عبد الرحيم طايع: راضٍ عن تجاربى الإبداعية والشعر فى مصر بخير.. "حوار"

السبت، 13 فبراير 2021 12:00 م
عبد الرحيم طايع: راضٍ عن تجاربى الإبداعية والشعر فى مصر بخير.. "حوار" الشاعر عبد الرحيم طايع
حاوره محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- لا أشعر بالغربة فى القاهرة، على عكس معظم أهلى الصعايدة!

- نيل الشعر المصري لا يتوقف عن الجريان!

-لا يزال يعجبنى الأدب الذى يملك فلسفة تقدمية خاصة أخاذة، ويمس الوجدان بالإنسانيات العالية، ويتوخى الصواب اللغوى

-معظم الأغانى التى كتبتها حبيسة الأدراج

- أعتز بتجربتى المستمرة في نطاق مقالات الرأى للصحافة

- اتحاد الكتاب مسؤوليته جماعية، تشمل الكل، ولا تنحصر فيمن يديرونه، وليس على أحد أيا كان أن يتنصل منها

 

يعد "عبد الرحيم طايع" واحدا من المبدعين المصريين المميزين، فقد كتب فى شتى مجالات الأدب، باستثناء المسرحية حتى الآن، أصدر أحد عشر كتابا، وفى الشعر مر بكافة الأشكال الشعرية، فى نطاقى العامية والفصحى، وبرع فيما كتبه، حيث كتب الأغنية والدراسة الشعبية والرواية والقصة، وإن لم ينشر مجموعته القصصية بعد، ونجح، كصاحب رأى فى الصحافة،  فى جذب جمهور إضافي، إذ حرص على تناول كافة القضايا المطروحة على الساحتين المحلية والدولية، وأخيرا أعلن عن قرب صدور كتابه الجديد، وهو المنتمى إلى أدب السير، عن سيرة والده الشيخ الأزهرى العالم وريث الأولياء، كما وصفه، وكان لـ اليوم السابع معه هذا الحوار.
 
اخترت القطار للسفر
اخترت القطار للسفر
 

- تنوع إنتاج عبد الرحيم طايع الأدبى بحيث شمل كافة الأشكال إلا قليلا. هل مثَّل ذلك ثراء لتجربتك؟

- بلا ريب.. هذا يميز الواحد تماما، لا سيما حين يصفه المعتبرون بالإجادة فى جميع ما طرقه من فنون الكتابة، والأهم حين يجد فى نفسه همة عالية للكتابة مهما يكن لونها، وبأنفاس طويلة هادئة واحدة، ومشاعر وأحاسيس متساوية أو تكاد أن تتساوى.
 

- نشرت ديوانا شعريا عن والدتك وأعلنت عن قرب صدور كتاب نثرى عن والدك. لماذا اخترت الشعر لوالدتك والنثر لوالدك؟!

فى العادة لا يعرف المبدع لماذا يعبر عن فكرة معينة بالشعر وعن أخرى بالنثر، أنا على الأقل لا أعرف، لكننى أجد القالب المناسب يتحدد فى ذهنى مع تبلور الفكرة.. أمى كانت قصيدة فى جميع الأحوال، وأبي، الذى كان عملاقا فى علم العروض بالمناسبة ومرَّ بالشعر وإن لم يحترفه، برز لي، حين برز، سطورا محكمة تجلِّلها مهابة البلاغة ولا ينظمها الوزن الشعرى (يرحمهما الله)!!.
 
عبد الرحيم طايع (1)
عبد الرحيم طايع
 

- النشأة فى قنا والحياة فى القاهرة.. كيف أثَّرَت فى مشروع عبد الرحيم طايع الإبداعي.. وهل ترى أنك مظلوم بين أقرانك أم أنك استطعت أن تأخذ المكانة التى تستحقها؟

- قنا والقاهرة أحب بلدين لى فى الوطن.. محل ميلادى الغالى وعاصمتى الحبيبة، وعلى عكس معظم أهلى الصعايدة، أنا لا أشعر بالغربة فى القاهرة، لكن أجد فيها أُنْسا يشبع الروح، وقد أثَّرَت هذه المحبة فى إبداعى طبعا وأَثْرَته؛ فكم تقلَّبت بين البلدين العزيزين، وإذا كانت قنا باختصار هى الفلكلور، والمعنى أنها الشق الشعبى الخالص من الحالة عموما، كأنها القرية الكبرى حتى لو كانت مدينة بكل ما تعنيه الكلمة، لا سيما فى الوقت الحاضر، وإن ظلت مترددة بين قرويتها ومدينيتها حتى الساعة، فإن القاهرة هى الشق الآخر، هى المدينة الصارخة، وإن داخلها الوجه الريفى بقوة فى الواقع الحديث للأسف، وشوَّشها بلا جدال، وشوَّهها قليلا أو كثيرا،هى الباليه والبانتومايم وفن التمثيل والدوبلاج والطباعة بالمعنى الاحترافى على سبيل المثال، وهى فندق النجوم الخمس على مستوى آخر، والأهلى والزمالك، وملتقى البشريين الحر، وأحلام الموهوبين المغمورين بالشهرة الطاغية، وروائح التاريخ المؤثِّر المتتابع، ومع الاندماج الجغرافى فإن البلدين تحوى كلٌّ منهما شيئا مما تحويه الأخرى، بنسب متفاوتة بالطبع، لكن بمرور الوقت وحدوث التطور الحتمى ستملك الأقاليم كل ما تملكه العواصم يقينا، بالنسبة لأقرانى يكفينى احترامهم البالغ لي، احترامهم الباذخ عن احترامهم لغيري، أنا جدير بالرفعة فى قلوبهم وعقولهم وخواطرهم، وهذا يعنينى بشدة حتى لو سبقنى أحدهم إلى مجدٍ ما!.
 
السلامة والغنامة
السلامة والغنامة

- عبد الرحيم طايع تم تكريمه من مؤتمر أدباء مصر 2016 وقبلها نال جائزة اتحاد الكتاب فى الشعر 2015.. هل ترى مثل هذا تكريما كافيا لك وجائزة تقوم مقام التقدير الوافى لمشروعك؟

- هذه أحداثٌ طيبة، غير أن التكريم والتقدير الفعليين هو أن يصل المبدع إلى حدٍّ يقارب الطمأنينة المعنوية والاستغناء المادي.. وأنا، إلى هذه اللحظة، ليس لدى عمل ثابت،وكثيرا ما أهمل دوائى الضروري،الذى قد يعنى الحياة،لقلة ما فى يدى وكثرة التزاماتي، وهذا مؤسف تماما.. لا أنسى أننى فى يوم قديم تركت عملى الحكومى من أجل التفرغ للمجال الذى يستهويني، ولقد نبغت فى المجال حتى كرموني، مشكورين، وأعطونى جائزة أستأهلها بدون شك، لكنهم تركونى أواجه الحياة وحيدا، وكان يجب أن يسألوني، وأنا المكرم والمقدر، هل تأكل وتشرب وتدفع الإيجار وتشترى الملابس وتعلم أطفالك ببساطة وأريحية أم تُرَاك تعاني؟.. فى النهاية، أنا أطلب المكافأة الكبرى من سنين قادمة، أرجو أن تكون جادة ومنصفة وذات جزاء عظيم؛ فالسنين الحالية ليست كذلك، إلى درجة أننى أحيانا أجد صناعة الأشياء البديعة فيها صنفا من صنوف العبث!
 

- أنت من شعراء العامية المجيدين بشهادة الأغلبية.. كيف تقيِّم مشهد شعر العامية فى مصر، وما هو تقييمك للمشهد الشعرى بشكل عام؟

- مشهد شعر العامية بالغ الثراء والتنوع، بما قد يجعل مهمة اختصاره في سطور صغيرة من المستحيلات.. والمشهد الشعرى العام كمثله، يحتاج الأمر فقط إلى يقظة وزارة الثقافة، والهيئات المعنية حكومية كانت أو خاصة، والجماهير من قبل ومن بعد، أعنى باليقظة ههنا النباهة المتزامنة مع جريان نِيلِ الشعر المصرى الذى لا يتوقف البتة، أيما ينبغى على كل كيان مذكور فعله بإزاء التجليات الشعرية الكثيفة المتعددة المدهشة، ويحتاج الأمر بالبداهة إلى التنقية الدائمة وعدم المجاملة بصورة قطعية وضرب الشللية فى مقتل، ودعم المشهد بكل ما يحقق رسوخه وصموده وترقِّيه!
 
غرقانين
غرقانين
 

- أسماء توصى بقراءتها أو تجارب تعجب عبد الرحيم طايع؟

- لا أحدد أحدا بمحدداتى الشخصية؛ فالأذواق تختلف ولو تشابهت المشارب.. لكننى أوصى الجميع، بمن فيهم الذين عمقت نباتاتهم فى الحقل الفسيح للكتابة، بالمواظبة على كل ما من شأنه أن يجعلهم فى صدارة النخبة المثقفة المتفتحة بالمعنى الحرفى للكلام، وبالقراءات التأسيسية المتواصلة، فى علوم اللغة العربية بالذات، وفى الأمهات، والآداب الشرقية والغربية المترجمة، بل أن يحرصوا على أن تكون قراءاتهم واسعة لا ضيقة ومفتوحة لا مغلقة وشمولية لا تخصصية، وأما التجارب التى لا زالت تعجبنى فتنحصر فى كل ما يملك فلسفة تقدمية خاصة أخاذة، ويمس الوجدان بالإنسانيات العالية، ويتوخى الصواب اللغوى (قاعدة ومعجما) بلا تعقيد!.
 

- عبد الرحيم طايع صديق مقرَّب من النَّجم "محمد منير". ما تقييمك لتجربة "منير" ومشروعه سابقا وحاليا؟

حلقة فارقة فى سلسلة الغناء بالحق لا الادعاء، المغنى الأكبر كما كنت أحبذ مناداته كلما كنا نلتقى، وقد كنت أحب ألا تنقسم تجربته إلى معنيى السابق واللاحق، لكن هذا ما جرى بسمو ملحوظ للقديم على المعاصر، لو أردنا الدقة، لكن فى الملمحين ما يثير عشاق التجربة ويشد انتباه المتلقين الواعين على كل حال!.
 

- كتبت الأغنية ضمن ما كتبت.. وأشاد بها المتخصصون.. لماذا لم تكتمل التجربة؟

- لم ترقنى الشروط الاحترافية؛ فحافظت على نفسى هاويا، غنَّى لى أصدقائى  الرائعون أحمد إسماعيل ومصطفى رزق وأحمد الطويلة وأسامة المهدي، وغيرهم.. وتركنى الجيل الذى فضلته، جيل الوسط بالذات، كمنير والحجار والحلو ومدحت صالح وإيمان البحر درويش، أعنى أنهم لم يفهموا ضديتى مع شروط الاحتراف القبيحة المجحفة، رفضت محاولات الوصول إلى هؤلاء لأن الموانع كثيفة وعجيبة ومريبة، على الرغم من شهرتى الموازية فى مجالي، وهم عجزت أيديهم، إلى الآن، عن أن تمتد ليدى بما يحقق لى ولهم نجاحا مذهلا ومضمونا بالمناسبة؛ فثقتى فيما كتبته من أغانٍ كثقتى فى أصواتهم الفريدة.. ظلت معظم الأغانى التى كتبتها، وليست بقليلة، حبيسة الأدراج باكية، إلا أننى أنتوى إصدارها فى دواوين خاصة لاحقا، وليغنها من يشاء، بشرط التعامل معها بما تستحقه من اللياقة والذكاء والتقدير المادى المناسب لاسمى أيضا!.
 

- عن تجربتك فى كتابة مقالات الرأى لبعض الصحف والمواقع.. هل استطعت استيعاب صيغة العمل الصحفى والتعاطى مع الجمهور بمستوى لغوى غير الذى اعتدت عليه إبداعيا؟

- هذا القول من الأهمية بمكان؛ فتعدد المستويات اللغوية يلزم المبدع ولا بد أن يكون قادرا على بلوغه، صعودا ونزولا، ومن بداية عملى ككاتب رأى بالصحافتين الورقية والإلكترونية أدركت الأمر وسرنى تفوقى فيه، بل هناك تحدٍّ جِدِّى يُذكَر، هو التحدى الخاص بعدد الكلمات؛ لأنه معلِّم اختزال عظيم، وأنا تستهوينى لعبة الاختزال، كما أن الكتابة الدورية للصحافة فرصة لاطلاع الكاتب على ما يغيب عنه من الأحداث، ولجمع معلومات حولها، واستعراض رأيه فيها بصورة مباشرة، من المهم أن تكون وافية وألمعية طبعا، وقد صارت لى قاعدة جماهيرية بهذا الصدد ترضى الغرور بعيدا عن الكتابة الفنية التى لها عوالمها المغايرة!.
 
كسر خاطر
كسر خاطر
 

- كيف يرى ضميرك حركة النقد فى مصر؟

- قاصرة عن متابعة الإنتاج الشعرى والأدبى الوافر، ومليئة بالاستعراض المعلوماتى الممجوج والغرائبية الزائدة والمصطلحات الغامضة، والمحاولات الجيدة تتمثل فى اجتهادات فردية تتسم بالصدق والنبل وتتجاوز الذاتية إلى الموضوعية وتركز على البعد التنويرى وتنأى عن المناطق المظلمة، كاجتهادات العم والصديق الرمز "سيد إمام"، ومن جهة أخرى، للأمانة، يحتاج النقد عندنا إلى جمع شتات أفراده ورفع المظلومية عنهم والعناية بدورهم الراصد الكاشف الخطير، دافع عجلة الإبداع إلى الأمام.
 

- أنت عضو عامل فى اتحاد كتاب مصر.. كيف تقيم أداء الاتحاد خصوصا بعدواقعة السرقات الأدبية الأخيرة لواحد نال العضوية بواسطتها، وهل لديك رؤية شاملة لإصلاح الاتحاد؟

- ما حدث خطأ فادح يرقى إلى مسمى الجريمة ودلالاتها، ولا بد من المساءلة والمحاسبة، لكن أظن الأوضاع بهذا الشأن فى طريقها إلى التصحيح الآن، الاتحاد يتطلب كثيرا من تعاون أعضائه مع إدارته، بلا تراخ ولا تربص، كلنا يجب أن نكون على قلب رجل واحد، وألا ننتهز الفرص للهدم، وإن كان لا بد من الهدم، بالاتفاق التام أو ما شابه، فليكن بالوسائل القانونية المشروعة وصناديق الانتخابات النزيهة بالفعل لا الكلام، وإن الهدم ليقوم مقام البناء الصلب ساعتها لا التحطيم والإسقاط بالمعنى السلبى الكارثي، وقد كتبت عن الاتحاد، عن معاشه الضئيل وخدماته المحدودة البائسة وروتينية موظفيه والاختلالات التى فيه، غير أننى لا أرى، كما يرى آخرون كثيرون، أن الحل فى يد شخص واحد، وهو من يمنع إنفاذه، فلماذا يمنع إنفاذه لو كان فى يده فعلا وفى ذلك راحة له من صداع رهيب؟!، لكننى أرى الحل فى يدنا كلنا أجميعن، أرى المسؤولية جماعية، تشمل الكل، ولا تنحصر فيمن يديرون الاتحاد، وليس على أحد أيًّا كان أن يتنصَّل منها، وأول شيء يتوجب علينا كلنا أن ندرك معناه، أن هذا المكان مظلَّتنا التى ينبغى الاحتماء بها فى الهجير، وما أشد هجير القامات الفنية الخلاقة السامقة فى فترة لم يعد يملك فيها زمام الأمور أجمعها إلا الأقزام والرويبضات!
 

- ماذا عن مستقبل الكتابة لديك؟

- أود الاهتمام بكائنات سوى الكائنات الإنسانية، لم نحتف بمثلها الاحتفاء اللائق، بينما تفوق أعدادنا وتملأ الأكوان من حولنا فى نظام جميل وازدهار باهر.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة