هناك في قرية نائية يجلس القرفصاء، يعيش عزلة كاملة، يبكي بلا سبب، يعزف عن الذهاب إلى الحقل، يطلق لحيته، تتبدل ملامحه ويبدو عليها الذبول، يعتقد أهله أنه (معمول له عمل) يذهبون به إلى الدجالين، ويسافرون خلفهم حيثما كانوا، تنطلق الأقاويل والشائعات، وكل صباح يقترحون حلا وهميا لا طائل منه، وقد تنتهي القصة بنهايته.. ويظل السر مكتوما لا أحد ينتبه إلى الحل الأمثل.
كم من الدجالين الذين يعبثون بحياة البشر، ويعرضونهم لأوهام لا حصر لها، وكم من القصص التي يمكن أن تروى في هذا الصدد، وكم من أشخاص ساروا خلف هذا السراب لسنوات، وكم من نفوس عانت وانحنت وتألمت دون أن تدري ما هو الحل القويم.
في القرى تطلق الاتهامات تجاه الأهل بعضهم البعض أحيانا، ومن يظنون أنهم يتربصون بهم في أحايين أخرى، بأن فلانا ( سحر) لفلان، وتقوم الدنيا ولا تقعد لفك السحر، وعند الدجالين من القدرة على الاحتيال والإقناع والحجج الملوثة بأفاعيل ممقوتة الكثير.
ويظل الفاعل مجهول، الفاعل الذي يتغلغل شيئا فشيئا، ويعبر النفس والروح إلى الوهن والمرض، وكأنه وحش كاسر يمضغ الجسد على مهل.
الاكتئاب ليس مرض سكان الحضر فقط، بل هو قادر على فتح جروح لا تلتئم، وأشد الآلام آلام النفوس قبل الأجساد، واختناق الأرواح دون أن تمنح حق المعرفة في أسباب ما يجري لها، إنها طلقة قاتلة إن لم تضمد جراحها بعلم ومعرفة طبية خبيرة..
إن مصر الجديدة أصبحت خالية من فيروس C ، بفضل مبادرة السيد الرئيس، الذي تمكن من القضاء على معضلة صحية كبيرة عانت منها مصر لسنوات طويلة، ثم توالت المبادرات الصحية الرئاسية وعلى رأسها (١٠٠ مليون صحة)، وأصبح الاهتمام بالصحة العامة للمواطن، جزءا هاما من المشروعات الكبرى التي تحدث في الآونة الأخيرة.
وهو ما يجعلني أطمح إلى إطلاق هذه المبادرة، لمرض عضال قد لا تكون له شواهد ظاهرية، لكنه مع الأسف يفتك بالكثيرين، وهو أمر مؤسف أن يظل قائما في عصرنا الحديث، ولابد من اللحاق بالمرضى النفسيين، الذين تعتصرهم الآلام ولا ندري بهم، فهم بيننا يعيشون ولكن دون حياة بمعناها الحقيقي.
وآمل أن تشمل مبادرة حياة كريمة هذا المشروع الإنساني الذي سيقيل عثرات الكثيرين، وكلي ثقة في أن هذه الدعوة ستجد صداها كما تعودنا في حياتنا الكريمة الجديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة