قرأت لك.. كتاب "جائحة كوفيد –19" ما الذى استجد على العالم بسبب كورونا

الخميس، 03 سبتمبر 2020 07:00 ص
قرأت لك..  كتاب "جائحة كوفيد –19" ما الذى استجد على العالم بسبب كورونا غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نتوقف اليوم مع كتاب "جائحة كوفيد -19..  والمستجد فى المجتمع والسياسة والاقتصاد" الذى صدر عن مركز المسبار، و يقدم تأثيرات الجائحة فى المجتمعات والأفراد والدول، فى تخصصات متعددة، تضمنت علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة، والسياسة والاقتصاد، مقيِّماً الأفكار الانفعالية التى اجتاحت بعض المفكرين المتشائمين والمتفائلين، على حدٍ سواء، تجاه التغيرات التى فرضها الفيروس، ومتعمِّقاً فى إظهار آليات الفهم والتنظيرات الجديدة.
جائحة
 
بدأ الكتاب عبر باب الاجتماع، فسبرت دراساته تداعيات "الصدمة" فى المجتمعات، التى أفاقت على موجة من "اللايقين" هددت مسلّماتها المسبّقة، دفعت "المفاجأة" باحثين إلى خلاصات مستعجلة، تتضمّن أفكاراً عن عدم استدامة استقرار شبكة الصلات المعقّدة التى تشدّ أواصر "المجتمع العادى"، أدّى تغيّر أنماط الحركة الانسيابية اليومية المنظمة للأعمال والمدارس والسفر والترفيه والتجمّعات الصغيرة للأصدقاء، إلى توابع اجتماعية، عصيّة على الرصد، حتى لكأنها قائمة على حقل ألغام جاهز للانفجار، فظهرت أمراض اجتماعية على رأسها "العنف الأسرى" من جهة، وبرزت واجهات للأمل تتحدى الجائحة بابتكار الطرق الجديدة للتعليم والتعلّم، ولو بشكلٍ مؤقت، من جهة أخرى.
 
اهتم الكتاب بـ"سيكولوجية الوباء" ومسارات التعافى النفسى، دون أن يخرج بخلاصات أو نتائج نهائية، "فلا بدّ أن يكون قدر كبير مما نقوله عن أزمة فيروس كورونا انطباعياً بطبيعته، فلدينا -على الأرجح- فرضيات أكثر مما لدينا من حقائق دامغة. لكن ثمة مجالات مختلفة من البحث النفسى يمكن أن تقول لنا شيئاً مفيداً عن جوانب الفيروس وطريقة تعاملنا معه".
 
يؤثر الفيروس المُستَجِدّ (كوفيد -19) فى السلوك الفردى والجماعى من الناحيتين الاجتماعية والسلوكية. ظهرت أنماط من العادات الجديدة التى لم تعتد عليها المجتمعات بهذا الزخم، فغدت النظافة الجسدية الشخصية ووضع الكمامة على الوجه، شأناً سياسياً واجتماعياً عاماً. أجاب الكتاب عن تساؤل عريض: هل تتحول الممارسات الشخصية الطبية الجديدة التى فرضتها الجائحة إلى سلوكيات اعتيادية عمومية؟
 
تعليمياً، أفرد الكتاب شهادة لتحديات التعلم عن بعد فى الإمارات العربية المتحدة، حيث تم تحديد عقبات وإنجازات التعلم عن بعد عند جميع أطراف العملية التعليمية فى الدولة، التى تضم الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، والتى تنوّعت بين تقنيّة ونفسيّة ومهاراتيّة.
 
تضمن الكتاب ثلاث قراءات فلسفية للأزمة الصحية وطرائق فهمها والاستجابة النفسية والفكرية لها. أخذت الدراسات بالاعتبار تفاعل دواخل الإنسان وفضاءاته العامة والمشتركة، مع الجائحة، ومحاولة تفسيره لها، وفلسفة انفعاله معها، فشرحت دراسةٌ مفهوم العزلة الذى ولده الحجر المنزلي، نتيجة الإجراءات الاحترازية المفروضة، وحفرت فى تنسيبها للخطاب الفلسفى المعاصر، متتبعةً آراء الفلاسفة والمفكرين المعاصرين. حاولت دراسةٌ ثانية تتبع علاقة الأزمة بصعود القومية بشكلٍ مضطرد مع انتشار الفيروس؛ وما حملته من دعوات إقصائية للآخر، كما رصدت الدعوات إلى التسامح والانفتاح فى زمن انكماش القوميات، من صلوات جماعية وتقارب إنساني، دفعت إليه وحدة التحديات. سعت القراءة الثالثة إلى اجتراح مقاربة فلسفية متفائلة، بعد أن اكتسح التشاؤم بعض المفكرين، فتعددت أشكاله وتعبيراته، لكن قوة الإرادة المرتبطة بالإبداع العلمى والتكنولوجى والطبي، ترفع منسوب تفاؤل العقل البشرى فى تجاوز الأزمات المؤلمة.
 
طرحت الدراسات فى شقها السياسي، الجدل الفكرى الأوروبى المثار حول مجال الأمن الحيوى وحالة الاستثناء (الطوارئ) المعلنة فى أكثر من دولة أوروبية، وعلاقة ذلك بتعطل الحياة الديمقراطية. أما على مستوى العلاقات الدولية، فتطرقت الدراسات إلى آثار الجائحة على النظام الدولي، وجمَعَت ردود الأفعال، بالتركيز على مسار العلاقات بين الصين وأمريكا، وتضمّنت نقاشات «تشكُّل النظام العالمي» المكررة، سواء المذهولة بالمؤامرة، أو المفتونة بالتبشير بنهاية عصر «القطب الواحد».
 
درس الكتاب تعامل أحزاب اليمين الأوروبى مع الأزمة، شارحاً أبرز النظريات التفسيرية التى تمّ الترويج لها، ليس على مستوى «أصل الفيروس» فحسب، وإنما أيضاً على مستوى التوظيف السياسى والترويج لأنماط من الرهاب العرقى والديني. لقد تقاطع «التاريخ الطارئ» على أوروبا مع تنامٍ سابق للنزعات القومية والشعبوية، دون أن يعنى ذلك الانجرار وراء الخلاصات المتسرعة التى تدعى فقدان القارة لروحها الحضارية واحتضانها لــ«الضيف» الغريب؛ فالأزمة أثارت أسئلة «الذات» و«الآخر» و«التطرف» و«الهجرة» و«التضامن» فى قالب جديد.
 
تضمن الكتاب دراسات حول التداعيات الاقتصادية للجائحة، فناقشت القفزات المستقبلية المحتملة لـ«رقمنة الاقتصاد» بعد اتجاه المؤسسات والشركات والدول إليه، وحاججت الآراء المثارة حول «اقتصاد السوق الاجتماعي» وفرضيات تشكيله بديلاً «لليبرالية الاقتصادية»؛ وذلك فى ضوء تنامى «اللايقين الاقتصادي» الذى يعزز الشعور بالحاجة إلى إنشاء جديد. كما رصدت تأثير الفيروس فى الاقتصاد والأمن الغذائى العالمى والعربى والخليجي، طارحةً بالأرقام أثره فى الانكماش الاقتصادى والمخاوف من الركود، دون أن تغفل عن إمكانات ومسارات التعافي؛ بعد الفتح التدريجى للأسواق والمؤسسات وعودة الدورة الاقتصادية، على الرغم من المخاوف التى يبديها بعض الخبراء من احتمال إغلاق آخر تفرضه موجات أخرى.
 
يبقى التفاعل المجتمعى والعلمى والسياسى والاقتصادى مع الجائحة، مسألة بحثية مفتوحة على الأسئلة. ويأتى هذا الجهد لرصده، من باب محاولة فهم «كيف نفكر أثناء الأزمات». يخرج الكتاب بملاحظة أولية تقف بين تيارين: الأول: يرى أن كل شيء تغير إلى الأبد، وتيار آخر يرى أن لا شيء سيتغير؛ ومهمة البحث العلمى هى توفير الأساس السليم لفهم الدور التحفيزى لهذه الأزمات، ومنح الباحثين المادة الأساسية لتعزيز التفكير فى المستقبل.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة