أكد الوزير قدرى أبو بكر، رئيس شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، إن مصر كانت وستظل دائما الأولى في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وهي بوابة فلسطين إلى الوطن العربي والعالم كله لما لمصر من مكانة لدى الشعب والقيادة الفلسطينية ولموقعها الاستراتيجي فى كل صراعات فلسطين.
جاء ذلك في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم، عقب عودته من جولة خارجية مؤخرا لتدويل قضية الأسرى الفلسطينيين والتي بدأها من مصر وشملت كذلك بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، وفرنسا وهي زيارة تمت بناء على توجيه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل إيصال ونقل معاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية إلى العالم.
وقال أبو بكر إن مصر كانت دائمًا بالحروب أول دولة وبالسلام أول دولة وفى معاناة الأسرى كانت فى الطليعة في كل عمليات تبادل الأسرى وحتى في المصالحة الفلسطينية فهي راعيتها منذ البداية.
وعن زيارته لمصر، قال الوزير إنه التقي الدكتورة مشيرة خطاب مديرة المجلس القومي لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه شعر باهتمام شديد منها لمعاناة الأسرى وتعهدت بما لمصر من ثقل كبير في مجال حقوق الإنسان وعلاقاتها بالمؤسسات الحقوقية الدولية أن تنقل هذا الأمر وأن تساعد في نشر الوعي بالقضية على المستوى الدولي.
وأوضح الوزير أن وفدا من الهيئة سيتوجه إلى القاهرة يوم 14 ديسمبر للمشاركة في مؤتمر بشأن الأسرى وسيضم الوفد أسرى وأفرادا من عائلات الأسرى ليحكوا عن تجاربهم وما عانوا في السجون الإسرائيلية أمام العالم.
وتابع الوزير: الوفد سيضم طفلا تعرض للأسر كون إسرائيل تحكم على الطفل وتعتبره رجلا إذا كان عمره 14 عامًا، مشيرا إلى وجود ما يزيد على 200 أسير صدر في حقهم أحكاما فعلية وهم دون الـ 18 عامًا ويتم فرض غرامات كبيرة عليهم علمًا بأن القانون الدولي يعرف الطفل بأنه من هو دون الـ 18 عاما لكن القانون الإسرائيلي يُعامل الطفل فوق الـ 14 على أنه رجل مسؤول قانونًا.
وقال الوزير إن جنود الاحتلال يتعاملون مع الفلسطينيين بحقد ويطلقون النار على الأطفال والكبار وعندما تأتي عربة الإسعاف يوقفونها ولا يُسمح للعربة بنقل المُصاب إلا بعد التأكد من أنه فارق الحياة.
وأضاف الوزير أن هذا نوع من القتل مع سبق الإصرار والترصد، مشيرا إلى أن الاحتلال يعتبر الأسرى إرهابيين خاصة بعد أن قامت الإدارة الأمريكية السابقة بضم القدس واعتبرتها عاصمة لدولة إسرائيل فبدأ الإسرائيليون في التمادي أكثر وأكثر.
وأوضح الوزير أنه يوجد في القدس المُحتلة أكثر من 200 طفل دون الـ 10 أعوام يتم اعتقالهم داخل القدس في منازلهم فيما يسمى بالحبس المنزلي إذ يمنع الطفل من مغادرة بيته وليضمن الاحتلال عدم خروج هؤلاء الأطفال يضعون أساور إلكترونية في أيديهم وإذا ما خرجوا خطوة واحدة خارج المنزل تأتي الشرطة وتحرر له مُخالفة تتراوح بين 10 آلاف و15 ألف شيكل حتى يعجز أهله عن سدادها وهم محاصرون أساسا بالضرائب المفروضة على أهل القدس ولهذا ترى الأب والأم هم الحريصون على عدم خروج ابنهم خارج المنزل.
وأضاف "يستمر ذلك ثلاثة شهور أو شهرين أو شهر .. ويؤثر على دراسة الطفل .. كما أنه يُشاهد الأطفال من النافذة خارج منزله ولا يستطيع الخروج.. هو لا يستوعب أن أهله يمنعونه من الخروج.. وأهله لا يستوعبون ذلك.. جعلوا من الأهل سجانين وهو ما خلق حاجزًا نفسيًا بين الطفل وحتى أهله وهو ما اضطر الهيئة إلى تشكيل طاقم من الأطباء النفسيين ليزوروا هذه العائلات في بيوتهم ليتمكنوا من تقديم العون النفسي لهم" .
وقال الوزير إن هناك 43 مريضًا في سجون الاحتلال بحاجة إلى عناية مكثفة منهم مقعدين إما أصيبوا برصاص في العمود الفقري أو في مناطق أخرى وهناك أسرى آخرون مُصابون بالسرطان كانوا في البداية 4 أو 5 أسرى والآن يزيد عددهم على الـ 10 أسرى وآخرهم كان ناصر أبو حميد .. وهو ابن عائلة في السجن إذ له خمسة أخوة في السجن صادرة في حقهم أحكام بالمؤبد وأخ سادس شهيد، وكان يعاني منذ ثمانية أشهر أو سنة من الألم وكانوا يكتفون بإعطاء المسكنات له حتى اكتشفوا إصابته بالسرطان فقد أهملوه إلى أن ساءت حالته.
وتابع: وقبل أيام استشهد الأسير سامي العمور وهو من قطاع غزة وبدلا من أن يذهبوا به إلى المستشفى مُباشرة وهي لا تبعد عن السجن أكثر من ربع ساعة ظل 8 ساعات إلى أن أوصلوه إلى المستشفى وهو يصيح ويشعر بالألم وقالوا إنه يعاني من مشكلة في القلب وأجروا له عملية جراحية إلا أنه استشهد وقال زميل له في الزنزانة كان مرافقا له إنهم أمضوا 8 ساعات حتى نُقل الشهيد إلى المستشفى.. ووصل عدد شهداء الحركة الأسيرة بوفاته إلى 227 شهيدًا منذ عام 1967.
وأضاف الوزير أن هناك حالات لمرضى كبار السن ويبلغ عددهم العشرات فوق الـ 60 وهناك مريضان مُسنان يعانيان من السرطان منذ عامين تقريبًا وترفض سلطات الاحتلال إخراجهم.
وأردف الوزير يقول إن هناك ما هو أسوأ من السجون إذ أنه بعد وفاة الشهيد لا يتم تسليم جثمانه إلى أهله وهي جريمة أخرى تُضاف إلى جرائم الاحتلال وهي عقوبة ليست للشهيد وإنما عقوبة لأهله، وقد يسلموا جثمانه بعد سنتين أو ثلاث سنوات وهو ما يجدد ويعمق جراح أهله وكأنه استشهد من جديد.
وقال الوزير قدري أبو بكر إن هناك أسرى قدامى من قبل اتفاقية أوسلو وعددهم 103 أسرى وتجاوزوا الـ 20 عامًا مشيرا إلى أن المؤبد في سجون إسرائيل ليس كباقي دول العالم 25 عاما ولكنه مؤبد مدى الحياة (99 عاما) وعندما يدخل الفلسطيني السجن وعمره 15 أو 20 عاما يعني هذا موته الأكيد داخل السجن.
وأضاف: "تم سن قانون في الكنيست ومن قدمه هو رئيس الوزراء الحالي (نفتالي بينيت) قبل سنتين أو ثلاثة عندما كان وزيرا للدفاع ويمنع هذا القانون الإفراج عن أي أسير أمني أو أن يعطى هذا الأسير إفراجا مبكرا .. حتى ولو أصيب بالسرطان ويتبقى له ولو ساعات .. فهم يرفضون خروجه ويتحفظون على جثمانه ".
وأوضح الوزير أن الوضع كان غير ذلك قبل خمس أو ست سنوات وكان الأسير إذا أصيب بمرض ولو صادر في حقه حكم مؤبد وارتأى طاقم الأطباء الإسرائيليون أنه لن يتبقى له سوى أيام أو ساعات كانوا يقومون بالإفراج عنه أما الآن فلا.
وضرب الوزير على ذلك مثلا بحالة الأسير فؤاد الشوبكي (شيخ الأسرى)، (81 عاما) والمتبقي من فترة سجنه سنة ونصف إلا أن سلطات الاحتلال ترفض إخراجه رغم معاناته من عدة مشاكل صحية نتيجة لتقدمه في السن، حيث يشتكي من سرطان البروستات ومن عدة أمراض في القلب والمعدة والعيون، وبحاجة رعاية خاصة لحالته.
وأضاف أنه تم سن قانون لقطع رواتب الأسرى ومن قدمه هو (نفتالي بينيت) أيضا عندما كان وزيرا للدفاع وبموجبه اعتبروا الأسرى إرهابيين ويجب قطع الرواتب عنهم وأن أي أحد يقاوم الاحتلال فهو إرهابي لتجريم نضالات الشعب الفلسطيني.
وعن تصريح عيساوي فريج وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي الذي قال فيه إن السلطة الوطنية الفلسطينية ستمتنع قريبا عن دفع رواتب إلى الأسرى، قال الوزير قدري أبو بكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن الوزير الإسرائيلي "واهم" ويعتقد أنه نتيجة الضغط الإسرائيلي يمكن للسلطة الفلسطينية أن تفعل ذلك، مشددا على أن هذا خط أحمر وهو ما أكد عليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أعلى منبر في الأمم المتحدة عندما قال إن رواتب الأسرى خط أحمر ولو بقي قرش واحد سنعطيه للأسرى والشهداء.
ومضى يقول "حاليا يخصمون 52 مليون شيكل شهريًا من المقاصة وهي ما تعادل رواتب الأسرى التي نقوم بصرفها كل شهر حتى تعجز السلطة عن دفعها ومع ذلك ندفعها كل شهر .. لدينا 12 ألفا تقريبا ما بين أسير وأسير محرر (من ضمنهم 4700 أسير بالسجن ).
وأضاف "7500 خارج السجون حاولنا حل مشكلتهم وقسم منهم تم استيعابه داخل الأجهزة الأمنية وقسم آخر تم استيعابه في المؤسسات المدنية والوزارات وهناك عاجزون حوالي 1800 أو 2000 وأعمارهم كبيرة وهؤلاء تم تقاعدهم ويتلقون رواتب".
وقال الوزير أبو بكر إن هناك أسير يحتاج "أصبع" سليكون شهريًا حتى يتمكن من وضع الساق الاصطناعي وكان أهله يقومون بشراء ستة أصابع من السليكون له كل ستة أشهر بنحو (6000 شيكل) لكن سلطات السجون الإسرائيلية قررت منع الأهل من الشراء وأبلغوهم أنه يجب أن سلطة السجون ستوفر له الأصابع على أن يقوموا هم بدفع ثمنها ثم فوجئ أهل هذا الأسير بفاتورة قيمتها " 36 ألف شيكل" بمعنى زيادة 30 ألف شيكل وذلك لتعجيز الأهل عن الدفع.
وأشار الوزير إلى أنه أحيانا ما تقوم سلطات السجون بتكسير الأبواب وإحداث تلفيات في الزنازين لتحرير مُخالفات للأسرى وقد تكون التلفيات لا تتجاوز 2000 شيكل إلا أنه يتم فرض غرامات تصل إلى 10 آلاف شيكل وحال العجز عن الدفع تزيد مدة السجن وهو ما يدفع الأهالي إلى التصرف في المال من أجل تجنيب أبناءهم سنوات إضافية في السجن.
وقال الوزير "المرأة تُعامل كالرجل وأسوأ في السجون الإسرائيلية وهناك 37 امرأة داخل سجن الدامون وكان هذا السجن في زمن الانتداب البريطاني مخزنا للتبغ داخل الجبل للرطوبة.. ودائما ما تنقطع الكهرباء.. والمراحيض الخاصة بالسيدات ليست داخل الغرف كالأسرى الرجال.. المراحيض عند الأسيرات خارج الغرف وهو ما يخالف العادات والتقاليد وخصوصية المرأة.. الساحة التي يخرجون إليها مراقبة بالكاميرات وهو ما يضطر النساء إلى وضع الحجاب صيفا وشتاء".
ومضى يقول "هناك أسيرة (إسراء جعابيص) أصيبت بحروق خلال إلقاء القبض عليها .. 65% من جسدها حروق قرر لها 9 عمليات جراحية.. حكموا عليها 11 عامًا.. ويرفض الاحتلال أن يُدخل لها لباسا خاصا بالحروق.. كالحرير .. وأوقفوا 3 عمليات جراحية لها .. تعاني كل دقيقة من آلام في جسدها".
وعن زيارته إلى بروكسل وفرنسا، قال الوزير إنه تم التعهد بأن يقوم وفد من البرلمانيين الأوروبيين بزيارة فلسطين خلال شهر ديسمبر ومحاولة زيارة الأسرى داخل السجون وكذلك تقديم مشروعات واقتراحات في الاتحاد الأوروبي لمراسلة إسرائيل والضغط عليها بخصوص السجناء المعتقلين إداريا والأطفال والنساء لكن على أن يتم تناول كل ملف على حدة حتى يؤتي الأمر ثماره وكذلك أن ينشطوا على صعيد الأمم المتحدة والجمعيات الخاصة لنقل قضية الأسرى ومعاناتهم في السجون الإسرائيلية.
وقال الوزير إنه لمس ردود فعل إيجابية عندما اجتمع مع رئيسي حزب الخضر والعمال في بلجيكا مشيرا إلى أنه في فرنسا تم عقد ندوة ضخمة حضرها أفراد الجالية الفلسطينية والمجتمع الفرنسي ككل وصحفيون وإعلاميون لشرح مشاكل الأسرى.
وأضاف "قلنا للاتحاد الأوروبي أنه أنفق ملايين على مساعدة الفلاحين والفقراء الفلسطينيين في حفر الآبار وفي الزراعة وفي التجارة إلى آخره ثم قامت إسرائيل بتدميرها كلها .. رغم أن كل المساعدات كانت بموافقتها .. وطلبنا من الاتحاد الأوروبي أن يقطع قيمة الأشياء التي دمرتها إسرائيل من مساعداته لها.. الإسرائيليون يتلقون أموالا طائلة من ألمانيا بالابتزاز .. مئات الملايين بل والمليارات سنويا .. أمريكا تعطي إسرائيل أكثر من 4 مليار".
وقال الوزير إن الهيئة تتواصل بشكل مستمر مع الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية في كل دول العالم مشيرا إلى أنه عندما تم الدعوة لتنظيم مظاهرة في فرنسا لدعم القضية الفلسطينية كان الجانب الفلسطيني يتطلع إلى وجود 10 آلاف بها إلا أن من شاركوا فيها تجاوز عددهم أكثر من 150 ألفًا ومعظمهم من الجاليات العربية والجزائرية بشكل خاص.
وأكد الوزير أنه يجب أن يقوم الإعلام العربي بتسليط الضوء على القضية الفلسطينية بما يتناسب مع أهميتها مشيرًا إلى أن المُمارسات الإسرائيلية من قتل وتشريد وهدم للمنازل تمثل مادة هامة جدًا للإعلام العربي لنشر الوعي بالقضية الفلسطينية مضيفا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية استطاعت أن تضلل الرأي العام العالمي عبر وسائل الإعلام التقليدية إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي بدأت مؤخرًا تنقل صورة حقيقية تأثرت بها كل شعوب العالم وقد رأينا ذلك في تأثر الشعوب وتعاطيها مع عملية انتزاع الأسرى الفلسطينيين لحريتهم من سجن جلبوع في شهر سبتمبر الماضي قبل أن يُعاد اعتقالهم.
وقال الوزير إنه يوجه رسالة عبر وكالة الأنباء المصرية يُناشد فيها كل شعوب العالم والأنظمة البرلمانية للنظر إلى القضية الفلسطينية كما تستحق، بوصف الاحتلال الإسرائيلي آخر احتلال في العالم، مشددا على عدالة القضية الفلسطينية، ومشيرا إلى أنه لا يُمكن أن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط بدون حل عادل للقضية الفلسطينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة