تبرأ الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب من أحداث الشغب التي شهدها مبني الكونجرس بعدما اقتحم عشرات من أنصاره المبني ودخلوا في مناوشات مع الشرطة، خلفت 5 قتلي وعشرات المصابين وبعد قرار مجلس النواب بتأييد عزل ترامب، فإن الجدل حول ما إذا كان بإمكان الرئيس العفو عن نفسه يدور.
وأدت أعمال الشغب إلى محاكمة ترامب التاريخية الثانية هذا الأسبوع وأثارت دعوات ديمقراطية لإجراء تحقيق فيدرالي في دور ترامب في التحريض على العنف، وقد جدد هذا بدوره التساؤل عما إذا كان ترامب قد يستخدم سلطة العفو الرئاسي على نفسه من أجل الهروب من الملاحقة القضائية في المستقبل.
في عام 2018 ، في مواجهة تحقيق مستشار خاص في علاقات حملته لعام 2016 مع روسيا ، قال ترامب إن لديه "حقًا مطلقًا" في العفو عن نفسه، ولكن بقدر ما قد يبدو الأمر صعب لتحقيقه فإن العفو الذاتي قد لا يكون بالضرورة في مصلحة ترامب ، وبحسب ما ورد حاول مستشاريه إبعاده عنه مشيرين الى ان الرأفة الذاتية يمكن أن يُنظر إليها على أنها اعتراف بالذنب. والأكثر من ذلك ، أنه قد يأتي بنتائج عكسية من خلال دفع وزارة العدل المترددة في عهد الرئيس القادم جو بايدن للطعن في العفو وتوجيه التهم ضد ترامب.
قالت صحيفة فويس اوف أمريكا إن دستور الولايات المتحدة نفسه غير واضح بشأن هذه المسألة، حيث تمنح المادة الثانية من الميثاق الرئيس سلطة "منح إرجاء التنفيذ والعفو عن الجرائم ضد الولايات المتحدة ، باستثناء حالات الإقالة" ووفقا لخبراء قانونيين ترك هذا النص واسع الصياغة يفتح الباب لتأويلات عدة.
وقال جيفري كراوتش ، أستاذ القانون في الجامعة الأمريكية ومؤلف كتاب عن سلطة العفو الرئاسي: "لم يسبق لأي رئيس أن حاول العفو عن نفسه ، لذلك ليس لدينا أي سابقة للرجوع اليها .. فكر الرئيس نيكسون في القيام بذلك ولكنه اختار في النهاية عدم القيام بذلك".
ويعتقد البعض أن الرئيس يمكنه العفو عن نفسه ويجادل بأنه لا يوجد ما يخالف الدستور ويقولون إن الزعيم الأمريكي لديه سلطة العفو عن الجرائم الفيدرالية ، وإذا ارتكب هو نفسه جريمة فيدرالية ، فيجب أن يكون قادرًا على العفو عن هذه الجريمة، لكن هؤلاء الذين يتبنون وجهة نظر معاكسة - وهم الأغلبية - يؤكدون أن فعل "منح العفو" ذاته يعني ضمناً تحرك يشمل شخصين.
وقال ستيف مولروي ، أستاذ القانون في جامعة ممفيس: "إن استخدام كلمة عفو يعني عادةً أن شخصًا ما يعفو عن شخص آخر. هذه هي الطريقة التي فُهمت بها تاريخيًا"، وأضاف أن العفو عن الذات يتعارض مع مبدأ قانوني أمريكي وهو أن المرء لا يمكن أن يكون قاضياً في قضيته الشخصية، وقال: "لهذا السبب ، في حين أن سلطة العفو واسعة للغاية ولم تصدر المحكمة العليا حكمًا نهائيًا ، فإن معظم علماء الدستور يقولون إنه لا يمكنك العفو عن نفسك".
في عام 1974 ، نظرت وزارة العدل في السؤال والجواب الذي جاء به كان لا. وكتب مكتب المستشار القانوني في الوزارة في مذكرة أن العفو عن الذات يتعارض مع "القاعدة الأساسية التي تنص على أنه لا يجوز لأي شخص أن يكون قاضيا في قضيته".
ووفقا للتقرير هذا لا يعني أن الرئيس قد لا يحاول العفو عن نفسه إذا اختار العفو الذاتي، فمن المحتمل أن يصدر لنفسه "عفوًا كاملاً وغير مشروط"، وفقًا لخبراء قانونيين. عادةً، عندما يعفو رئيس عن شخص ما، تحدد وثيقة الرأفة التهم التي يعفو عنها، كما كان الحال مع عفو ترامب الأخير عن العديد من شركائه السابقين.
لم يسبق أن حاول ترامب العفو عن نفسه من قبل، فقد يشكل سابقة خطيرة محتملة للسلوك الرئاسي في المستقبل، وقال خبراء: "إن العفو الرئاسي عن النفس سيكون سابقة مروعة ويسمح للرؤساء بارتكاب أبشع الجرائم الفيدرالية والعفو عن أنفسهم ببساطة".
ومع ذلك، يختلف الذين يعتقدون أن الرئيس يمكنه العفو عن نفسه، قائلين إن هناك ضوابط أخرى للسلطة الرئاسية مثل المساءلة من قبل الكونجرس. بالإضافة إلى أن العفو لا يحمي الرئيس من ملاحقة الدولة.
في حين أن العفو الرئاسي دائم ولا يمكن التراجع عنه، فإن العفو الذاتي من قبل ترامب قد ينتهي به الأمر إلى مواجهة تحديات قانونية في المستقبل، وأوضح بايدن أنه لا يحبذ أن تجري وزارة العدل التحقيق مع سلفه. ولكن إذا كان ترامب سيعفو عن نفسه ، فقد يدفع ذلك وزارة العدل إلى توجيه اتهامات ضده فقط لاختبار دستورية العفو الذاتي وأشار البعض الى إن القضية يمكن أن تذهب إلى المحكمة العليا.
هناك احتمال قائم وهو ان يستقيل ترامب وقوم نائبه مايك بنس بإصدار عفو رئاسي عنه بعد توليه مهامه الرئاسية على الرغم من ان ترامب لم يشر إلى أنه يعتزم الاستقالة قبل انتهاء فترة ولايته في 20 يناير
اشارت الصحيفة الى انه هناك سابقة لحصول رئيس على عفو من خليفته في عام 1974 ، بعد استقالة نيكسون بسبب فضيحة ووترجيت ، أصدر نائبه وخليفته ، جيرالد فورد ، عفواً شاملاً عن جميع الجرائم ضد الولايات المتحدة. بينما أصر فورد على أنه فعل ذلك من أجل المصلحة الوطنية ، وبالنسبة إلى النقاد ، بدا الرأفة دائمًا وكأنها "عفو ذاتي" من نيكسون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة