ناهد صلاح

رحلة ناجح حسن في السينما الفرنسية

الثلاثاء، 16 نوفمبر 2021 02:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قد يتساءل البعض: لماذا إختار الناقد الأردني ناجح حسن أن يكون كتابه الجديد، عنوانًا وموضوعًا رحلة في السينما الفرنسية؟ لماذا خاض رحلة يتتبع فيها محطات ومواقف، يسلط فيها الضوء على أسماء رسخت دعائم هذه السينما؟ لماذا اصطفى الفرنسية بالذات؟

السؤال لا يحمل أي نوع من التحيّر أو الاستغراب، إنما في تقديري يحتاج إلى تفسير يُلبي رغبة حقيقية في المعرفة والدراية، سواء فيما يتعلق بالسينما الفرنسية أو بموضوعات سينمائية أخرى.

هذا التفسير نجده مباشرة فيما كتبه ناجح حسن في مستهل كتابه "رحلة في السينما الفرنسية"، الصادر عن عن خطوط وظلال للنشر والتوزيع في عمان، مشيرًا إلى المنعطفات والتحولات التي عبرتها السينما الفرنسية في مسيرتها الطويلة، من منافستها مع النموذج الهوليوودي، إلى تمترسها خلف الشكل الهوليوودي، وإن كان في الحالتين وحسب رأي المؤلف، حافظ صُناع الفيلم الفرنسي على بصمتهم الخاصة في تقديم صور تراعي ذائقة المتلقي التي تنشد اشتغالات الابتكار لا التقليد.

حسنًا، فإن هذا الكتاب يضعنا أمام نقطتين بارزتين، أولهما أن فرنسا هي نقطة البداية في تاريخ صناعة السينما، بما لديها من البشارات الأولى من الأخوين لوميير وغيرهما من صُناع ومخرجين وكُتاب وممثلين ساهموا في اختراع مفهوم كامل للسينما في العالم.. يكتب ناجح حسن:"تحتل السينما الفرنسية مكانة رفيعة في عالم الفن السابع، فهي الني عرفت العالم بالبدايات الأولى لدنيا الأحلام والأطياف، ومن فرنسا إنطلقت إلى أرجاء المعمورة"، ويؤكد أن صناع السينما الفرنسية ما زالوا يشكلون القامات الرفيعة، وأنهم نجحوا في فهم وابتكار لغة جديدة للخطاب الإنساني يتأسس على مفردات وأبعاد الصورة السينمائية.

النقطة الثانية أن الكتاب يحتوي في 173 صفحة من القطع المتوسط، مجموعة لوحات مضيئة بجهد كاتبها وشغفه بالتوغل في حالة السينما الفرنسية، وتضيف هذه اللوحات الكثير من المعلومات ونفاذ البصيرة للمؤلف، صاحب تاريخ في الكتابة النقدية والبحث السينمائي، وصاحب مؤلفات: (السينما والثقافة السينمائية في الأردن)، (شاشات العتمة.. شاشات النور)، (عتبات البهجة.. قراءة في أفلام أردنية)، (السينما وجهات نظر: حوارات في الفن السابع)، (السينما الأردنية: بشاير وأحلام) وغيرهم، والذي يباشر مؤلفه الجديد بإهداء إلى ذكرى حسان أبوغنيمة، الناقد الأردني المعروف ومؤسس النادي السينمائي الأردني.

توزعت عناوين الرحلة بأسلوب أدبي لافت بين أسماء مخرجي فرنسا الكبار ومشوارهم الحافل، من ليوس كاراكس وأسئلة الهامش الصاخب بتلاوين الظلم الإنساني، إلى جاك تاتي ومواقف ودعابات سوداء في غمرة الأداء الهادئ، إلى ايريك رومير وشغفه في تصوير التناقضات البشرية، ثم آلان كورنو وقدرته على التنويع وبلاغته في تأجيج جرعات التشويق، وآندريه مالرو من وزير للثقافة إلى حضوره كمخرج سينمائي، هذا غير قراءته لعدد من الأفلام الفرنسية الروائية والتسجيلية، منها:"طائر السنونو صانع الربيع" لمخرجه كريستيان كاريون،"كل شيء على مايرام" إخراج كلود مورياس، "الصبية" إخراج أوليفييه دهان، وغيرهم، مع التوغل في تجارب مخرجين كبار من مدارس مختلفة، مثل آلان روب غرييه، سينما مارغريت دوراس، أفلام آلان رينيه صاحب هيروشيما حبيبتي، وكذلك مشروع جان بول غنيم، إضافة إلى مجموعة من البورتريهات عن نجوم السينما الفرنسية مثل: جولييت بينوشيه، جيرارد ديبارديو، صوفي مارسو.

إذن فإن المؤلف طاف في مدار السينما الفرنسية وقدمها في كتابه اللافت، بأسلوب سهل وصوله إلى المتلقي، ومن ناحية أخرى فإنه يُشكّل إضافة ثقافية وفنية نوعية، تلعب دورًا في زيادة المعرفة، ويعتبر تلبية لحاجة ثقافية تنفتح على الأسئلة والتجارب في حالة مثل الحالة السينمائية الفرنسية، ما يضيف إلى المكتبة السينمائية نسخة حية، علمية ومعرفية وتحليلية، تسهم بحضور فعال في المشهد الثقافي وتفتح مجالًا ما للتوسع في النقاش النقدي.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة