أكرم القصاص - علا الشافعي

"المحلل الشرعى" والتجارة الحرام على صفحات السوشيال ميديا.. المشرع وضعها ضمن الجرائم الإلكترونية والاتجار بالبشر.. ودار الإفتاء تصفها بـ"الزنا المقنع".. والعقوبة تصل للمؤبد و500 ألف جنيه غرامة

السبت، 09 أكتوبر 2021 04:00 م
"المحلل الشرعى" والتجارة الحرام على صفحات السوشيال ميديا.. المشرع وضعها ضمن الجرائم الإلكترونية والاتجار بالبشر.. ودار الإفتاء تصفها بـ"الزنا المقنع".. والعقوبة تصل للمؤبد و500 ألف جنيه غرامة محكمة - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

واقعة المدعو "محمد الملاح" الذى تزوج 33 مرة كمحلل شرعى، جعلت الجميع يتطرق إلى إشكالية "المحلل الشرعي" من الناحية الشرعية والقانونية، وذلك مع ازدياد وتعدد حالات الطلاق داخل الأسر المصرية، وفقا للأرقام الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حيث بلغت نسبة الطلاق فى مصر 218 ألف حالة خلال عام 2020، وتسعى بعض الأسر للرجوع فى قرار الطلاق والعودة مرة أخرى للم الشمل، ولكن فى بعض الحالات لا يمكن العودة، خاصة إذا كانت تلك هى الطلقة الثالثة للزوجة.

 

الملاح أشهر "زوج تحت الطلب"

"الملاح" كشف أنه تزوج 33 مرة، حيث كانت أول مرة حدثت فى حياته منذ سنوات، بدأ حين اقترحت إحدى زميلاته فى العمل أن يتزوج صديقتها التى طلقت 3 مرات حتى تعود لزوجها كعمل إنسانى لوجه الله، وبالفعل تزوجها وكان زواجا كامل الأركان، وبعدها تم الانفصال وعادت هى إلى زوجها وانتهى الأمر، وبعدها بفترة تكرر الأمر مجددا وتزوج بناء على اقتراح أصدقاء له أيضاَ، حيث يقوم بهذا الأمر لوجه الله كعمل تطوعى بدون أى مقابل، ولا يتقاضى أموالًا من أجل حماية البيوت من الخراب وانفصال الأزواج ولديه صفحة على فيس بوك تروج لهذا الأمر – بحسب "الملاح" - وختم قائلًا: "إذا قالت لى دار الإفتاء أن هذا العمل غلط هبطل، والواقع أسوأ من الخيال".

 

واقعة "الملاح" جعلت الجهات الأمنية تتبع عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى – السوشيال ميديا – لتحديد هوية المروجين لمثل تلك الأفعال والقبض عليهم، والمتمثلة فى إدارة التوثيق والمعلومات، وقطاع مكافحة جرائم الإنترنت والإلكترونية، حيث يتولى المختصين إجراءات ملاحقة مديرى الصفحات عبر شبكة الإنترنت، لكشف هوية المسؤولين عنها وتقديمهم للنيابة العامة لمحاكمتهم، خاصة بعد أن أصبح محاولة إيجاد "محلل" ليس بالمهمة الصعبة، فإعلاناتهم على صفحات السوشيال الميديا بغير رقيب ولا قانون يجرمهم كما يستعين مئات المأذونين منتحلى الصفة بعشرات الرجال الذين يحضرون عند الطلب لعقد القران ثم التطليق بعد يومين أو ثلاثة من الزواج.

 

دار الإفتاء تصف المحلل بـ"الزنا المقنع"

فيما حسمت دار الإفتاء المصرية، الجدل المثار على مواقع التواصل الاجتماعى حول حكم زواج المحلل، بعد ظهور المدعو "محمد الملاح"، وقالت الدار، خلال صفحتها الرسمية على موقع "فيس بوك": زواج المرأة المَبْتوتة –أى: المطلقة ثلاثًا - لكى تحل للزوج الأَوَّل، - وهو ما يُعْرَف بـ"الزواج بشَرْط التحليل"- حرامٌ شرعًا باتفاق الفقهاء، فقد روى عن ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم: "أنَّه لَعَن المُحَلِّل والمُحَلَّل له" - أخرجه الترمذى - واللعن إنما يكون على ذنبٍ كبيرٍ، وروى عن ابن عمر رضى الله عنهما، أنه سُئِل عن تحليل المرأة لزوجها، فقال: "ذاك السِّفَاح" (رواه البيهقى) - والسِّفَاح أى: الزنا.

 

السبب وراء انتشار هذه الجرائم والمخالفات

وفى الحقيقة يأتى السبب وراء انتشار هذه الجرائم والمخالفات نتيجة رجال – عديمى الضمير والمسئولية - يلقون يمين الطلاق عشرات المرات فى اليوم الواحد دون حساب ليقعوا فى فخ حرمانية معاشرة الزوجات، وتصبح حياتهم مهددة بالدمار،  فيضطروا عندئذ للبحث لدى من يسلكون الطرق غير القانونية للرجوع لزوجاتهم مرة أخرى، فيجدوا أمامهم "المحلل الشرعى أو زوج تحت الطلب أو محلل المطلقات" للخروج من أزمتهم بعد تطليق زوجته طلاق بائن لا رجعة فيه وتكون الضحية هى الزوجة التى لا حول لها ولا قوة والتى تساق إلى الطلاق مكره وإلى الزوج بشكل غير شرعى تحت تحمى أسرتها.

تلك الصفحات الخاصة بـ"المحلل الشرعى" على مواقع التواصل الاجتماعى تعلن عادة عن رغبتها فى التواصل مع شباب من مختلف المحافظات لديهم النية للعمل كـ"محلل" تحت مظلتهم، بمواصفات وشروط معينة - وفق ما يرون – حيث تتم زيجة المحلل الشرعى أحيانا بدون عقد قران طالما أن الزوج طلق شفهيا، فمن الممكن الزواج بدون عقد قران مع "المحلل"، والطلاق أيضًا شفهيا، لتعود لزوجها مرة أخرى شفهيا مقابل 2000 جنيه للمأذون و2000 جنيه للمحلل و1000 جنيه لكل شاهد، ولا يشترط اكتمال الخلوة الشرعية، باعتبار أنه يكفى أن يجلس معه فقط ويحدثها أو يصافحها فى مكان ما منفردين، وبذلك تكون قد تحققت "الخلوة شرعية" بحسب ظنهم.

 

لماذا كثرت وقائع المحلل فى المجتمع؟

من جانبه – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض سامى البوادى – كثرة حالات الطلاق فى المجتمع نتج عنه مؤخرا ظهور ما يعرف بـ"محلل المطلقات"، وسط عروض من بعض الشباب والرجال للعمل كمحلل للزوجات مقابل مبلغ مالى تحت ستار أن الهدف من عرض المحلل شرعى، هو لم شمل الأسرة من جديد بعد الطلقة الثالثة، ولا يمكن للمرأة الرجوع لزوجها بعد طلاقها منه 3 مرات، فهذا لا يجوز، إلا إذا تزوجت من رجل آخر زواجًا شرعيًا صحيحًا متوافر فيه شروط وأركان العقد بغير اتفاق بينهما على التحليل أو يكون هذا الزواج مؤقت، والشرط الثانى أن يدخل بها ويعاشرها معاشرة الازواج، فلا بد وأن يدخل بها كما هو مشهور على لسان الكافة، حيث أن المقصود بزواج التحليل هو زواج المطلقة ثلاثًا لتحل لزوجها الأول، وهو أمر مشروع دل عليه الكتاب والسنة والإِجماع، قال تعالى "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، ثم قال فى الآية التى تليها "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره"، فقال العلماء: المعنى فإن طلقها للمرة الثالثة.

وبحسب "البوادى" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - ولكن الزواج بقصد التحليل فهو زواج غير صحيح شرعًا، لا يترتب عليه أى أثر من آثار عقد الزواج الصحيح؛ للحديث الصحيح المروى عن رسول الله -صل الله عليه وسلم "لعن الله المحلل والمحلل له" رواه الحاكم فى الصحيح والترمذى والإمام أحمد فى مسنده والنسائى فى سننه، وشبهه النبى (صل الله عليه وسلم) بالتيس المستعار، وقد نُقِلَ مثل ذلك عن الصحابة، من ذلك ما روى عن ابن عمر أنه سئل عن تحليل المرأة لزوجها فقال "ذاك السفاح".

 

جريمة الاتجار فى البشر

ويضيف: حتى يكون زواج ما بعد الطلاق الثالث محققا للغرض منه لا بد فيه من أمرين أساسيين، أولهما أن يكون العقد صحيحا، والثانى أن يكون معه دخول صحيح، فإذا اختل واحد منهما لم يكن مشروعا، والحكمة من اشتراط المحلل وتأكيد دخوله بالمرأة باللقاء الجنسى، التنفير من الطلاق الثلاث، وتنبيه الزوج إلى التريث فى استعمال حق الطلاق الذى جعله اللَّه على مرات، ومراعاة للشعور بالغيرة على أن يحل محله رجل آخر فى التمتع بزوجته.

ويعد ما يحدث بمواقع التواصل الاجتماعى عبارة عن الكسب الحرام والاتجار فى البشر، وأصبح هناك عصابات على مستوى محافظات الجمهورية، تعلن عن توافر محللين شرعيين حسب محل الإقامة، وحسب نوع المحلل، سواء كان محلل على الورق، أو محلل بـ "خلوة شرعية"، ولا تتم منظومة هذه الافعال وحث المجتمع على التعامل معها والنشر والاعلان والترويج عن وجود محلل إلا بوجود تشكيل مكون من مأذون ومحلل وشهود، وللأسف تزايدت أعدادها وأصبح هناك استقطاب للشباب للعمل بتلك المهنة، مستغلين عدم توافر فرصة العمل ورغبة الشباب فى الكسب السريع – هكذا يقول "البوادى".

 

7768-download-(1)

 

إنشاء مواقع وصفحات الكترونية للترويج لفكرة "المحلل"

ونرى أن هذا الإعلان والترويج للمحلل يشكل جريمة حسب نص المادة 27 من قانون الإنترنت الجديد، بإنشاء موقع على منصات التواصل الاجتماعى بهدف تسهيل ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، والعقوبة تصل إلى الحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه، بالإضافة للقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، ونص على أن كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، ويعاقب بالسجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه فى أى من الحالات الآتية، الجانى قد أسس أو نظم أو أأدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضمًا إليها – الكلام لـ"البوادى".

لأن ما يتم من قبل تلك الشبكات الإجرامية مخالف للشرع: "زواج حرام ولا يُعتد به، ويدخل فى إطار حكم الزنا، لأن الأصل فى الزواج هو الاستدامة والديمومة، فالزواج المؤقت لمدة يوم كـ محلل ليس زواج، حيث يقع باطلًا منذ لحظته الأولى وما يترتب عليه هو الزنا، وبالتالى إساءة الدين الإسلامى، وللأسف المشرع المصرى لا يجرم المحلل، فالشرع يحرمه أما القانون لا يجرمه، وتعتبر مهنة المأذون الشرعى من أجل وأعظم المهن التى يشرف الإنسان بالعمل والانتساب لها، فالمأذون الشرعى هو وكيل القاضى فى إجراء عقود الزواج وإشهادات الطلاق، والتحقق من توافر الأركان والشروط الشرعية اللازمة فى عقد الزواج، فالأمر ليس قاصر على التوثيق كما يظن البعض، وإلا لم تكن إجراءات العمل مأذون شرعى بهذه الصعوبة من شروط كثيرة واختبارات وشهادات دارسة للشريعة الإسلامية.

 

دور المـأذون فى "نكاح التحليل"

وإن كان دور المأذون مراقبة انطباق شروط صحة الزواج وسلامتها فحسب دار الإفتاء يشترط فى النكاح الذى يحصل به التحليل للزوج الأول ما يلى: الشرط الأول: أن يكون نكاحا صحيحا مستوفيا أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، والشرط الثانى، أن يدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا، والشرط الثالث أن يكون النكاح بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليا من التأقيت والتحليل، لأن الأصل فى عقد الزواج فى الشريعة الديمومة والاستمرار، ولذلك أن من يثبت عليه أنه يعلم بكون هذا زواج تحليل مؤقت الانعقاد يعد مخالفا لوجبات وظيفته ودوره ويتم تقديم المأذون الشرعى لقاضى محكمة الأسرة دائرة المأذونين الشرعيين فى حالة وجود مخالفة للائحة، ويتم تطبيق العقاب عليه كما نصت اللائحة الباب الرابع الفصل الأول – تأديب المأذونين مادة – 43 - العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على المأذونين لمخالفتهم واجبات وظيفتهم هى اما الانذار أو الوقف عن العمل لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ثلاث أشهر أو العزل.

 

الملاح

 

 
92588-79618375_10220887047983450_5062314743037952_n
 
 
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة