلة الذرية إلى الرئيس ديجول جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان وزير الدولة لشؤون الإصلاح الإدارى الفرنسى المسيو «لوى جوكس» يستمع باهتمام إلى كلام الدكتور ثروت عكاشة، فى لقائهما بباريس، حول طلب الرئيس جمال عبدالناصر من نظيره الفرنسى ديجول بمساعدة فرنسا لمصر فى تصنيع القنبلة الذرية.. «راجع، ذات يوم، 23 فبراير 2020».
 
يكشف «عكاشة» أسرار هذه القصة غير الشائعة فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى السياسة والثقافة».. يذكر أنه فى لقائه بالوزير الفرنسى فى مقر وزارته يوم 23 فبراير 1966، قال له إن حكومة «جى موليه» فى عهد الجمهورية الرابعة تورطت فى تقديم كل المساعدات العسكرية لإسرائيل وخاصة فى الميدان النووى، فكان لمساعداتها غير المحدودة أثر فى التقدم فى تكوين مفاعلها الذرى، وإمكانية حصولها على القنبلة الذرية عام 1970، وأن الشعور السائد لدى العرب عامة ومصر خاصة، أن فرنسا - سواء كانت الجمهورية الرابعة التى ارتكبت هذه الخطيئة أم الجمهورية الخامسة التى ورثت هذه التبعية - مسؤولة أمام التاريخ بلا جدال عن دخول الصراع بين العرب وإسرائيل فى هذا السباق الذى لن يقف عند حد.
 
يضيف عكاشة، أنه قال إن الرئيس عبدالناصر يدرك عدم جدوى هذا السباق، ويؤمن بمبدأ عدم انتشار الأسلحة الذرية، لكنه غير مستعد لأن يقف مكتوف اليدين أمام الخطر الذى يتهددنا، فوفق إحصائياتكم تسبقنا إسرائيل بخمس سنوات على الأقل فى هذا الميدان الخطير، وهى فترة - كما لا يخفى عليكم - ملأى بكل أنواع التهديد والدمار والخطر، وهو ما يجعل الرئيس يعز عليه أن يقف جامدا، على الرغم من حرصه على أن ينفق الدخل القومى على حل مشاكل بلاده والارتفاع بمستوى سكانه.
 
استطرد «عكاشة»: «كما تعرفون فقد بدأنا منذ وقت غير قصير بتطبيق برنامج نووى للأغراض السلمية ولإنتاج المواد الانشطارية، فعلى أى دولة تريد صناعة القنبلة الذرية أن تمر بمرحلتين تختلط المرحلة الأولى منهما فى جميع تفاصيلها بتطبيق برنامج الذرة المدنى، وتنتهى بإنتاج المادة الانشطارية، والمرحلة الثانية هى مرحلة عسكرية بحتة تنتهى بتجربة القنبلة، وسوف تستطيع إسرائيل خلال خمس سنوات إحراز تقدم أكبر نسبيا فى الميدان الذرى، وفى خلال السنوات العشر المقبلة سوف تستطيع ثمانى دول أخرى اللحاق بها منها الجمهورية العربية المتحدة، والمتوقع أنه فى نحو 1980 سوف تستطيع أغلب الدول الأخرى التى تمارس الآن برامج أبحاث ذرية النظر فى صناعة القنبلة الذرية».
 
بعد هذا التمهيد الطويل دخل «عكاشة» إلى مطلبه، قائلا للوزير الفرنسى: «اسمح لى أن أدعو الرئيس ديجول أن يكفر عن الذنب الذى ارتكبته الجمهورية الرابعة، وذلك بحلين، الأول، أن تتدخل فرنسا تدخلا إيجابيا لإيقاف إسرائيل عن مواصلة إنتاج قنبلتها الذرية، وهذا هو الحل الأمثل، أما إذا تعذر هذا فلا مفر من أن تمنحونا مساعدتكم الفنية السريعة والفعالة للحاق بالمستوى الذى بلغته إسرائيل بفضل عونكم، ولسنا نطلب تسليمنا القنبلة بطبيعة الحال، ولكننا نطلب بالقدر الكافى من المعلومات الذى يساعدنا على إنجاز قنبلتنا فى وقت واحد مع إسرائيل».
 
قدم «عكاشة» عرضا للوزير الفرنسى، مؤكدا أنه يقترحه بصفة شخصية لإبداء حسن النوايا ، وذلك بأن تقوم مصر وأصدقاؤها بالتخلص من طائراتها الإنجليزية وتحصل على طائرات «الكارافيل»، كما تعهد مصر لفرنسا ببناء سفن أسطولها التجارى.. رد الوزير الفرنسى بأنه سينقل ما سمعه كاملا إلى الرئيس ديجول، وأردف قائلا: «لا أظنك تتوقع منى إجابة فى التو واللحظة»، واقترح عكاشة عليه أن يتلقى الرد منه فى مايو 1966، حيث سيعود إلى باريس لحضور اجتماع المجلس التنفيذى لليونسكو.
 
عاد «عكاشة» إلى فرنسا فى مايو 1966، وفى يوم 11 منه التقى بالوزير الفرنسى على العشاء بمطعم «تور دار جان»، واعتذر له الوزير بأن الفرصة لم تسمح له بالحديث فى الموضوع مع ديجول، وافترقا على أن يعودا للقاء يوم 21 مايو، وفيه قدم «عكاشة» مذكرة تفصيلية تتضمن مطالبه.. يتذكر عكاشة: أخذها ووضعها فى جيبه قائلا: إنى أودعها فى خزانة سرية، وسأتصل بك قبل مغادرتك باريس لإخطارك بالنتيجة بعد عرض الأمر على الرئيس ديجول واستطلاع رأى وزير الخارجية «كوف ده مورفيل».
 
يؤكد عكاشة، أنه فى 27 مايو 1966 أخبره الوزير الفرنسى أن وزير الخارجية استمع منه لكنه لم يذكر رأيه النهائى لكثرة أسفاره، وأنه سيكتب له الرأى النهائى بعد انتهاء المداولات بهذا الشأن بعد العرض على الرئيس ديجول.. يذكر عكاشة: «أثبتت الأيام أن هذه الإجابة كانت لونا من ألوان اللباقة الدبلوماسية».    









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة