أحدث دراسات مركز اليوم السابع للثقافة والفنون والتنوير..البخارى له ما له وعليه ما عليه2..علماء عن محمد بن إسماعيل:ليس معصوما..وعلماء العصر: حديث الذبابة غريب..والإمام محمد عبده: حديث سحر الرسول يتنافى مع القرآن

الثلاثاء، 16 فبراير 2021 11:29 ص
أحدث دراسات مركز اليوم السابع للثقافة والفنون والتنوير..البخارى له ما له وعليه ما عليه2..علماء عن محمد بن إسماعيل:ليس معصوما..وعلماء العصر: حديث الذبابة غريب..والإمام محمد عبده: حديث سحر الرسول يتنافى مع القرآن البخارى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ابن تيمية: حديث «أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ اللّه لها خلقًا آخر» مما وقع فيه الغلط ..ابن حجر العسقلانى يدافع عن «الصحيح» ولكنه يقر بوجود إشكالات.. والإمام محمد عبده: حديث «سحر الرسول» يتنافى مع القرآن الكريم «والله يعصمك من الناس»

 

ذهب البعض إلى تقديس التراث، ووجدوا ضالتهم فى كتاب «صحيح البخارى» لمحمد بن إسماعيل البخارى «وجعلوا من أنفسهم قيمين على الماضى وظنوا أن هناك من يحمل معول هدم، هؤلاء لم يعرفوا أن كبار العلماء المسلمين من أهل السنة والجماعة عبر القرون الإسلامية الطويلة اقتربوا من صحيح البخارى وأشادوا بجهده واختلفوا معه»، وسنواصل فى هذه الحلقة استعراض آراء العلماء الذين أعملوا «علمهم» فى مناقشة الأحاديث التى قدمها الإمام البخارى، وأعلنوا فى كتبهم وفى دروسهم أنهم يختلفون مع كذا وكذا، ومع ذلك لم يكفرهم أحد ولم يخرجهم أحد من دين الله، بل ظل الأمر فى إطاره مجرد اختلاف فى العلم.

 ومن هؤلاء العلماء:
 

أبو بكر الباقلانى توفى 402 هجرية

 
كان يلقب بشيخ السنة، ولسان الأمة، والمتكلم على مذهب أهل السنة والجماعة، وأهل الحديث وطريقة أبى الحسن الأشعرى، أحد كبار علماء عصره انتهت إليه رئاسة المذهب الأشعرى، وإليه انتهت رئاسة المالكية فى وقته، كما يعد من مجددى المائة الرابعة.
 
 ذكر «فتح البارى» لابن حجر العسقلانى فى الجزء الثامن أن القاضى أبو بكر الباقلانى أنكر صحّة حديث صلاة النبى صلى الله عليه وسلم، على جنازة المنافق عبدالله بن أُبى بن سلول، واعتراض عمر عليه والحديث رواه الصحيحان وفيه:
 
 «روى عبد الله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أنه قال: لما مات عبدالله بن أبى بن سلول، دعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت إليه، فقلت يا رسول الله أتصلى على ابن أٌبَّى وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أخر عنى يا عمر، فلما أكثرت عليه قال إنى خيرت فاخترت، لو أعلم أنى إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها، قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة «ولا تصل على أحد منهم مات أبدا» إلى قوله «وهم فاسقون»، قال فعجبت بعد من جرأتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ».
وقال الباقلانى: لا يصحّحه أهل الحديث.
 

ابن برهان توفى 514 هجرية

 

 
كان ابن برهان حنبلى المذهب، ثم انتقل إلى المذهب الشافعى، وكان متبحراً فى الفقه وأصوله والخلاف، وكان حاد الذهن، سريع الحفظ، مواظباً على العلم، حتى صار يُضرب به المثل.
 
 يقول فى كتابه «الوصول إلى الأصول» الجزء الثانى «خبر الواحد لا يفيد العلم، خلافًا لبعض أصحاب الحديث فإنهم زعموا أن ما رواه مسلم والبخارى مقطوع بصحته، وعمدتنا أن العلم لو حصل بذلك لحصل لكافة الناس كالعلم بالأخبار المتواترة».
 وقال: «لأن البخارى ليس معصوما عن الخطأ، فلا نقطع بقوله، لأن أهل الحديث وأهل العلم غلطوا مسلما والبخارى وثبتوا أوهامهما ولو كان قولهما مقطوعا به لاستحال عليهما ذلك».
ابن تيمية توفى 728 هـ 
 
أحد أبرز العلماء المسلمين خلال النصف الثانى من القرن السابع والثلث الأول من القرن الثامن الهجرى، يعرفه القاصى والدانى فى التراث الإسلامى، ويعرف الجميع حرصه الذى يصل لدرجة التشدد.
يقول فى كتابه «مجموع الفتاوى» الجزء الثالث عشر «إن ما وقع فى بعض طرق البخارى «أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ اللّه لها خلقًا آخر»، مما وقع فيه الغلط، وهذا كثير.
 

تاج الدين السبكى توفى 771 هـ

 

 
فقيه شافعى، ومؤرخ عربى وقاضى القضاة فى دمشق، كان طلق اللسان، قوى الحجة، وقد ذكر تاج الدين السبكى فى «طبقات الشافعية الكبرى» يقول: أما إمام الدنيا أبو عبدالله البخارى ففى «جامعه الصحيح» أوهام منها:
 
فى «باب من بدأ بالحلاب والطيب عند الغسل» ذكر فيه حديث عائشة كان النبى إذا اغتسل من الجنابة دعا بشىء نحو الحلاب فأخذ بكفه، ظن البخارى أن الحلاب ضرب من الطيب فوهم فيه، وإنما هو إناء يسع حلب الناقة، وهو أيضا المحلب بكسر الميم وحب المحلب بفتح الميم من العقاقير الهندية.
وذكر فى «باب مسح الرأس كله» من حديث مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه، أن رجلا قال لعبد الله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى: أتستطيع أن ترينى كيف كان رسول الله يتوضأ. 
 
 قوله «جد عمرو بن يحيى» وهم وإنما هو عم أبيه وهو عمرو بن أبى حسن وعمرو بن يحيى بن عمارة بن أبى حسن تميم بن عمرو بن قيس بن محرث ابن الحارث بن ثعلبة بن مازن بن النجار المازنى ولأبى حسن صحبة، وقد ذكره فى الباب بعده على الصواب من حديث وهيب عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال شهدت عمرو بن أبى حسن سأل عبدالله بن زيد عن وضوء النبى الحديث.
 
وذكر فيه أيضا فى «مناقب عثمان بن عفان» أن عليَّا جلد الوليد بن عقبة ثمانين والذى رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة من حديث عبد العزيز بن المختار عن الداناج عبد الله بن فيروز عن حضين بن المنذر عن على أن عبدالله بن جعفر جلده وعلى يعد فلما بلغ أربعين قال على أمسك.

بدر الدين الزركشى توفى 794

 

فقيه شافعى، أصولى ومحدث، له مؤلفات فى علوم كثيرة أبرزها البرهان فى علوم القرآن، والبحر المحيط فى أصول الفقه، والتذكرة فى الأحاديث المشتهرة.
  قال فى كتابه «البحر المحيط» الجزء الرابع، وقال ابن الصلاح: إن جميع ما اتفق عليه البخارى ومسلم مقطوع بصحته، لأن العلماء اتفقوا على صحة هذين الكتابين، والحق أنه ليس كذلك: إذ الاتفاق إنما وقع على جواز العمل بما فيهما، وذلك لا ينافى أن يكون الحق ما فيهما مظنون الصحة، فإن الله تعالى لم يكلفنا القطع، ولذلك يجب الحكم لموجب السنة وإن لم تفد إلا الظن».

الكمال ابن الهمام توفى 861 هـ 

 

تلميذ العز بن عبد السلام وكان إمامًا فى الأصول والتفسير والفقه والفرائض والحساب والتصوف والنحو والصرف والمعانى والبيان والبديع والمنطق.
قال كمال الدين بن الهمام فى كتابه «فتح القدير» الجزء الأول «وقول من قال: أصح الأحاديث ما فى الصحيحين، ثم ما انفرد به البخارى، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرطهما من غيرهما، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما: تحكم لا يجوز التقليد فيه، إذ الأصحية إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التى اعتبراها».
 وقال فى الجزء الخامس من الكتاب نفسه: «قدمنا غير مرة أن كون الحديث فى كتاب البخارى أصح من حديث آخر فى غيره، مع فرض أن رجاله رجال الصحيح أو رجال روى عنهم البخارى: تحكم محض».


محيى الدين الكافيجى توفى 879

 

 
اسمه محمد بن سليمان وهو أستاذ السيوطى، واشتهر بين العلماء بعلمه وتقواه، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان، ومن أبرز كتبه التيسير فى قواعد علم التفسير.
قال فى كتابه «المختصر فى علم الأثر» ما اتفق عليه الشيخان من الصحيح: يفيد الظن بصحته ومضمونه، ما لم يتواتر - خلافا للبعض - لكونه من قبيل غير المتواتر، فظهر ضعف قول من قال إنه يفيد القطع بصحته لاجتماع الأمة على تلقيه بالقبول».
 

الإمام السيوطى توفى 911 هـ

 

 
أما الإمام السيوطى فقد مارس موسوعيته المعروفة فى الإشارة إلى كل الآراء بلا تحرج، ورغم أنه من المنتمين لصحة أحاديث البخارى ولا يتعرض لنقدها لكننا نجده يحكى فى كتابه «تدريب الراوى» عن «النووى» ما معناه أن المحققين والأكثرين خالفوا ابن الصلاح - بالطبع نعرف رأى ابن الصلاح الذى يذهب إلى أن كل أحاديث البخارى صحيحة - فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر.
 
 وقال السيوطى أيضا كذا عاب ابن عبدالسلام على ابن الصلاح هذا القول، وقال البلقينى، ما قاله النووى وابن عبدالسلام.
  ثم يعود السيوطى مرة أخرى ليذكر أن بعض الحفاظ المتأخرين ذهبوا إلى مثل قول ابن الصلاح، منهم جماعة من الشافعية كأبى إسحاق وأبى حامد الإسفرايينى، والقاضى أبى الطيب، والشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وعن السرخسى من الحنفية، والقاضى عبدالوهاب من المالكية، وأبى يعلى، وابن الزعوانى من الحنابلة، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام من الأشعرية، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة.
 

أبو الحسن القابسى توفى 403 هجرية

 

 
نقل عنه «ابن حجر العسقلانى» فى كتابه «فتح البارى» انتقاده لحديث البخارى الذى فيه «اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة: يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ وقالت النار: يعنى أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة: أنتِ رحمتى، وقال للنار: أنتِ عذابى أصيب بك من أشاء، ولكل واحدةٍ منكما ملؤها، قال: فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدًا، وإنه ينشئ للنار من يشاء، فيلقون فيها فتقول: هل من مزيد ثلاثًا، حتى يضع فيها قدمه، فتمتلئ ويرد بعضها إلى بعضٍ، وتقول: قط قط قط».
 
 قال «القابسى» «المعروف فى هذا الموضع أن الله ينشئ للجنة خلقا وأما النار فيضع فيها قدمه قال: ولا أعلم فى شىء من الأحاديث أنه ينشئ للنار خلقا إلا هذا».
 

 الإمام ابن حزم توفى 456 هجرية

 

 
الإمام محمد ابن حزم الظاهرى رجل له مكانته وعلمه فى التراث الإسلامى فى الفقه والحديث، وقد اهتم ابن حزم بصحيح البخارى، فقد ذكر «حاجى خليفة» فى كتابه «كشف الظنون» أن الإمام ابن حزم له عدة أجوبة على صحيح البخارى، منها ما يتعلق بأبواب تقع بلفظ الحديث لكنها ليست من شرطه.
وقد انتقد الإمام ابن حزم أحاديث منها:
 

الحديث الأول: حديث الإسراء 

 

قال البخارى: حدثنى عبد العزيز بن عبد الله: عن سليمان، هو ابن بلال، عن شريك بن عبدالله قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه.
هكذا قال، ثم مضى فى الحديث وفيه: حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة.
 
 قال ابن حزم: فهذه ألفاظ معجمة منكرة:
أولها: قوله: قبل أن يوحى إليه وأنه حينئذ فرضت عليه الخمسون صلاة.
وهذا بلا خلاف من أحد من أهل العلم: إنما كان قبل الهجرة بسنة بعد أن أوحى إليه بنحو اثنتى عشرة سنة، فكيف يكون ذلك قبل أن يوحى إليه».
 

ابن عبد البر توفى 463 هجرية

 

 
فقيه ومحدث أندلسى له عدد من الكتب منها «التمهيد لما فى الموطأ من المعانى والأسانيد، والإنباه على قبائل الرواة» وغيرهما، ومن الأحاديث التى نقد فيها البخارى:
 
 روى البخارى من طريق يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد الجهنى، أنه سأل عثمان بن عفان رضى الله عنه، فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمْنِ؟!. فقال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عن ذلك على بن أبى طالب والزبير وطلحة وأبى بن كعب رضى الله عنهم. فأمروه بذلك.
 
 قال ابن عبد البر فى التمهيد: قال يعقوب بن شيبة: سمعت على بن المدينى وذكر حديث يحيى بن أبى كثير هذا فقال: إسناده جيد ولكنه حديث شاذ، وقد رُوى عن عثمان وعلى وأبى بن كعب أنهم أفتَوا بخلافه. قال يعقوب بن شيبة: هو حديث منسوخ كان فى أول الإسلام ثم جاء بعدُ عن النبى أنه أمر بالغسل من مس الختانِ الختانَ أنْزل أم لم ينزل. 
 
 وقال القاضى أبو بكر بن العربى فى كتابه المسالك فى شرح موطأ مالك: هذا حديث منكر، لا يُعرف من مذهب عثمان ولا من مذهب على ولا المهاجرين، انفرد به يحيى بن أبى كثير، وهو ثقة إلا أنه جاء بما شذ فيه وأنكِر عليه.
 
الغسانى الجيانى توفى 498 هجرية
 
يعد أبو على الغسانى الجيانى المولود سنة «427هـ» شيخ الأندلس بلا منازع، ومن يُضرب أكباد الإبل فى الرحلة إليه من بقية أنحاء الأندلس وخارجها وأثنى ابن بشكوال عليه بقوله «كان من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء المسندين» وكتب عدة كتب من أبرزها «تقييد المهمل وتمييز المشكل».
 وفى هذا الكتاب يبحث أبو على الغسانى فى تراجم رجال صحيحى البخارى ومسلم وذكر فى مقدمته «هذا كتاب يشتمل على التعريف بشيوخ من حدث عنهم البخارى فى كتابه وأهمل أنسابهم وذكر ما يعرفون به من قبائلهم وبلدانهم مثل ما يقول حدثنا «محمد حدثنا أحمد ولا ينسبهما وحدثنا إسحاق ولا يزيد على ذلك شيئا».
وذكر أبو على الغسانى كتب من سبقه فى هذا المجال، ووضح أن كل واحد منهم لم يستوعب كل الأسماء، لذلك اعتمد على تلك الكتب وجمع ما تفرق فيها وضم بعضها إلى بعض ورتبه حسب حروف المعجم، وضبط فيه كل لفظ يقع فيه اللبس من رجال الصحيحين فى جزئين.
 وأشار الإمام النووى إلى أن «الغسانى» استدرك على البخارى ومسلم أحاديث أخلا بشرطهما فيها، ونزلت عن درجة ما التزماه، ونبه فيه على الأوهام الواقعة فى الصحيحين كل علة على حدة ومعظمها متوجهة إلى الرواة عنهما.


الإمام محمد عبده توفى 1905 ميلادية

 

 
نعرف جميعًا الإمام محمد عبده «1849 – 1905» ميلادية، مفتى الديار المصرية الأشهر، وأحد مجددى الخطاب الدينى فى التاريخ الإسلامى، وجانب من تأثيره الدينى تمثل فى تأملاته بالأحاديث:
 
 يقول الشيخ محمد عبده حسبما ذكر تفسير المنار «وأما ما ورد فى حديث مريم وعيسى، من أن الشيطان لم يلمسهما، وحديث إسلام شيطان النبى صلى الله عليه وسلم، وإزالة حظ الشيطان من قلبه، فهو من الأخبار الظنية، لأنه من رواية الآحاد، ولما كان موضوعها عالم الغيب، والإيمان بالغيب من قسم العقائد، وهى لا يؤخذ فيها بالظن، لقوله تعالى: وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا «النجم: 28» كنا غير مكلفين بالإيمان بمضمون تلك الأحاديث فى عقائدنا».
 كما وجدنا للإمام محمد عبده وقفه مهمة مع حديث «سحر النبى» والذى فيه:
 
الحديث رواه البخارى ومسلم عن السيدة عائشة رضى الله عنها، قالت «سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجل من بنى زريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخيل إليه أنه كان يفعل الشىء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة، وهو عندى، لكنه دعا ودعا، ثم قال: يا عائشة أشعرت أن الله أفتانى فيما استفتيته فيه، أتانى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلى، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فبأى شىء؟ قال: فى مشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: فى بئر ذروان، فأتاها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى ناس من أصحابه، فجاء فقال: يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، قلت: يا رسول الله، أفلا استخرجته؟ فقال: قد عافانى الله، فكرهت أن أثوِّر على الناس فيه شرًا، فأمر بها فدفنت».
 
 قال الإمام محمد عبده فى تفسير قوله «والله يعصمك من الناس» «ولا يخفى أن تأثير السحر فى نفسه عليه السلام حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أنه يفعل شيئًا وهو لا يفعله، ليس من قبيل تأثير الأمراض فى الأبدان ولا من قبيل عروض السهو والنسيان فى بعض الأمور العادية، بل هو ماسّ بالعقل آخذ بالروح، وهو ما يصدق قول المشركين فيه:
 
«إن تتبعوا إلا رجلًا مسحورًا» وليس المسحور عندهم إلا من خولط فى عقله وخُيل له أن شيئًا يقع وهو لا يقع فيخيل إليه أنه يوحى إليه وهو لا يوحى إليه، وقد قال كثير من المقلدين الذين لا يعقلون ما النبوة وما يجب لها أن الخبر بتأثير السحر فى النفس الشريفة قد صحّ فيلزم الاعتقاد به وعدم التصديق به من بدع المبتدعين لأنه ضرب من إنكار السحر وقد جاء القرآن بصحة السحر.
 
 والذى يجب اعتقاده أن القرآن مقطوع به وأنه كتاب الله بالتواتر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، فهو الذى يجب الاعتقاد بما يثبته وعدم الاعتقاد بما ينفيه، وقد جاء بنفى السحر عنه صلى الله عليه وسلم، حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه ووبّخهم على زعمهم هذا، فإذن هو ليس بمسحور قطعًا، وأما الحديث على فرض صحته فهو آحاد، والآحاد لا يؤخذ بها فى باب العقائد، على أن الحديث الذى يصل إلينا من طريق الآحاد إنما يحصل الظن عند من صح عنده، أما من قامت له الأدلة على أنه غير صحيح فلا تقوم به عليه حجة، وعلى أى حال قلنا: بل علينا أن نفوض الأمر فى الحديث ولا نحكمه فى عقيدتنا ونأخذ بنَصّ الكتاب وبدليل العقل».
 

محمد رشيد رضا توفى 1935م

 

 
يقول محمد رشيد رضا «1849 – 1935» تلميذ الإمام محمد عبده، فى «تفسير المنار» بعد أن عرض الأحادیث المنتقدة على البخارى «وإذا قرأت ما قاله الحافظ ابن حجر - فیھا رأیتھا كلھا فى فن الصناعة، ولكنك إذا قرأت الشرح نفسه «فتح البارى»، رأیت له فى أحادیث كثیرة إشكالات فى معانیھا، أو تعارضھا مع غیرھا، أكثر مما صرح به الحافظ نفسه، مع محاولة، من الحافظ، الجمع بین المختلفات، وحل المشكلات بما یرضیك بعضه دون بعض».
كذلك ذكر محمد رشيد رضا فى مجلة المنار المجلد 29 أن «حديث الذبابة غريب عن الرأى والتشريع، فمن قواعد الشرع العامة أن كل ضار قطعًا فهو محرم قطعًا، وكل ضار ظنًا فهو مكروه كراهة تحريمية أو تنزيهية على الأقل.
 

 أحمد بن الصديق الغمارى توفى 1960

 

 
عاش أحمد بن صديق الغمارى فى الفترة بين «1901- 1960» وهو مغربى مشهود له بالعلم والحفظ لسنة النبى الكريم، وقد تجاوزت مؤلفاته المائة مؤلف.
 قال الغمارى فى كتابه «المغير على الأحاديث الموضوعة فى الجامع الصغير» فكم من حديث صححه الحفاظ، وهو باطل بالنظر إلى معناه ومعارضته للقرآن أو السنّة الصحيحة أو مخالفة الواقع أو التاريخ، وذلك لدخول الوهم والغلط فيه على المعروف بالعدالة، بل قد يتعمد الكذب! فإن الشهرة بالعدالة لا تفيد القطع فى الواقع، ومنها أحاديث الصحيحين: لأن فيها ما هو مقطوع ببطلانه، فلا تغتر بذلك ولا تتهيب الحكم عليه بالوضع لما يذكرونه من الإجماع على صحة جميع أحاديث الصحيحين غير مقبول ولا واقع.
 

محمود أبو رية توفى 1970

 

 
عاش محمود أبو رية فى الفترة بين «1889 – 1970» من علماء مصر جمع بين الدراسة المدنية بالمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الدينية، من آثاره «علىّ وما لقيه من أصحاب الرسول، أبو هريرة شيخ المضرة، السيد البدوى، حياة القرى، صيحة جمال الدين الأفغانى، رسائل الرافعى، ودين الله واحد».
 أما كتابه الأبرز فهو «أضواء على السنة المحمدية» وقد واجه بسببه الكثير من المشاكل، وتكلم أبو رية فى كتابه عن الوضع فى الحديث النبوى والرواة المكثرين للإسرائيليات وغير ذلك، مما يعد مواضيع حساسة فى تاريخ الحديث.
 
 ویقول محمود أبو ریة فى كتابه الذى قدم له الدكتور طه حسين «إنھم - أى العلماء - أعلَّوا أحادیث كثیرة مما رواه البخارى ومسلم، وكذلك نجد فى شرح ابن حجر للبخارى والنووى لمسلم استشكالات كثیرة، وألف علیھما مستخرجات متعددة، فإذا كان البخارى ومسلم - وھما الصحیحان - كما یسمونھما - یحملان كل ھذه العلل والانتقادات وقیل فیھما ھذا الكلام - دع ما وراء ذلك من تسرب الإسرائیلیات إلیھما، وخطأ النقل بالمعنى، وغیر ذلك فى روایتھما - فترى ماذا یكون الأمر فى غیر البخارى ومسلم.
 
 وتحت عنوان «مات البخارى قبل أن يبيض كتابه» قال محمود أبو رية:
يظهر أن البخارى مات قبل أن يبيض كتابه، فقد ذكر بن حجر فى مقدمة الفتح، أن أبا إسحق إبراهيم بن أحمد المستملى قال: انتسخت كتاب البخارى من أصله الذى كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربرى، فرأيت فيه أشياء لم تتم، وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شىء، ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض.
 

محمد الغزالى توفى 1996 م 

 

 
ذكرنا من قبل حديث سحر النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان رد الشيخ محمد الغزالى فى كتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث»، هناك قضايا لا يجوز فيها التساهل لخطورتها، وقد شعرت بالغيظ والحرج وأنا أقرأ أن يهوديًّا وَغْدًا سحر النبى، صلى الله عليه وسلم، وأعجزه عن مباشرة نسائه مدة قدرها ابن حجر بستة أشهر! أكذلك تُـنال القمم؟!
 
كما رفض الشيخ الغزالى حديث فقء سيدنا موسى عين ملك الموت، فقال: «إن الحديث صحيح السند، لكن متنه يثير الريبة، إذ يفيد بأن موسى يكره الموت، ولا يحب لقاء الله بعدما انتهى أجله، وهذا المعنى مرفوض.. ثم هل الملائكة تعرض لهم العاهات التى تعرض للبشر من عمى أو عور؟!!.. لما رجعت إلى الحديث فى أحد مصادره ساءنى أن الشارح جعل رد الحديث إلحاداً!».
 ويستنكر «الغزالى»، أى دفاع عن الحديث ويقول: «إنه دفاع تافه لا يساغ، ومن وصم منكر الحديث بالإلحاد فهو يستطيل فى أعراض المسلمين، والحق أن فى متنه علة قادحة تنزل به عن مرتبة الصحة».
 

محمد ناصر الدين الألبانى توفى 1999 م

 

 
عاش الشيخ الألبانى فى الفترة بين «1914 – 1999» له الكثير من الكتب والمصنفات فى علم الحديث وغيره وأشهرها السلسلة الصحيحة والسلسلة الضعيفة وصحيح الجامع والضعيف الجامع وصفة صلاة النبى.
 
 ويقول الشيخ الألبانى فى مقدمه كتابه «آداب الزفاف» لا بد لى من كلمة حق أبديها أداء للأمانة العلمية، وتبرئة للذمة، وهى أن الباحث الفقيه لا يسعه إلا أن يعترف بحقيقة علمية، عبر عنها الإمام الشافعى رحمه الله فيما روى عنه من قوله: أبى الله أن يتم إلا كتابه، لذلك أنكر العلماء بعض الكلمات وقعت خطأ من أحد الرواة فى بعض الأحاديث الصحيحة.
 
والأحاديث أعلها الألبانى وضعفها من وجوه منها، «أحاديث ضعفها بسبب التكلم فى أحد الرواة، أحاديث ضعفها بسبب شذوذ أو غرابة أو نكارة أحد ألفاظ المتن، إدراج لفظ زائد فى الحديث وهو ليس منه، اضطراب السند والمتن». 
 

ومن الأحاديث التى نقدها الألبانى:

 

 
الحديث الأول:  «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات.. «قال الشيخ الألبانى ضعيف، أخرجه البخارى وأحمد والبيهقى عن طريق عبد الرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه عن أبى صالح، عـن أبـى هريـرة مرفوعـاً بـه».
 
 الحديث الثانى: كان له فرس يقال لها: الظَّرِب، وآخر يقال له : الِّلزاز، ولفظ البخارى «كان للنبى صلى االله عليه وسلم فى حائطنا فرس يقال له الَّلحيف»، قال الشيخ الألبانى: ضعيف، أخرجه البيهقى عن ابن عباس، عن أخيـه مـصدق بـن عباس، عن أبيه، قال: فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف.
الحديث الثالث: «لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا فى حد من حدود الله»، قال الشيخ الألبانى: منكر بلفظ: «العقوبة»، أخرجه البخارى قال حدثنا عمرو بـن علـى: حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا مسلم بن أبى مريم حدثنى عبد الرحمن بن جابر عمـن سـمع النبى صلى االله عليه وسلم قال:... فذكره.
 الحديث الرابع: «بينما أنا قائم، فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم، خرج رجل من بينى وبينهم فقال: هلم. فقلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله! قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم».
 
 ضعف الشيخ الألبانى هذا الحديث لعلتين: الأولى: إسناده وفيه فليح بن سليمان وابنه. والثانية: متنه.
 قال الشيخ الألبانى: «وهذا إسناد غريب، تفرد به البخارى دون مـسلم وسـائر أصـحاب الصحيح، وعلته عندى فى إسناده ومتنه وأما ما يتعلق بالمتن: ففيه مخالفـة لأحاديـث الحوض الكثيرة جداً، وهى قد جاوزت الثلاثين حديثاً أو قريباً من ذلك عند البخارى وغيـره.
المدافعون عن الإمام البخارى يعترفون بالإشكالات
نتوقف مع مجموعة من العلماء الأجلاء الذين راحوا يدافعون عن الإمام البخارى وصحيحه ووهبوا علمهم لذلك، لكنهم فى الوقت نفسه يعترفون إذا أشكل عليهم الأمر بأنه مشكل وغير واضح.


ابن حجر العسقلانى توفى 1449 ميلادية

 

 
 إن قيمة ابن حجر العسقلانى معروفة بالنسبة لصحيح البخارى فهو صاحب «فتح البارى فى شرح صحيح البخارى» والذى يعد أشهر كتاب ورد فى شرح الصحيح، وقد كان «ابن حجر» مهتما بشرح المشكل، لكنه فى الوقت ذاته كان يعترف بما يقابله من تعسف.
 
 قال ابن حجر فى «هدى السارى مقدمة فتح البارى»، وعدّة ما اجتمع الناس، على قدحه من الأحاديث، ممّا فى كتاب البخارى وإن شاركه مسلم فى بعضه مائة وعشرة حديثا منها ما وافقه مسلم على تخريجه وهو اثنان وثلاثون حديثا.
 
 وجاء فى مقدمة فتح البارى: فقد تناول جماعة من المحدثين وعلماء الرجال أكثر من ثلاثمائة من رجال البخارى فضعّفوهم، وأشار - بعد سرد أسمائهم - إلى حكاية الطعن والتنقيب عن سبب ضعفهم.
 

حديث العبد المملوك

 

 روى البخارى عن أبى هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للعبد المملوك الصالح أجران، والذى نفسى بيده لولا الجهادُ فى سبيل الله والحج وبر أمى لأحببت أن أموت وأنا مملوك».
 وعلق «ابن حجر» فى فتح البارى فقال «قوله: والذى نفسى بيده لولا الجهاد فى سبيل الله والحج وبر أمى لأحببت أن أموت وأنا مملوك، ظاهر هذا السياق رفْع هذه الجُمل إلى آخرها، وعلى ذلك جرى الخطابى، وجزم الداودى وابن بطال وغير واحد بأن ذلك مدرج من قول أبى هريرة، ويدل عليه من حيث المعنى قوله «وبر أمى»، فإنه لم يكن للنبى صلى الله عليه وسلم حينئذ أم يبَرُّها، ووجَّهه الكرمانى فقال أراد بذلك تعليم أمته، وفاته التنصيصُ على إدراج ذلك، فقد فصله الإسماعيلى من طريق أخرى عن ابن المبارك ولفظه «والذى نفس أبى هريرة بيده».
 وقال فى النكت على كتاب ابن الصلاح «هذا الفصل الذى فى آخر الحديث لا يجوز أن يكون من قول النبى صلى الله عليه وسلم، إذ يمتنع عليه أن يتمنى أن يصير مملوكا، وأيضا فلم يكن له أم يبرها، بل هذا من قول أبى هريرة أدرِج فى المتن».
 

ابن عثيمين توفى 2001

 

 
المعروف عن الشيخ محمد بن صالح العثيمين انتصاره للبخارى لكن فى حديث رواه الإمام البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة: يا رب مالها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ وقالت النار: يعنى أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة: أنتِ رحمتى. وقال للنار: أنت عذابى أصيب بك من أشاء، ولكل واحدةٍ منكما ملؤها. قال: فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً، وإنه ينشئ للنار من يشاء، فيلقون فيها فتقول: هل من مزيد ثلاثاً، حتى يضع فيها قدمه، فتمتلئ ويرد بعضها إلى بعضٍ، وتقول: قط قط قط».
 
 ذكر الشيخ بن عثيمن أن هذا الحديث ورد فى الدلالة على رحمة الله تعالى، لكنه توقف عند قوله: «وإنه ينشئ للنار من يشاء» هذا اللفظ يوهم أن الله تعالى يعذب فى النار من لا ذنب له.
 
 وسلك فى دفع هذا التعارض بتضعيف الحديث بهذا اللفظ، والجزم بوقوع الغلط فيه وقال: إن الحديث لا يصح بهذا اللفظ، وأنه مما وقع فيه الغلط من بعض الرواة، حيث انقلب عليه الحديث، فجعل الإنشاء للنار، والصواب أن الإنشاء للجنة، بدليل ما أخرجاه فى الصحيحين – واللفظ للبخارى – من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «تحاجت الجنة والنار»، فذكر الحديث إلى أن قال: «فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول: قط قط. فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشىء لها خلقاً».
 
 وقال ابن عثيمين فى شرح «المنظومة البيقونية»: ومن الشذوذ أن يخالف ما عُلم بالضرورة من الدين، مثاله: فى صحيح البخارى - فى بعض الروايات – رواية»أنه يبقى فى النار فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا، فيُنشئ الله لها أقواما فيدخلهم النار»، فهذا الحديث وإن كان متصل السند فهو شاذ، لأنه مخالف لما عُلم بالضرورة من الدين، وهو أن الله تعالى لا يظلم أحدًا، وهذه الرواية - فى الحقيقة - قد انقلبت على الراوى، والصواب «أنه يبقى فى الجنة فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا، فيُنشئ الله أقوامًا فيدخلهم الجنة»، وهذا فضل ليس فيه ظلم، أما الأول ففيه ظلم.
وفى النهاية نقول، يظل الإمام محمد بن إسماعيل البخارى واحدا ممن شكلوا التراث الإسلامى، وساهموا فى صناعة «علوم إسلامية» وقد بذل جهدا عظيما، لكنه عمل بشرى به إصابات وبه أخطاء، وأتمنى أن يواصل العلماء والباحثون قراءة التراث العربى القديم، وينظرون إليه نظرة الناقد الفاهم، فيتفقون ويختلفون، وذلك من أجل مزيد من الفهم.
 
p.4
 
p
p

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة