كيف تدعم مؤسسات التمويل الدولية تنمية اقتصاد مصر؟

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021 11:20 ص
كيف تدعم مؤسسات التمويل الدولية تنمية اقتصاد مصر؟ البنك المركزى المصرى
كتب - أحمد يعقوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
في أواخر عام 2016، راود الشابين المصريين محمد عبد العزيز وأحمد شيخة حلم إنشاء منصة للتجارة الإلكترونية تربط صغار المصنعين المحليين بشبكات توزيع بأسعار معقولة تمكنهم من بيع منتجاتهم على نطاق أوسع، واكتشف عبد العزيز وشيخة أن هناك العديد من صغار المصنعين لا يستطيعون الوصول إلى منافذ بيع التجزئة الكبرى أو متاجر البيع بالجملة. 
 
وبعد العديد من المناقشات التي كانت تمتد حتى ساعات متأخرة من الليل واستخدام مدخراتهما، أطلق الشابان شركتهما الناشئة بريمور "Brimore" عام 2017. 
 
ومع حاجتها للتمويل وتطلعها إلى ترويج فكرتها التجارية لدى المستثمرين المحتملين ومجتمع رواد الأعمال، انضمت بريمور إلى برنامج Flat6Labs للتمويل الأَولي، وهى من المؤسسات الرائدة الحاضنة للشركات الناشئة في مصر، ومن خلال برنامج Flat6Labs لحاضنات الأعمال، تمكنت بريمور من الوصول إلى شبكة من الرعاة المخضرمين لأنشطة الأعمال الذين ساعدوا المؤسسين على تحديد نموذجهم التجاري ورؤيتهم له على المدى البعيد، فضلا عن تلقي العديد من الجولات التمويلية. 
 
ويتلقى برنامج Flat6Labs الدعم من العديد من المستثمرين، من بينهم مؤسسة التمويل الدولية، ذراع مجموعة البنك الدولي المعنية بالقطاع الخاص. 
 
واليوم، تساعد بريمور أكثر من 200 مورد- 70% منهم من خارج القاهرة والإسكندرية- وتتيح لهم بيع منتجاتهم في جميع أنحاء البلاد، ومن خلال هذه العملية، توفر الشركة دخلا لنحو 50 ألف سيدة وأسرهن في مختلف أنحاء مصر. 
 
وتمثل شراكة مؤسسة التمويل الدولية مع برنامج Flat6Labs مثالاً على كيفية دعم مؤسسات التمويل الدولية لنمو القطاع الخاص في مصر. 
 
في تصريحات لليوم السابع، قال وليد لبادي، المدير الإقليمي لمصر وليبيا واليمن بمؤسسة التمويل الدولية: "تشكل قوة القطاع الخاص ركيزة أساسية لأداء اقتصادي قوي، فالمشروعات والأعمال تخلق الوظائف ومصادر الرزق للأسر وتساعد على تقليص معدلات الفقر."
 
وأضاف لبادي أن منشآت الأعمال الخاصة تخلق 77% من الوظائف في مصر، وهي تمثل أيضا محركات للابتكار، وتقدم حلولا جديدة وتكنولوجيات جيدة. 
 
شكل الهبوط الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا (كوفيد-19) تحديا أمام القطاع الخاص المصري، إلى جانب باقي مناطق العالم، مما أثر على الوظائف ومستويات الدخل، ويعود صمود مصر في مواجهة هذه التداعيات الاقتصادية، وقدرتها على الحفاظ على معدلات إيجابية للنمو الاقتصادي إلى حد كبير إلى الاستجابة الفورية من قبل الحكومة، من خلال حزمة تحفيز تبلغ مائة مليار جنيه مصري لحماية الوظائف ومستويات الدخل. 
 
كتب جمال حيدر، الأستاذ المساعد للاقتصاد بكلية الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في ورقة بحثية عن آثار جائحة كورونا أن: "الدور الذي لعبته مؤسسات التمويل الدولية ساعد مصر أثناء الجائحة." 
 
وبادرت مؤسسات دولية، مثل مؤسسة التمويل الدولية، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، بتقديم قروض طارئة للبنوك المحلية، التي قدمت بدورها تمويلا قصير الأجل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وساعد هذا التمويل أنشطة الأعمال على مواجهة مشاكل السيولة ومواصلة عملها، وفقا للورقة البحثية. 
 
وثمة دور كبير يتعين على القطاع الخاص الاضطلاع به خلال السنوات القادمة، ليس فقط باعتباره محرك الاقتصاد، ولكن باعتباره شريكا في أجندة التنمية، ففي سبتمبر الماضي، عقدت وزارة التعاون الدولي المصرية منتدى التعاون الدولي الذي ركز على ضرورة إعادة البناء بشكل أفضل في فترة ما بعد أزمة كورونا وأيضا التصدي لتغير المناخ، حيث أكد أهمية دور القطاع الخاص. 
 
وأردف الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته الافتتاحية في المنتدى أن تباين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الصاعدة والنامية يحد من قدرتها على اللحاق بركب التعافي الأخضر، ويتطلب دعم المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية. 
 
التعافي الأخضر هو مصطلح شائع على الصعيد العالمي يشير إلى العودة بالنمو الاقتصادي والرخاء إلى معدلات ما قبل جائحة كورونا وتجاوزها، وفي الوقت نفسه حماية البيئة والتحرك لمكافحة التغير المناخي لضمان عدم التفريط في حقوق الأجيال القادمة.
 
وقال الرئيس: " ومما لا شك فيه أن الحكومات بمفردها لن تستطيع تحقيق هذا التعافي،"" مضيفا أن هذا يضع دور القطاع الخاص في الصدارة. 
 
وتمثل أحد المحاور الأساسية لهذا المنتدى في أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي تبناها 195 بلدا عام 2015 كمخطط للبشرية من أجل بناء مستقبل خالٍ من الفقر وعدم المساواة، ومن المفترض أن يتم الوفاء بهذه الأهداف بحلول عام 2030، بيد أن فجوة التمويل لهذه الأهداف تقدر حاليا بنحو 3.7 تريليونات دولار. 
 
ومن ضمن تصريحات د. رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي خلال المنتدى: "إن السبيل الوحيد لتسريع وتيرة التحرك صوب بلوغ أهداف التنمية المستدامة، التي تعد القاسم المشترك للعالم، هي من خلال العمل الجماعي، لا سيما من جانب التمويل." 
 
هناك أكثر من 10 مؤسسات تمويل كبرى دولية وبنوك متعددة الأطراف تنشط في مصر، بعضها ذو تركيز إقليمي، مثل البنك الأفريقي للتنمية، وبعضها خاص بقطاع معين مثل الصندوق الدولي للتنمية الزراعية. 
 
مؤسسات التمويل الدولية أسسها مجموعة من الدول ويحكمها القانون الدولي، والمساهمون فيها هم الحكومات المانحة التي تقدم التمويل، وهي تتيح الدعم الفني والتمويل طويل الأجل للمشاريع الحكومية أو مشاريع القطاع الخاص التي تساهم في تحسين حياة الناس اليومية في البلدان النامية. 
 
وخلال السنوات الأخيرة، دأبت مؤسسات التمويل الدولية على دعم برامج التمويل المبتكرة التي تحفز الاستثمار في المشاريع المراعية للمناخ.
 
على سبيل المثال، استثمرت مؤسسة التمويل الدولية في أكبر بنك خاص في مصر ــ وهو البنك التجاري الدولي ــ حيث ساعدته في إصدار أول سند أخضر من القطاع الخاص عام 2021، وأثمر هذا عن تقديم قروض بقيمة 100 مليون دولار لمؤسسات الأعمال المهتمة بالاستثمار في الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، وإنشاء المباني الصديقة للبيئة. 
 
كما تعد مؤسسات التمويل الدولية داعما مهما للشراكات التي تجمع بين الحكومات ومؤسسات الأعمال معا لتحسين الخدمات العامة، وكانت مصر رائدة في هذا المجال، حيث تم تمويل محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، التي تعد واحدة من أكبر حقول الطاقة الشمسية في العالم، من قبل تجمع من الممولين الدوليين، من بينهم مؤسسة التمويل الدولية، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والصندوق الأخضر للمناخ التابع للأمم المتحدة، وتولت 13 شركة من شركات القطاع الخاص عملية إنشائها. 
 
ووفقا لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ومؤسسة التمويل الدولية، فقد أتاحت المحطة التي دخلت الخدمة عام 2019، نحو 10 آلاف وظيفة حتى الآن، وعززت إمدادات الكهرباء في مصر بما يكفي لتغطية احتياجات 420 ألف أسرة من الطاقة، وتفادت في غضون ذلك إطلاق 423 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. 
 
ويقول لبادي: "إن إقامة أسواق محلية قوية يرسل إشارات إيجابية ويعزز ثقة المستثمرين، الأمر الذي يجذب بدوره الاستثمار الأجنبي، وفي الاقتصادات النامية والصاعدة، تكون الأسواق أحيانا في طور الولادة أو ربما تنعدم تماما، كما كان حال سوق الطاقة الشمسية في مصر، وبوسع البنوك متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الدولية أن تحفز عملية تهيئة أسواق جديدة من خلال جذب أنشطة القطاع الخاص والاستثمارات في القطاعات التي يمكن أن يكون لها أثر إنمائي كبير." 
 
كما أوضح لبادي لليوم السابع أنه ينبغي على مؤسسات التمويل أن تتبنى خيارات جريئة عندما تقدم القروض، وقال، "لا يمكننا أن ننتظر حتى تتواصل الشِركات معنا، ينبغي  أيضاً أن نبادر نحن، ويجب أن نصطحب عملاءنا إلى مناطق لم يخطر لهم الذهاب إليها."
 
وفي عالم متلهف للتعافي اقتصاديا من جائحة كورونا، ولكن بشكل مستدام، يمكن لمؤسسات التمويل الدولية أن تساعد في توجيه الاستثمار إلى قطاعات ذات تأثير قوي على التنمية، كالطاقة النظيفة، والنقل، والبنية الأساسية والرعاية الصحية، كما يمكنها تعزيز المساواة بين الجنسين، وتحسين سبل الوصول إلى الإنترنت، ومساعدة مؤسسات الأعمال الصغيرة والشركات الناشئة، مثل بريمور، منصة التجارة الاجتماعية.
 
قال شيخة، الشريك المؤسس لبريمور، في سلسلة من المقتطفات المصورة بعنوان أفريقيا تتحدث تكنولوجيا "لقد استطاعت بريمور دعم صغار المصنعين بالوصول إلى الأسواق فضلا عن المساعدة في تأمين الدخل لعدد كبير من النساء، وأعتقد أن مؤسسات الأعمال ستزدهر في السنوات القادمة بفضل الاستثمار الجاري حاليا في البنية التحتية وفي أدوات التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية وكافة الأدوات الداعمة". 
 

هذا المقال يأتي ضمن سلسلة محتوى يصدره اليوم السابع بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، يهدف التعاون لرفع الوعي العام عن تطورات القطاع الخاص في مصر وتسليط الضوء على القطاعات الناشئة والواعدة والقضايا المتعلقة بنمو القطاع الخاص ومساهمته في التنمية المستدامة، يقدم هذا المحتوى استناداً على خبرة مؤسسة التمويل الدولية في هذا المجال والدراسات والتجارب الموثقة.

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة