الجانب الآخر.. عرض يناقش أفكار حياة القطيع والإنسان بوصفه حيوانا

الخميس، 07 أكتوبر 2021 09:00 ص
الجانب الآخر.. عرض يناقش أفكار حياة القطيع والإنسان بوصفه حيوانا عرض الجانب الآخر
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الفيلسوف اليونانى القديم أرسطو يصف الإنسان بأنه حيوان عاقل، بينما يرى الفيلسوف الألمانى الشهير نيتشه فى كتابه "العلم المرح" أن الانحراف الذى حصل فى الثقافة الإنسانية راجع إلى تبديل وظيفة العقل هذه، وذلك عندما تم تحميله مسئولية إنتاج الحقيقة ووضع المعايير الأخلاقية، الأمر الذى جعله متعارضا مع الغريزة والهوى، فتم احتقار الأبعاد الغريزية واستهجانها مع أنها المكون المركزى فى الذات والحياة الإنسانية، لنصل إلى أطروحة تصف الإنسان بوصفه حيوانا.
 
الوصف الذى قاله "أرسطو" قبل قرون طويلة، وتناوله "نيتشه" قبل نحو قرن فى كتابه، ربما نراه اليوم بشكل واضح، فمع التطور التكنولوجيا وانقلاب الأوضاع الاقتصادية فى العالم، والتى كان لها تأثيرها الكبير على حياة الفرد، لم تعد الحياة كما كانت عليه، وأصبح الإنسان مندفعا بشكل أكثر نحو غرائزه دون أى عواطف أخرى، فأصبح المجتمع العالمى وكأنه غابة يعيش فيها مجموعة من البشر.
 
جميع ما سبق ربما طرحه الفلاسفة فى أطروحتهم، وتناوله العديد من الأدباء فى أعمالهم الروائية، وهو الأمر الذى طرحه أيضا العرض المسرحى "الجانب الآخر" إنتاج وزارة الشباب والرياضة، والذى عرض مؤخرا على المسرح العائم الصغير، ضمن فعاليات المهرجان القومى للمسرح فى دورته الرابعة عشرة.
 
243813665_2766004290360460_2408692359183187697_n
 
والعرض من تأليف محمد يحيى، وإخراج هانى رابح، إضاءة أبو بكر الشريف، ديكور محمود بيرو، تأليف موسيقى شريف محمود، تنفيذ موسيقى محمد الدسوقى، ملابس ومكياج هاجر كمال، أداء حركى ضياء الدين، مساعدين إخراج نور حلمى، عبد الرحمن محمد، محمود عادل، مخرج منفذ أحمد أحمد مومو، وإدارة مسرحية محمود عادل، وبطولة كل من: يوسف خالد عز، رودينا حسام، أدهم كيوان، أحمد بلال، محمود عيد، حبيبة عبد العزيز، محمد برازيلى، إهداء ياسر، إبراهيم أحمد، هيام محمد، مصطفى زينهم، إسلام مصطفى، مريم عيد، رضوى أشرف، إسلام باصو، أحمد طه، يوسف أحمد، زياد وليد.
 
و"الجانب الآخر" من نوعية مسرح العبث، يدور حول أفكار فلسفية حول سياسية الحياة وسط القطيع، وطرق الحياة العصرية، ويطرح تساؤلا حول تحول الحياة إلى الغابة، وتدور أحداث العرض داخل غابة يعيش فيها بشر على هيئة حيوانات، تحولوا إلي تلك الهيئة بعدما فشلوا فى الحياة وسط مجتمعهم، لاختلافهم عنهم، يحولون الوصول إلى أحد "الشنط المعلقة"، ربما فى تعبيرا عن الغاية التى يبحث عنها الإنسان فى حياته، وأثناء الأحداث يقتل أحد الحيوانات.
 
243818340_2766004467027109_2472435125625798513_n
 
ذروة الأحداث تبدأ من مشهد مقتل "الكبش" واختلاف الحيوانات فيما بينها حول من الذى قام بتلك الجريمة، ويقيمون محاكمة ويتهمون فيها "الخراتيت" ويتم سجنوهم لكنهم يكتشفوا فى النهاية أن من فعل ذلك هو القرد، بعدما أوهمهم جميعا بأن "الخراتيت" هم من قاموا بتلك الجريمة.
 
ويطرح العرض عبر حكايات أبطال العرض، وجهات نظر مختلفة حول نظرة البشر فى الحياة، فهناك من يفشل فى الحياة لأنه لا يجد الحب، والآخر يفشل بسبب اهتمامه بالآخرين أكثر من نفسه، ويحاول الوصول لصورة أكثر تعبيرا عن مقولة أن "الدنيا تحولت إلى غابة" وأن البشر أصبحوا أقل إنسانية، بل تحولوا إلى حيوانات فى هيئة بشرية.
 
حاول العرض تقديم هذه الأفكار ومناقشتها في شيء من التبسيط، بدون ادعاء لفظي أو تجاوزات في أداء الممثلين، فالأمر لا يحتمل أو يتطلب التكلف او إظهار الألم، فالمفارقات موجودة فقط بتسليط ضوء بسيط عليها.
 
243476550_2766004070360482_8973894886467725370_n
 
استغل المخرج كل الأدوات المتاحة من أجل تقديم عرض جيد، من خلال أداء حركى واستعراضى مميز، كذلك ديكور العرض رغم أنه كان ثابتا لأن الأحداث كلها تدور في مكان واحد، إلا أنه كان معبرا عما تعبر عنه الأحداث، حيث القطع التي تعبر عن الغابة، وكانت من بين القطع اللافتة استخدام المخرج لوجود "ساعة" ربما في إشارة منه إلى الحياة، وأن الغابة هنا هو العالم الذى نعيش فيه، والمكياج والملابس كانا معبران عن الهيئة البشر الجديدة، ولعبت الإضاءة بألوانها على رمزيات حول الدوافع الإنسانية وصراع الخير والشر، وعبر من خلالها المخرج عن رؤيته لهذا العالم.
 
فى النهاية جاء العرض رائعا مقارنة بإنتاجه البسيط، ورغم تكرر فكرته مع العديد من العروض الأخرى التى قدمت خلال السنوات الماضية، لكن أحداثه جاءت معبرة عن الفكرة التى ربما أراد صناعه التعبير عنها.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة