بيشوى رمزى

"البحث عن الأفضل".. الهدف "الأكبر" لـ"الجمهورية الجديدة"

الأربعاء، 29 ديسمبر 2021 09:35 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"البحث عن الأفضل".. هكذا يمكننا عنونة رحلة "الجمهورية الجديدة"، منذ مولدها، في إطار السعي الدائم ليس فقط إلى التميز، وإنما إلى الأفضلية المطلقة، ليس فقط عبر المشروعات التي من شأنها تحقيق أرقام إيجابية في خانة النمو الاقتصادي، وإنما أيضا في الحرص الشديد على عنصر الجودة الفائقة، لمواكبة متطلبات المرحلة الراهنة، سواء على مستوى الداخل، في إطار تشجيع الاستثمارات، والمعيطات الدولية، التي تشهد تغييرا جذريا في إطار نظام عالمي جديد، تتجلى بوادره بوضوح، سواء من خلال أزماته أو تعقيداته، أو علاقاته المتشابكة، بين أطراف المنافسة على العالم، والتي تبدو فيها أقطاب جديدة، تسعى لوضع كلمة النهاية لـ"الهيمنة" المطلقة التي حظت بها الولايات المتحدة لعقود طويلة من الزمن.
 
وبين "الأفضلية" المطلقة التي تسعى لها "الجمهورية الجديدة"، ونهاية عصر "الهيمنة" المطلقة، على المستوى الدولي، نجد أن ثمة فرص كبيرة، يمكن من خلالها للقوى الإقليمية ذات التأثير التاريخي والجغرافي للقيام بدور أكبر، يتجاوز نطاقها الجغرافي، وهو ما يبدو بوضوح على المساحة الكبيرة التي باتت تحظى بها الدبلوماسية المصرية، لاقتحام مناطق، ربما كانت منذ سنوات معدودة، في إطار "الخطوط الحمراء"، في ظل القيادة الأمريكية المنفردة للعالم، إلا أن مثل هذه التحركات الدبلوماسية، يبقى نجاحها مشروطا بنجاحات، ربما ليست عادية، وإنما "خارقة"، حتى يمكنها أن تحظى بزخم كبير، بحيث يصبح نقل التجربة المصرية وتعميمها وسيلة مهمة لتحقيق دور أكبر فى العديد من القضايا الدولية الملحة، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، وإنما أيضا فيما يتعلق بمناطق أخرى، سواء جغرافية أو فيما يتعلق بطبيعة القضايا الدولية المطروحة.
 
فلو نظرنا إلى التحالف الذي دشنته مصر مع كلا من اليونان وقبرص، وهما دولتان، وإن كانا يرتبطان جغرافيا بالقاهرة عبر البحر المتوسط، إلا أنهما كانا بعيدان تماما عن رؤية الأنظمة الحاكمة لعقود طويلة، فنجد أن العلاقة الثلاثية وجدت طريقها عبر استكشاف أحد أكبر حقول الغاز في العالم على الأراضي المصرية، وهو حقل "ظهر"، ليشكل نواة لتدشين أكبر منتدى غاز في منطقة شرق المتوسط، من أرض الكنانة، في انعكاس صريح للارتباط الشديد بين الداخل والخارج، فالنجاحات التي تتحقق بالداخل تساهم بصورة كبيرة في تحقيق ما يمكننا تسميته بـ"الاختراقات" الدبلوماسية الكبيرة، وبالتالي استعادة الدور المفقود، ليس فقط منذ حقبة الربيع العربي، وإنما قبل ذلك بعقود، عندما كانت مصر تقوم بدور قيادي على المستوى الدولي، بينما احتشدت ورائها مئات الدول التي عانت ويلات الحروب وأطماع المستعمرين.
 
وإلى جانب الجغرافيا، الأمر نفسه ينطبق على الأزمات الدولية، والتي باتت تحظى بطبيعة مختلفة، على غرار التغيرات المناخية، لنجد اهتماما بالاقتصاد الأخضر، واعتمادا كبيرا على مصادر الطاقة النظيفة، وهو ما تجلى في أبهى صوره في تدشين مجمع "بنبان"، وهو أكبر محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في العالم، لتقدم من خلاله مصر نموذجا ملهما، لدول العالم النامي، يمكنهم محاكاته، عبر الشراكة معها، لتدشين مشروعات مماثلة من شأنها تقليص الانبعاثات الكربونية، تزامنا مع تحقيق طفرات تنموية، وهو الأمر الذى يساهم، إلى جانب تقوية الدور المصري، في تعزيز مواقف هذه الدول في المنتديات الدولية القادمة لمناقشة الأزمة، وعلى رأسها قمة المناخ المقبلة والمقررة انعقادها على "أرض الكنانة"، في العام المقبل، بعيدا عن الحروب الكلامية التي لا جدوى منها، والتي لا تخلو من تبادل إلقاء المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع البيئية في العالم، بين الدول، على أساس يبدو "طبقيا"، في ضوء محاولات لتحويل وجهة الصراع الدولي، من أبعاده الايديولوجية، القائمة على الأفكار الرأسمالية والشيوعية، والتي هيمنت على الصراع إبان الحرب الباردة وظلت أساسا للهيمنة الأمريكية المطلقة إلى صراع جديد بين الدول المتقدمة والنامية، والذي بدأت إرهاصاته منذ ظهور بوادر أزمة المناخ قبل سنوات.
 
ولعلك تلحظ عزيزي القارئ أن كلمة "أكبر" تكررت في السطور السابقة لأكثر من مرة، بين حقل "ظهر"، ومنتدى غاز شرق المتوسط، وصولا إلى مجمع "بنبان"، بينما يعوزني الوقت والسطور، للحديث عن "أكبر" مسجد في العالم (الفتاح العليم)، و"أكبر" كاتدرائية في الشرق الأوسط (ميلاد المسيح)، وكلاهما بالعاصمة الإدارية، ناهيك عن "أكبر" مدينة للدواء في الشرق الأوسط، بمنطقة الخانكة في القاهرة، وكذلك "أكبر" مشروع للاستزراع السمكى في الشرق الأوسط بمدينة بورسعيد، بالإضافة إلى افتتاح مدينة الأقصر كـ"أكبر" متحف مفتوح في العالم، في الشهر الماضي، وغيرها من المشروعات التي دشنتها الدولة المصرية، وارتبطت أسمائها بكلمة "أكبر"، في انعكاس صريح لأهداف تتجاوز فكرة التنمية، إلى تحقيق "الأفضلية المطلقة"، باعتبارها السبيل الوحيد لاستعادة قيمة وقامة الدولة، ليس فقط فيما يتعلق بالقيادة التقليدية، وإنما تقديمها كنموذج ملهم لمحيطها الدولي والإقليمي، يمكن محاكاته وتعميم تجربته لتحقيق الأهداف المنشودة، بينما يبقى عامل الوقت هو الأخر بعدا قياسيا، يستحق الدراسة.
 
"الأفضلية المطلقة" تمثل أحد أهم السمات التي تميز "الجمهورية الجديدة"، فالأمر بالنسبة لها لا يقتصر على مشروعات، تحقق عائدا اقتصاديا فقط، وإنما تتجاوز أهدافها الأبعاد التقليدية التي تبنته الحكومات السابقة، بحيث يمكن من خلالها ربط الداخل بالخارج، عبر تدشين شراكات أو حتى مجرد استلهام التجربة المصرية، وهو ما يعني اتساع نطاق الدور، في مرحلة تشهد "إعادة توزيع" الأدوار في المجتمع الدولي، تفرضها الظروف الراهنة، وعلى رأسها الأزمات الجديدة، التي تتجاوز البعد الجغرافي والزمنى، فأصبح من الصعب التنبؤ بنطاقها، أو تداعياتها.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة