أكرم القصاص - علا الشافعي

العصر القبطى لـ مصر.. لماذا لم يأخذ حقه فى التأريخ؟

الأحد، 24 يناير 2021 06:00 م
العصر القبطى لـ مصر.. لماذا لم يأخذ حقه فى التأريخ؟ حضارة مصر القبطية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحتاج تاريخ مصر لكثير من الدراسات، وذلك لأنه يحكى عن حضارة عظيمة، منها العصر القبطى الذى تعرض إلى ظلم كبير يشير إليه كتاب "حضارة مصر القبطية.. الذاكرة المفقودة" ل، منير عبود وأحمد عثمان.
 

يقول الكتاب تحت عنوان: تقسيم خاطئ

يقسم التاريخ المصرى عادة إلى ثلاثة أقسام: العصر الفرعونى (من حوالى 3150 إلى 332 قبل الميلاد)، العصر اليونانى الرومانى (من 332 قبل الميلاد إلى 641 ميلادية)، العصر الإسلامى (من 641 وحتى وقتنا هذا). وكما يتبين لنا، فلا ذكر للعصر القبطى فى هذا التقسيم للتاريخ المصرى، ورغم أن بعض الباحثين وبعض المتاحف قد بدؤوا أخيراً يتحدثون عن العصر القبطى، فإن هذا العصر عندهم ليس له مكان فى تتابع أحداث التاريخ المصرى الذى يدرس فى المعاهد والجامعات، أو فيما تنشر الموسوعات العالمية، وحتى بالنسبة إلى أولئك الباحثين الذين يتحدثون عن العصر القبطى، فلا يزال هذا العصر بدون حدود تاريخية محددة، بل هو متداخل مع فترتى الحكم الرومانى والبيزنطى، ومن أهم أسباب اختفاء العصر القبطى من التاريخ المصرى، هو أن الباحثين الكلاسيكيين اعتبروا القسم الثانى من التاريخ المصرى يمثل تاريخ حضارة أجنبية وليست مصرية، حضارة يونانية ورومانية. 

فى هذا الكتاب سأحاول توضيح سبب هذا الوضع الشاذ وأبين أن ما يسمى الآن بالعصر الرومانى للتاريخ المصرى (30 ق.م - 641 م)، هو فى الحقيقة يمثل العصر القبطى من تاريخ مصر، وسوف أقدم تقسيماً جديداً لتاريخ بلادنا يحل مكان التقسيم القديم، ينقسم كذلك إلى ثلاثة أقسام: فرعونى (من حوالى 3150 إلى 30ق.م)، قبطى (30ق.م - 641م) وإسلامى (641 إلى الوقت الحاضر). 
 
وأنا أستخدم كلمة "قبطي" هنا كما كانت الكلمة تستخدم فى العصور القديمة، ليس للدلالة على المسيحى المصرى، وإنما للدلالة على "المصرى" بشكل عام، وعلى هذا يمثل العصر القبطى عندى الفترة ما بين نهاية الحكم الفرعونى فى 30 ق. م.، وحتى وصول العرب المسلمين فى 641 م. 
 
حضارة مصر القبطية
 
واستخدم كلمة "قبطى" هنا بمعنى "مصرى" كما كانت تستخدم فى الأزمنة القديمة، حيث صارت لها دلالة دينية فى وقتنا الحاضر بمعنى "مسيحى مصرى"، فالأقباط هم بشكل عام أحفاد المصريين القدماء، مثلهم فى هذا مثل الغالبية العظمى من المصريين الذين اعتنقوا الإسلام، فقد استخدم الكتاب اليونان القدامى كلمة قبطى وأقباط للتعبير عن سكان مصر وشعبها، وكلمة Copt الإنجليزية مأخوذة عن الكلمة اليونانية Aiguptios وهى شكل الصفة للاسم Aiguptia أى مصر، ومن المفهوم أن Eiguptia هى بدورها مأخوذة عن اسم مدينة منف فى مصر القديمة ها-كا-بتاح أى مقر روح بتاح، الكلمة التى استخدمها اليونانيون للدلالة على مصر كلها.
 
 ومن الناحية الأخرى، بينما استخدم العهد القديم من الكتاب المقدس الكلمة العبرية "مصرايم" للدلالة على بلادنا، استخدم القرآن كلمة مصر، ومع هذا فقد أطلق المؤرخون العرب الأوائل على المصريين كلمة "قبط"، وهى الكلمة التى صارت الآن ذات دلالة دينية وليست قومية. 
 
وبالنسبة إلى التقسيم القائم حالياً للتاريخ المصرى، ليس هناك خلاف فيما يتعلق بالعصر الإسلامى بينما يوجد الخلاف حول القسمين الآخرين، إذ يتضمن القسم المسمى بالعصر اليونانى الرومانى ثلاثة أجزاء: عهد البطالمة وعهد الرومان وعهد البيزنطيين. 
 
ومن الواضح أن إطلاق اسم العصر اليونانى الرومانى على هذه الفترة من التاريخ المصرى يقوم على أساس عقائدى وليس على أساس من التاريخ، فكيف لأمة أن تحدد تاريخها بناء على أسماء الأجانب المحتلين لأرضها، وإلا لصار لدينا عصر هكسوسى وعصر ليبى وعصر فارسى وعصر لكل محتل سيطر بقواته على بلادنا، ونلاحظ هنا أن العصر الإسلامى لم يأخذ اسمه بسبب احتلال العرب لمصر، وإنما بسبب اعتناق أبناء الشعب المصرى للإسلام فى تلك الحقبة، وكان الكلاسيكيون الأوروبيون هم الذين قاموا بتحديد عصور التاريخ المصرى خلال القرن التاسع عشر، ليس على أساس التطورات الداخلية والتغيرات التى حدثت فى مجالات الثقافة والإدارة، بل على أساس تصورهم الخاص لطبيعة التاريخ المصرى القديم.
 
واعتقدوا أنه خلال تلك الفترة عندما سقطت البلاد تحت حكم أجنبى - للمقدونيين والرومان ثم البيزنطيين - اختفت عناصر الحضارة المصرية القديمة، وحلت مكانها عناصر جديدة لحضارة هيلينية يونانية، وهم يرون أن الحضارة المصرية القديمة انتهت من الوجود مع وصول الإسكندر الأكبر إلى أرض مصر فى 332 قبل الميلاد، وفى ما يدعون أنه فى تلك اللحظة نفسها حلت مكانها حضارة يونانية هيلينية استمرت - فى رأيهم - حتى وصول العرب فى 641 للميلاد. 
 
"إذا ما سألنا لماذا جمع بطليموس الأول وخلفاؤه العديد من الباحثين والشعراء فى بلاطهم، فلا تكفى الإشارة إلى الدوافع المعروفة جيداً لدى الملوك الآخرين الذين راعوا الفنون والعلوم، مثل الرغبة فى تعظيم مركزهم فى البلاط على سبيل المثال، لا بد لنا أيضاً الأخذ فى الاعتبار أنه لم يكن ممكناً إظهار تفوق الثقافة اليونانية بطريقة أفضل، إلا عن طريق (العمل على) ازدهار الفنون والعلوم (اليونانية) فى الإسكندرية، حتى يمكن تبرير الحكم المقدونى اليونانى على مصر. هذا الازدهار يثبت كذلك أن الثقافة اليونانية كانت لا تزال حية وفى حالة جيدة، بينما كانت الثقافة المصرية - التى لطالما أعجب بها اليونان المتعلمون كثيراً - قد ماتت منذ وقت طويل. فلم يهتم اليونان كثيراً بالمصريين الذين عاصروهم. من هذا المنظور يكون تأسيس ومساعدة المتحف السكندرى تحقيقاً لسياسة ثقافية بمعنى الكلمة".
 
إلا أن هذا الادعاء من جانب رودولف بلوم يتعارض تماماً مع الأدلة الأثرية الحديثة، والتى تؤكد أن الثقافة الفرعونية المصرية استمرت خلال فترة حكم البطالمة كما سنبين فيما بعد.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة