محمد ثروت

أباطرة التواصل الاجتماعى وازدواجية المعايير

الأربعاء، 13 يناير 2021 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما قام به أباطرة مواقع التواصل الاجتماعى ومسئولو شركات التكنولوجيا العالمية، من حرمان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من ممارسة حقه فى التعبير ومخاطبة أنصاره من اليمين الشعبوى على موقع توتير، أثار الكثير من الجدل حول الخطاب المزدوج الذى يقمع حرية الرئيس الأمريكى بينما يترك رموز التطرف والإرهاب فى العالم يبثون سمومهم على مختلف المنصات.
 
إن عملية طرد ترامب من الفضاء الرقمي، بسبب تغريدات اعتبرت تحريضا على العنف من قبل أنصاره واقتحام مبنى الكابيتول "الكونجرس الأمريكي".  فتحت الجدل بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة، فالجانب الأوروبي اعتبرها تتعارض مع حرية الرأي التعبير، والبعض الآخر أيدها، باعتبارها خطوة للحد من خطاب الكراهية والتحريض على العنف والقتل والاعتداء على الآخر لفظيا وبدنيا.     
 
الغريب أن إدارة توتير لم تغلق حساب ترامب منذ ولايته الأولى وهو يحرض ويتوعد بطرد المهاجرين ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، ولم تحذف تغريدة واحدة من تغريداته طيلة أربع سنوات.   
 
الإشكالية المعلنة التى رفضت على أساسها كل من ألمانيا وفرنسا قرار شركات التواصل الاجتماعى الكبرى هى تعارض ذلك القرار مع حرية الرأي والتعبير المكفولة وفقا للقوانين الأوروبية، حيث تنص توصيات اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب (رقم 15) على "أنه لا ينبغي استخدام القيود المفروضة على خطاب الكراهية، لإسكات الأقليات وقمع انتقاد السياسات الرسمية، أو المعارضة السياسية أو المعتقدات الدينية". لكن الجانب الخفي- من وجهة نظري، أن الدول الأوروبية الكبرى تتخوف من تزايد نفوذ وسلطة شركات وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة والمبالغة في سلطاتها وصلاحياتها رغم كونها في النهاية شركات خاصة.
 
الحقيقة أن شركات التواصل الاجتماعي العملاقة ليست مجتمع ملائكة مخلصي النوايا، فقد تباطأت كثيرا شركات جوجل ويوتيوب في حذف كتابات وتسجيلات ومقاطع مصورة لجماعات العنف والإرهاب، تحرض على القتل وإراقة دماء الأبرياء. وهذه الشركات التي تتعامل بمنطق التاجر الشاطر والربح الخسارة والحسابات المختلفة، سياسية وأمنية وتجارية، لايهمها إلا مصالحها فقط. ولكن أيا كانت تلك المصالح وتوقيت القرار، فإن أي خطوة لكبح جماع التيار الشعبوي اليميني المتزايد المحرض على كراهية الآخر وإقصائه وتهميشه وحرمانه من حقه في الحياة، علينا أن نشجعه في حدود مبرراته ومقتضيات القرار،  بينما لا نشجع أي تغلغل لشركات التواصل الاجتماعي في حياتنا وخصوصيتنا. أفلا تعقلون؟






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة