عروة بن الزبير تابعى جليل وصابر عظيم.. ما يقوله التراث الإسلامى

الأحد، 10 أكتوبر 2021 05:00 م
عروة بن الزبير تابعى جليل وصابر عظيم.. ما يقوله التراث الإسلامى كتاب البداية والنهاية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان التابعى الجليل عروة بن الزبير عالما فقيها، وكان ورعا صابرا محتسبا، هو شقيق عبد الله، وقد رحل فى سنة 94 هجرية، فما الذى يقوله التراث الإسلامى على علمه وصبره؟

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "عروة بن الزبير بن العوام"

القرشى الأسدى أبو عبد الله المدنى، تابعى جليل روى عن أبيه وعن العبادلة ومعاوية والمغيرة وأبى هريرة، وأمه أسماء، وخالته عائشة، وأم سلمة، وعنه جماعة من التابعين، وخلق ممن سواهم.

 قال محمد بن سعد: كان عروة ثقة كثير الحديث عالما مأمونا ثبتا، وقال العجلي: مدنى تابعى رجل صالح لم يدخل فى شىء من الفتن، وقال الواقدى: كان فقيها عالما حافظا ثبتا حجةً عالما بالسير، وهو أول من صنف المغازى، وكان من فقهاء المدينة المعدودين، ولقد كان أصحاب رسول الله (ﷺ) يسألونه، وكان أروى الناس للشعر، وقال ابنه هشام: العلم لواحد من ثلاثة، لذى حسب يزين به حسبه، أو ذى دين يسوس به دينه، أو مختلط بسلطان يتحفه بنعمه ويتخلص منه بالعلم، فلا يقع فى هلكه، وقال: ولا أعلم أحدا اشترطه لهذه الثلاثة إلا عروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، وكان عروة يقرأ كل يوم ربع القرآن ويقوم به فى الليل، وكان أيام الرطب يثلم حائطه للناس فيدخلون ويأكلون، فإذا ذهب الرطب أعاده، وقال الزهرى: كان عروة بحرا لا ينزف ولا تكدره الدلاء.
 
 وقال عمر بن عبد العزيز: ما أحد أعلم من عروة، وما أعلمه يعلم شيئا أجهله، وقد ذكره غير واحد فى فقهاء المدينة السبعة الذين ينتهى إلى قولهم، وكان من جملة الفقهاء العشرة الذين كان عمر بن عبد العزيز يرجع إليهم فى زمن ولايته على المدينة.
 
 وقد ذكر غير واحد أنه وفد على الوليد بدمشق، فلما رجع أصابته فى رجله الأكلة، فأرادوا قطعها فعرضوا عليه أن يشرب شيئا يغيب عقله حتى لا يحس بالألم ويتمكنوا من قطعها، فقال: ما ظننت أن أحدا يؤمن بالله يشرب شيئا يغيب عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل، ولكن هلموا فاقطعوها فقطعوها من ركبته وهو صامت لا يتكلم، ولا يعرف أنه أنَّ، وروى أنهم قطعوها وهو فى الصلاة فلم يشعر لشغله بالصلاة، فالله أعلم. ووقع فى هذه الليلة التى قطعت فيها رجله ولد له يسمى محمدا كان أحب أولاده من سطح فمات، فدخلوا عليه فعزوه فيه، فقال: اللهم لك الحمد، كانوا سبعة فأخذت واحدا وأبقيت ستة، وكان لى أطراف أربعة فأخذت واحدا وأبقيت ثلاثة، فلئن كنت قد أخذت فلقد أعطيت ولئن كنت قد ابتليت فقد عافيت. 
 
قلت: قد ذكر غير واحد أن عروة بن الزبير لما خرج من المدينة متوجها إلى دمشق ليجتمع بالوليد، وقعت الأكله فى رجله فى واد قرب المدينة، وكان مبدؤها هناك، فظن أنها لا يكون منها ما كان، فذهب فى وجهه ذلك فما وصل إلى دمشق إلا وهى قد أكلت نصف ساقه، فدخل على الوليد فجمع له الأطباء العارفين بذلك، فأجمعوا على أنه إن لم يقطعها وإلا أكلت رجله كلها إلى وركه، وربما ترقت إلى الجسد فأكلته، فطابت نفسه بنشرها وقالوا له: ألا نسقيك مرقدا حتى يذهب عقلك منه فلا تحس بألم النشر؟ فقال: لا ! والله ما كنت أظن أن أحدا يشرب شرابا أو يأكل شيئا يذهب عقله، ولكن إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا فى الصلاة، فإنى لا أحس بذلك ولا أشعر به، قال: فنشروا رجله من فوق الأكلة، من المكان الحي، احتياطا أنه لا يبقى منها شيء، وهو قائم يصلي، فما تصور ولا اختلج، فلما انصرف من الصلاة عزاه الوليد فى رجله، فقال: اللهم لك الحمد، كان لى أطراف أربعة فأخذت واحدا، فلئن كنت قد أخذت فقد أبقيت، وإن كنت قد أبليت فلطالما عافيت، فلك الحمد على ما أخذت وعلى ما عافيت، قال: وكان قد صحب معه بعض أولاده من جملتهم ابنه محمد، وكان أحبهم إليه، فدخل دار الدواب فرفسته فرس فمات، فأتوه فعزوه فيه، فقال: الحمد لله كانوا سبعة فأخذت منهم واحدا وأبقيت ستة، فلئن كنت قد ابتليت فلطالما عافيت، ولئن كنت قد أخذت فلطالما أعطيت. فلما قضى حاجته من دمشق رجع إلى المدينة، قال: فما سمعناه ذكر رجله ولا ولده، ولا شكا ذلك إلى أحد حتى دخل وادى القرى، فلما كان فى المكان الذى أصابته الأكلة فيه قال: "لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبا" [الكهف: 62].
 
قيل إنه ولد فى حياة عمر، والصحيح أنه ولد بعد عمر فى سنة ثلاث وعشرين، وكانت وفاته فى سنة أربع وتسعين على المشهور، وقيل سنة تسعين، وقيل سنة مائة، وقيل إحدى وتسعين، وقيل إحدى ومائة، وقيل سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس وتسعين، وقيل تسع وتسعين فالله أعلم.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة