أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 27 ديسمبر 1974.. «بهاء الدين» يحاور شاه إيران.. والسادات يسأل عن ثقافته وفكره الاستراتيجى ويقارنه بنهرو ونكروما وتيتو وعبدالناصر

الإثنين، 27 ديسمبر 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 27 ديسمبر 1974.. «بهاء الدين» يحاور شاه إيران.. والسادات يسأل عن ثقافته وفكره الاستراتيجى ويقارنه بنهرو ونكروما وتيتو وعبدالناصر  أحمد بهاء الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصل الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، رئيس تحرير الأهرام إلى «طهران» بدون موعد مسبق، وطلب موعدا لحوار صحفى مع شاه إيران، فتحدد فى نفس اليوم، حسبما يذكر فى مقدمته فى «أهرام، 27 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1974».
 
تناول الحوار قضايا إقليمية، وأخرى داخلية تتعلق بإيران، و«تطلع القاهرة إلى زيارة الشاه المقبلة لها»، غير أن المثير هو ما يكشفه «بهاء» فى كتابه «محاوراتى مع السادات» عن ظروف الحوار، وتعليق الرئيس السادات عليه.. يذكر فى كتابه ظروف سفره: «كنت فى رحلة كرئيس تحرير للأهرام إلى منطقة الخليج العربى، وكان شاه إيران أيامها يبدو فى غاية القوة والأهمية، وطوال الرحلة على الشاطئ الغربى من الخليج كان الحديث فى أى مجلس لا بد أن يذكر خطر شاه إيران ومخططاته لمناطق البترول العربى، فقررت أن أستكمل الرحلة بالذهاب إلى طهران بدون موعد مسبق، ووجدت فندق هيلتون يغص بصحفيين أمريكان وأوروبيين وعرب، وصحفية مصرية واحدة هى زميلتنا فى الأهرام «إنجى رشدى»، وكان جاك شيراك رئيس وزراء فرنسا يزور طهران «يذكر بهاء فى مقدمة الحوار المنشور بالأهرام، أن الزائر هو رئيس جمهورية إيطاليا».
 
يضيف بهاء: «حجزت مكانا على الطائرة إلى القاهرة بعد أربعة أيام، وانتهى أملى فى أن أقابل الشاه عندما وجدت هذا الزحام، ولم أعرف من أين أبدأ، واقترحت على الزميلة إنجى أن أذهب إلى وزير الإعلام، وأطلب المقابلة، وبالفعل ذهبنا إلى مكتب وزير الإعلام الذى استقبلنا فورا، وشرحت له طلبى، فرد قائلا، إنه سيبذل جهده، لكن تحديد موعد فى هذه الأيام الأربعة مستحيل، وقلت له إننى أقدر الموقف، وإنها غلطتى فى التقدير وشكرته، لكنه فجأة قال: دعنى أتصل بالقصر وأبذل محاولة».
 
يعترف بهاء بأنه اندهش للاهتمام، والعلاقات بين مصر وإيران مقطوعة، وآخر العهد بها أيام عبدالناصر كانت حالة عداء عنيف..يذكر: «بالتأكيد لم يسمع وزير الإعلام باسمى من قبل، وإن كان عرف صفتى كرئيس لتحرير الأهرام، واتصل تليفونيا بجهة ما متحدثا باللغة الفارسية ثم قال لى: سيأتى الرد بعد عشر دقائق، وبعد عشر دقائق دق التليفون، وقال لى الوزير: موعدك مع جلالة الشاه اليوم الساعة الثالثة إلا ربع، أى بعد أربع ساعات بالضبط».. يتذكر: «زادت دهشتى، ولقينى الشاه بحفاوة، وأعطانى وقتا طويلا، وعدت إلى الفندق بين نظرات واستغراب صحفيى العالم.. يومها قلت للزميلة إنجى: هذه معاملة غير عادية والمقصود بها مصر طبعًا، وأعتقد أن ثمة خطوط لا نعرفها انفتحت بين مصر وإيران».
 
التقى «بهاء» بالسادات فى استراحة القناطر الخيرية بعد نشر الحوار، وبعد انتهاء أحاديثهما، صافحه مودعا لكن السادات صاح فجأة: «الله، ده أنا نسيت أسألك عن أهم حاجة، أنا عايزك تحكى لى بالتفصيل عن زيارتك لطهران، ومقابلتك للشاه.. اقعد وسأجعلهم يحضرون لك الغذاء».. يضيف: «رويت قصة الرحلة والمقابلة كاملة، ثم أخذ ينهال علىّ بالأسئلة التى تنطوى إجابتها على ثناء من نوع: ولكن ألم تلاحظ أنه خارق الذكاء؟.. ألم تجد ثقافته واسعة؟.. ألم تجد أن فكره الاستراتيجى شديد التفوق؟.
 
يذكر بهاء: «بدأت أقول للسادات أنه ذكى وكفء بلا شك، ولكن السؤال هو فى أى شىء يستخدم ذكاءه، فقد أدهشنى أن أجد فى طهران عاصمة البترول أحياءها الشعبية أفقر من القاهرة، ومجاريها ما زالت مفتوحة، ولأنها مرتفعة كانت فى عز الشتاء تحت درجة الصفر، وأرضها مغطاة بالثلوج، ومنظر الحفاة بملابس مهلهلة على الجليد كان أقسى على نفسى من نفس المنظر لو رأيته فى بلاد دافئة كمصر، واعترفت له بأن الدعاية الغربية الهائلة للشاه خدعتنى».
 
قاطعه السادات: «أتعرف أننى أعتقد من زمان أن مثلى الأعلى بين كل زعماء العالم الثالث هو شاه إيران».. سأله بهاء فى اندهاش عن السبب، فرد: «زعماء عدم الانحياز بتوعك الذى ملأوا الدنيا ضجيجا منذ سنوات، نهرو، نكروما، سوكارنو، وحتى عبدالناصر، وحتى تيتو اللى عايش.. أين هم الآن؟.. راحوا فين؟.. اللى مات، واللى انهزم واللى راح فى انقلاب، واللى انكمش داخل حدوده زى تيتو، واحد فقط من هذا الجيل، وهذه المرحلة كلها باق على مقعده بكل سلطانه وهيلمانه، والدنيا تسعى إليه، هو شاه إيران».
 
استطرد السادات: «السبب بسيط، كل هؤلاء تصوروا أن فى العالم قوتين عظميين هما روسيا وأمريكا، وحاولوا التعامل معها على قدم المساواة، والحقيقة غير ذلك تماما، فهناك دولة عظمى واحدة هى أمريكا، وروسيا ليست حتى دولة عظمى تانية، إنها تأتى بعد أمريكا بعشرة أوبعشرين درجة، وبعدهما أوروبا واليابان، وشاه إيران هو الوحيد الذى أدرك هذه الحقيقة، قام عمل إيه؟ قعد على حجر أمريكا، ومسك فى هدومها، وأديك شايف: كل أصحابك راحوا والشاه عملت له أمريكا كل اللى عايزه.. قامت ثورة وهرب، الأمريكيون جابوه ورجعوه وقعدوه على العرش لحد دلوقتى علشان كده بقول لك إنى أعتقد إنه راجل خارق الذكاء وغير عادى». 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة