أصبح الهاتف الذكى تهديد لسير نمو الطفل وطبيعة علاقته بوالديه، فلم يقتصر دوره على تلقى الاتصالات كما كان في السابق بل أصبح الآن هو البوابة لكل شيئ، سواء ممارسة الألعاب أو تصفح الأنترنت أو حتى القيام ببعض المعاملات البنكية، ومن هنا سلطت الدراسات تركيزها على تأثير الوقت الذى يقضيه الآباء على هواتفهم وقياسه عبر اليوم وتدخل كل ذلك بنمو الطفل.
أرقام مخيفة عن تأثير الهواتف الذكية على علاقة الوالدين والأطفال
كشف تقرير جديد بعنوان "الهواتف الذكية والعلاقات الإنسانية" صادر عن إحدى الشركات المصنعة للهواتف الذكية بالاشتراك مع Cybermedia Research (CMR)، أن متوسط الوقت اليومي الذي يقضيه على الهواتف الذكية لا يزال عند مستويات مثيرة للقلق في حقبة ما بعد كوفيد.
وأشار التقرير إلى أن هناك زيادة بنسبة 32% في الوقت الذي يقضيه على الهواتف الذكية من فترة ما قبل كوفيد، كما سلط التقرير الضوء أيضًا على أنه في حين أن الوقت الذي يقضيه الأطفال والعائلة بشكل عام قد ارتفع، فإن نوعية الوقت الذي يقضونه قد تدهورت.
وحسبما ذكر الاستطلاع الذي شمل 1100 مستهلك، عبر الفئات العمرية والتركيبة السكانية، في أكبر 8 مدن هندية، بما في ذلك نيودلهي ومومباي وكلكتا، ازداد الاعتماد الكلي على الهواتف، يستخدم الناس هواتفهم أثناء تناول الطعام (70%)، وفي غرفة المعيشة (72%) وحتى أثناء الجلوس مع العائلة (75%).
وهناك ما لا يقل عن 80% من مستخدمي الهواتف الذكية يستخدمون هواتفهم حتى عندما يقضون وقتًا مع أطفالهم و 75 % يعترفون بأنهم قد تشتت انتباههم بسبب هواتفهم الذكية ولا يهتمون بالأطفال حتى أثناء وجودهم معهم، في حين أن 85% من الآباء يشعرون أن أطفالهم يجدون صعوبة في الاختلاط مع الأطفال الآخرين في بيئة اجتماعية وأن التجربة الخارجية الشاملة مخيفة، قال 90% من الآباء إن أطفالهم يفتقرون في بعض الأحيان إلى الأخلاق المقبولة و السلوك الاجتماعي.
وكشف التقرير أيضا أن 69% على الأقل من الآباء يعتقدون أنهم يفقدون علاقتهم بأطفالهم، ومحيطهم عندما يكونون منغمسين في هواتفهم الذكية، ويعترف 74% بالغضب عندما يسألهم أطفالهم عن شيئ ما.
فيما جاء في بحث حديث تم نشره في مجلة تنمية الطفل الدولية، أن الأمهات يكرسن 25% فقط من انتباههن لأطفالهن الصغار عند تشتيت انتباههم عن طريق الهاتف الذكي، حيث يخشى الباحثون من أن هذا قد يضر بنمو الطفل ويسبب عواقب بعيدة المدى أكبر بسبب التفاعل غير الكافي بين الأم والطفل، ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، فإنهم يشتبهون في أن الأمر نفسه ينطبق على الآباء الذين يستخدمون الهاتف المحمول لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، لكنهم لم يختبروا الافتراض في الدراسة.
قياس 3 وظائف في علاقة الأم بطفلها والنتائج محبطة
تضمنت الأبحاث التي قادتها الدكتورة كاتي بورودكين، وتم نشرها في مجلة تنمية الطفل الدولية، مراقبة عشرات الأطفال الصغار والأمهات، وطلب من الأمهات أداء ثلاث مهام مع أطفالهن، وجميعهم تتراوح أعمارهم بين سنتين وثلاث سنوات.
وكان الطلب الأول يتطلب منهم تصفح صفحة معينة على فيسبوك وإبداء الإعجاب بمقاطع الفيديو والمقالات التي تهمهم، والثاني هو قراءة المجلات المطبوعة وتمييز المقالات التي تهمهم، وفي المرة الثالثة، تم تكليفهم باللعب مع أطفالهم بينما كان الهاتف الذكي والمجلات خارج الغرفة في مساحة اللعب الحر دون انقطاع.
وقال الباحثون إن الهدف كان محاكاة مواقف في الحياة الواقعية حيث يتعين على الأم رعاية طفلها، مع تكريس بعض انتباهها في الوقت نفسه لهاتفها الذكي.
ومن جانبها قالت الدكتور بوردكين: "تحدثت الأمهات مع أطفالهن أربع مرات أقل أثناء استخدامهن لهواتفهن الذكية".
وأضاف الباحثون، إنهم لم يجروا محادثات أقل مع الأطفال الصغار فحسب، بل كانت جودة التفاعلات أيضًا رديئة، حيث قدمت الأمهات ردودًا أقل فورية ومخصصة للمحتوى، وغالبًا ما تجاهلن عروض الأطفال الصريحة.
وأضافت الدكتور بورودكين: "حتى عندما كانوا قادرين على الاستجابة أثناء تصفح فيس بوك انخفضت جودة الاستجابة، وحافظت الأمهات على استجابتهن إلى الحد الأدنى في التواصل مع الطفل الصغير."
وأجرى الباحثون تقييما لثلاثة مكونات أثناء التفاعل بين الأم والطفل، فأولاً قاموا بفحص المدخلات اللغوية للأم، وهى المحتوى المنطوق الذي تنقله الأم إلى الطفل، والذي يعتبر مؤشراً مهما لتطور الكلام لدى الطفل.
وكشفت الدراسات السابقة أن انخفاض المدخلات اللغوية يؤدي إلى انخفاض المفردات اللغوية لدى الأطفال، وهو عيب قد يمتد إلى مرحلة البلوغ.
وفحص الباحثون "المنعطفات التخاطبية"، وهي مقياس تبادل الحديث ذهابًا وإيابًا بين الوالدين والطفل تساعد اللغة والتنمية الاجتماعية، حيث يتعلم الطفل أن لديه شيئًا ما يساهم في التفاعل بالإضافة إلى المعايير الاجتماعية الأساسية للتفاعلات الاجتماعية.
كما أن المكون الثالث كان فحص استجابة الأم من خلال مدى استجابة الأم لخطاب طفلها، تم قياس ذلك من خلال سرعة الاستجابة على ما قاله الطفل.
وقالت الدكتور بورودكين: "لقد وجدنا أن المكونات الثلاثة للتفاعل بين الأم والطفل قد تم تقليلها بمقدار ضعفين إلى أربعة مقارنة باللعب الحر غير المنقطع ، سواء عندما كانت الأم تقرأ المجلات المطبوعة وتتصفح على هاتفها الذكي، أي تحدثت الأمهات مع أطفالهن بمعدل أقل أربع مرات أثناء استخدامهن لهواتفهن الذكية".
وتبادلوا عددًا أقل من أدوار المحادثة مع الطفل الصغير، وقدموا ردودًا أقل فورية ومحتوى مخصصًا، وتجاهلوا في كثير من الأحيان عطاءات الأطفال الصريحة، لذا فهي تشكل تهديدًا تنمويًا كبيرًا.
تطبيقات تنظم وقتك على الهواتف الذكية
ويوجد حل دائما لكل مشكلة تواجهنا، ومن بين ذلك توجد تطبيقات محددة يمكنها أن تساعدك على تقليل وقت استخدام الهاتف الذكى والتفرغ لحياتك مع طفلك بشكل أفضل، ورفع مستوى جودة العلاقة بينكما.
1- تطبيق Checky: هذا التطبيق يخبرك بالضبط كم مرة فحصت فيها هاتفك خلال النهار، وبهذه الطريقة، يمكنك مراقبة الاستخدام وخفض الوقت الذى تقضيه على الهاتف الذكى.
2- تطبيق RescueTime: هذا التطبيق يمنحك البيانات حول كيفية قضاء وقتك أمام الهاتف، ويعطى معلومات عن التطبيقات الأكثر استخداما، والوقت الذى تقضيه فى الحديث على الهاتف ويتعقب استخدام الإنترنت الخاص بك.
3- تطبيق Cold Turkey: إذا كان هاتفك يشتتك بشكل كبير، فهذا التطبيق يعمل مثل ميزة عدم الإزعاج، فقط عليك تحديد الوقت الذى لا تريد فيه أى إزعاج، وفى تلك الفترة يصبح الهاتف الذكى عديم الفائدة تماما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة