موعد جديد مع دماء وضحايا كان من المنتظر أن تتكبدها البشرية ، وتحديدا عام 1914 بعد أن سيطرت ويلات الحروب على المشهد برمته ، في حدث عالمي كان هو الأسوأ في النزاعات الدولية الدموية ، حيث انخرط العالم في أهوال الحرب العالمية الأولى بين قوات الحلفاء وهم المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا والجمهورية الفرنسية الثالثة والإمبراطورية الروسية ضد دول المركز ، الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا ، واستمرت الحرب وويلاتها لأكثر من 4 سنوات وتسببت في مقتل وإصابة ما لا يقل عن 40 مليون نسمة ولكن كان لكرة القدم واحتفالات الكريسماس رأي آخر.
في زمن لم يشهد سوى رسائل مكتوبة حيث لا انترنت أو تكنولوجيا ، فقط بريدا حربيا مقتضبا متاح للجنود العالقين بخنادقهم للإطمئنان على أصدقائهم وعائلتهم ، وجد ملايين الألمان والبريطانيين والفرنسيين أنفسهم بلا عائلة ودوي النيران متناثرا في كل أرجاء الفضاء الخارجي لأرض العمليات ولامفر من الموت .
مع اقتراب أعياد الكريسماس وتحديدا بين يومي 24 و25 ديسمبر لعام 1914، حلت حادثة فريدة من نوعها ، عرفت إعلاميا فيما بعد بـ"هدنة الكريسماس" ، تناثرت ترانيم الأعياد على مسمع الجنود البريطانيون من الجهة المقابلة وتحديدا عند الخنادق الألمانية ، ليرد البريطانيون على الألمان بترانيم مماثلة وكانت كرة القدم هنا على موعد مع حقن الدماء .
صورة أرشيفية للحرب العالمية الأولى
خرج العديد من الجنود الألمان من خنادقهم واتجهوا نحو البريطانيين رافعين أيديهم ، مرددين ترانيم كانت أبرزها جملة "عيد ميلاد مجيد" ، وظن المعسكر البريطاني بأنها خدعة من قبل أعدائهم إلا أن تيقنوا فيما بعد من صدق نوايا الألمان بعد أن تأكدوا من عدم وجود أسلحة لديهم ليتبادلوا الغناء سويا ثم تتعالى الأصوات المناديه بضرورة إقامة مباراة كرة قدم بين المعسكرين ليس هذا فحسب ، تعاونوا على تزيين أشجار أعياد الميلاد البدائية فيما بينهم ، و تبادل الطرفان هتافات تحمل وعوداً ، ليرددوا جميعا "كفّوا عنا نيرانكم، نكفّ عنكم نيراننا"
صورة أرشيفية لهدنة عيد الميلاد
أذابت كرة القدم بالتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد شحنة الغضب والاحتقان بين طرفي الحرب وتحولوا فجأة من تنافس بالرصاص إلى التنافس على تسجيل الأهداف في مباراة كرة قدم ، وهو ما لم تستطع عليه حكومات وشعوب في ذلك الوقت حيث لا صوت سوى صوت المدافع والنيران ، أمرا لم يكن مستصاغا لقياداتهم ، ولكن كان لكرة القدم الكلمة العليا آنذاك ونشرت السلام المؤقت بين الفريقان المتحاربان ، و ذهبوا لمساعدة بعضهم البعض في دفن ضحاياهم دون أن يتعرض طرف للآخر .. لتسجل كرة القدم سطرا جديدا في كتب التاريخ وتنجح فيما فشلت فيه الحكومات وتحقن الدماء
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة