أحمد النجمى

نحو مشروع ثقافى للجمهورية الجديدة (5)

الخميس، 25 نوفمبر 2021 01:25 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هزنى بشدة نبأ رحيل العملاقة سهير البابلى الأحد الماضى، صحيح أنها اعتزلت الفن قبل سنوات طويلة لكن بقاءها بيننا كان يذكرنا بزمن كان المسرح فيه يتلألأ بالضحك الهادف والأفكار الكبرى التى تختفى وراء نصوص كوميدية راقية، وإذ بى أطرح على نفسى سؤالا: هل المسرح المصرى الآن بخير؟ السؤال بتعبير أدق: هل تلبى الحركة المسرحية بصورتها الراهنة ما تحتاجه بلدنا فى عصر الرئيس السيسى.. هل تلبى ما تحتاجه الجمهورية الجديدة؟

مضى زمن كنا نشكو فيه من انتشار (المسرح السياحي)، كان هذا فى الثمانينيات والتسعينيات، حين كان مسرح القطاع الخاص يقدم للسياح العرب عروضا كوميدية هزلية مليئة بالإفيهات وتعتمد على النكتة ومعها أغنية أو أغنيتان ودمتم، لكن الخليج العربى تقدم كثيرا ثقافيا وفنيا، لم يعد ينتظر مسرحا سياحيا من القاهرة، تغيرت الدنيا، وهذه سنة الحياة.

عاد المسرح المصرى إلى رشده تدريجيا ولاسيما فى السنوات العشر الأخيرة، مسرحيات القطاع الخاص صارت تقدم عروضا أقل عددا وأفضل مضمونا، أما مسرحيات القطاع العام فعادت إلى رواجها النسبي، لكن تبقى المقارنة المعتادة بين نهضة المسرح المصرى الجبارة فى الستينيات وبين وضعه الراهن، مثل شوكة تؤلم المتأمل لأحوال المسرح، فالمقارنة ليست فى صالح المسرح الحاضر الذى يبدو تأثيره محدودا خافتا فى الجمهور الذى هو الهدف الحقيقى من الإبداع المسرحى بالأساس.

اليوم مطلوب من مسرح الدولة بكل فرقه وقطاعاته وعروضه وفنانيه أن يكون فى طليعة الصفوف الوطنية، فإن كنا نحارب حربا مصيرية ضد الإرهاب وحربا مصيرية أخرى من أجل اقتصاد وطنى حقيقى ومستقل وقادر، فإن الفن المسرحى دون بقية الفنون هو المؤهل لذلك، فالمسرح بطبيعته يحتمل العبارات الحوارية المباشرة والمواقف الدرامية التى لا لبس فيها بحكم تكوين العملية المسرحية المحصورة فى خشبة المسرح والجمهور. هذا الأمر الذى يعتبر عيبا أحيانا ويعوق بعض الفنيات المتاحة مثلا فى السينما أو الدراما التليفزيونية، هذا العيب الأصيل فى المسرح يعد ميزة فى بعض الحالات التى تحتاج خطابا مباشرا كالتى نتكلم عنها، والدول فى حالات الحرب تكثر فيها مثل هذه المسرحيات، ومصر فى الستينيات قدمت هذا اللون ونجحت فيه نجاحا باهرا، لا أدرى لماذا ينأى مسرح الدولة عن خوض معركة الإرهاب، نعم هناك عروض رائعة أحيانا تقدم فى مسرح الدولة الآن، ولكن معركة الإرهاب تكاد تكون غائبة.

هناك معركة أخرى غائبة عن مسرح الدولة وهى معركة بناء الوعى الثقافى للجمهور، قليلة هى العروض التى تقدم الريبورتوار للمسرحيات العالمية الشهيرة، أو لمسرحياتنا المصرية العظيمة.. أين مسرحيات نعمان عاشور ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوى الآن؟ لماذا لا يعاد تقديمها بوجوه جديدة يتم تقديمها للجمهور حتى نصنع صفا محترما من النجوم الشباب، الذى يبدأ طريقه من (أبو الفنون)؟

معهد الفنون المسرحية يقدم للسوق سنويا عشرات الأسماء المتخرجة فيه، فيتم ضخها فى المسلسلات التى باتت تحتاج إلى وجوه كثيرة (مع دخول الدراما التليفزيونية إلى مرحلة الـbig production التى تحتاج أعدادا كبيرة من الممثلين ضمن ما تحتاج)، لكن أين هذه الوجوه من المسرح؟ وان كانت موجودة فلماذا لا يتم تسليط الضوء عليها؟

بدون مسرح دولة فاعل وحقيقى وذاخر بالمواهب ومتفاعل مع الجمهور ومؤسس لوعى جديد وتاريخ فنى جديد ومقاتل حقيقى فى معركة التطرف يبقى مسرحنا الراهن خارج الأهداف المرجوة منه.

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة

نحو مشروع ثقافي للجمهورية الجديدة (4)

الثلاثاء، 16 نوفمبر 2021 06:00 م

نحو مشروع ثقافي للجمهورية الجديدة (3)

الأربعاء، 10 نوفمبر 2021 07:00 ص

نحو مشروع ثقافي للجمهورية الجديدة (2)

الثلاثاء، 02 نوفمبر 2021 06:29 م

نحو مشروع ثقافي للجمهورية الجديدة (1)

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021 07:00 م

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة