يعتبر "الوعد"، أبرز تطبيقات التصرف بإرادة منفردة، وهو عندما يقوم شخص بتوجيه وعد للجمهور بجائزة يمنحها لمن يفوز بمسابقة معينة، فيجب أن يحدد الواعد مضمون الوعد بجائزة الذي يوجه للجمهور عن طريق سبل الإعلام المختلفة، بجائزة تعطى عن إنجاز عمل معين، كالوصول إلى اختراع محدد أو كشف علاج لمرض أو العثور على شيء فاقد أو حيوان ضال.
فالوعد بالجائزة يوجه لجمهور الناس، ولا يوجه لشخص بعينه، فإذا وجه الوعد بالجائزة لشخص معين، تمثل إيجابًا له من الواعد حتى إذا ما قبله، قام العقد بينهما، أما الوعد الموجه للجمهور، فلا يعتبر إيجابًا لأحد، وإنما هو يلزم صاحبه بمجرده وذاته، تأسيسًا على إرادته المنفردة.
الجائزة تُستحق لمن ينجز العمل
ولكي يعتبر الوعد للجمهور بالجائزة قائمًا، يلزم أن يتم إعلانه للجمهور بأي طريق من طرق الإعلام، كالنشر في الصحف أو في الإذاعة المنظورة منها أو المسموعة أو باللصق على الجدران أو غير ذلك، وإذا قام الوعد التزم به صاحبه بمجرد إرادته المنفردة، وحق عليه أن يعطي الجائزة الموعود بها لمن أنجز العمل، ولو كان قد أنجزه قبل الوعد ما لم يتضمن الوعد غير ذلك، أو كانت ظروف الحال تقتضيه، كما أن الجائزة تُستحق لمن ينجز العمل، حتى لو أداه بغير نظر إليها أو دون أن يعلم بها.
هل يستطيع المعلن عن الجائزة أن يرجع عن وعده؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية أصبحت منتشرة في الوقت الراهن من خلال برامج المسابقات، وهي مدى آثر الوعد بجائزه على التزام الواعد بمعني هل يستطيع المعلن عن الجائزة أن يرجع عن وعده، وذلك في الوقت الذي سبق لنا الحديث عن كيفية حماية القانون للمشاركين في براج المسابقات الفضائية وغيرها - بحسب الخبير القانوني والمحامي طاهر على ديغم.
في البداية - لأثر الرجوع في الوعد بالجائزة، وتقرر عدم ثبوت الحق للواعد في الرجوع في وعده، إذا كان قد حدد في الإعلان ميعادًا لبقائه قائمًا، وإنما يسقط الوعد بمجرده وذاته بفوات هذا الميعاد، أما إذا لم يعين الواعد أجلاً لوعده، فإنه يمكنه الرجوع فيه في أي وقت على أن الرجوع في الوعد لا يعتبر واقعًا إلا بإعلانه للجمهور على وجه مماثل، أو في الأقل، يشابه في أثره الإعلامي، الوجه الذي تم به توجيه الوعد، للإجابة عن السؤال مدى آثر الوعد بجائزه على التزام الواعد بمعني هل يستطيع المعلن عن الجائزة أن يرجع عن وعده من الناحية القانونية لابد من التفريق بين حالتين – وفقا لـ"ديغم":
الحالة الأولى: إذا كان الواعد حدد مدة في الوعد للقيام بالعمل المطلوب خلالها
-وفى هذه الحالة لا يستطيع الواعد الرجوع عن وعده خلال المدة المحددة، ولو قرر الرجوع فلا يعتد برجوعه ولو انقضت المدة المحددة من الواعد للقيام بالعمل دون قيام أحد بالعمل المعلن عنه ينقضي التزام الواعد، وبذلك لا يكون الواعد ملزم بالجائزة المعلن عنها لمن قام بالعمل بعد انقضاء المدة المحددة من الواعد.
-لكن لو قام أحد الموجه إليهم الاعلان بالعمل خلال المدة المحددة من الواعد أو لو تم العمل قبل اعلان الواعد هنا يصبح التزام الواعد لمن قام بالعمل مستحق الأداء، وبذلك يكون من حقه الجائزة.
الحالة الثانية: عدم تعيين مدة فى الوعد لإنجاز العمل المطلوب
-وفى هذه الحالة يلتزم الواعد بالوعد الصادر منه لكن يجوز له الرجوع عنه بنفس طريقة الاعلان عن الجائزة، وإلا الرجوع هنا يفقد أثره ويظل ملزما بالجائزة، لكن هل يظل التزام الواعد هنا قائما طالما لم يحدد مدة؟
يُجيب "ديغم" - لا فالتزام الواعد هنا ليس التزاما أبديا، وإنما يتحدد الوعد بالمدة المعقولة التي يجدي فيها القيام بالعمل المطلوب، فلو اتم أحد المعلن إليهم العمل خلالها تصبح الجائزة من حقه، وإذا انقضت تلك المدة دون أن يتم أحد العمل المطلوب فإن التزام الواعد في هذه الحالة ينقضي، وفي حالة قيام خلاف حول المدة المعقولة يحددها القاضي، ولكن هذا مشروط بعدم رجوع الواعد في وعده لكن لو رجع في تلك الحالة سنفرق بين فرضين:
-الفرض الأول:
لو اتم أحد المعلن إليهم العمل قبل اعلان الواعد رجوعه في العمل عن وعده يكون من حقه الحصول على الجائزة، ولا إثر للرجوع هنا على التزام الواعد.-لكن يجب على الشخص الذي اتم العمل رفع دعوى لمطالبته بالجائزة في خلال 6 أشهر من تاريخ اعلان الواعد عن الرجوع في وعده.
-الفرض الثاني:
لو لم يتم أحد العمل المعلن عنه قبل اعلان الواعد الرجوع عن وعده، فبذلك يكون الواعد تحلل من التزامه بالجائزة ولم يصبح ملتزما بأدائها.
أما لو كان بدأ في تنفيذ العمل المطلوب اعتمادا على الوعد، ولم يكن قد اتم العمل عند اعلان الرجوع هل يصبح له حق في الجائزة؟ يؤكد "ديغم" - الرأي السائد عند فقهاء القانون في مصر هو أنه يجوز له مطالبة الواعد بالتعويض على اساس المسؤولية التقصيرية، وليس على أساس الوعد الذي سقط بالرجوع فيه، وهنا يحكم له بالتعويض عن الضرر الذي أصابه دون أن يجاوز هذا التعويض مقدار الجائزة، لكن يجب عليه أن يثبت تعسف الواعد في استعمال حقه في الرجوع عن وعده لأن مجرد الرجوع في الوعد لا يرتب مسؤولية على الواعد لأنه حقه المكفول له قانونا.
