ساحات المحاكم المدنية تشهد في الوقت الراهن العديد من المنازعات المدنية المقامة بين الأقارب وبعضهم البعض، بل وتصل إلى بين الأشقاء وأنفسهم حول رغبة بعضهم في شراء نصيب وحصة الآخرين تنفيذا لمبدأ أو القاعدة القانونية "الأخذ بالشفعة"، وكما هو معلوم أن دعوى الشفعة تعتبر من الدعاوى الاجرائية الدقيقة، بمعنى لو تأخرت يوماَ واحداَ في اتخاذ اجراء معين، سيكون مصير الدعوى الخسران.
والشفعة من الناحية القانونية مصطلح يستخدمه البعض بغرض الوصول إلى حقوق مفقودة قد يلجأ إليها بعض للإضرار بجيرانهم، إلا أن المشرع المصري من أوائل المشرعين فى العالم تصدوا لخلافات "الجيرة" من حيث البيع والشراء من خلال تنظيم العلاقة بين الطرفين، ونظم المشرع المصري - حق الشفعة - فى عدة نصوص.
كيف تصدى القانون لألاعيب الأقارب والجيران لإسقاط حق الأخذ بالشفعة؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية المواعيد الاجرائية في دعوى الشفعة التي قد تتسبب في خسران الدعوى حال التأخر ولو يوماَ واحداَ في الوقت الذي تمثل فيه الشفعة في القانون أحد وسائل كسب الملكية العقارية عن طريق حلول شخص محل المشترى، فيكون لهذا الأخير حق اكتساب الملكية العقارية، وإلى ذلك تشير المادة 935 من القانون المدني حين قررته أن الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشترى في أحوال محددة – بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد الصادق.
في البداية – حق الشفعة والأخذ بها هي رخصة تجيز فى بيع العقار الحلول محل المشترى فى الشروط والأحوال المنصوص عليها، وهي تؤسس على وقاية الشفيع من ضرر محتمل من شريك أو جار فهى إذن متصلة بشخص الشفيع وهو حر في أن يأخذ أو لا يأخذ بها فهذا متروك لمحض تقديره، وسنحاول أن نلخص - بإيجاز شديد - المواعيد الواجب مراعاتها في دعاوى الشفعة كالتالى وفقا لـ "الصادق":
3 فروض وسيناريوهات للمواعيد الإجرائية
على سبيل المثال – باع "زيد" لـ "بكر" عقار وطالبت أنت الشفعة في هذا العقار، سنكون أمام 3 سيناريوهات وفروض، ولكل فرض مواعيده:
الفرض الأول: لو "زيد" أو "بكر" أنذرك ببيع العقار
- في هذه الحالة يتحتم عليك خلال "15" إرسال إعلان لهما برغبتك في الأخذ بالشفعة، وبعد الإعلان بـ "30" يوما لابد أن تكون قمت بإيداع الثمن وأقمت الدعوى، وإلا سقط حقك في الشفعة، ولابد من إيداع الثمن قبل إقامة الدعوى، وكلا الإجرائيين لابد أن يكونا خلال 30 يوماَ من تاريخ إعلان رغبتك في الأخذ بالشفعة.
- ويجوز أيضاَ إيداع الثمن وإقامة الدعوى مباشرة بدون إرسال اعلان الرغبة بالشفعة، حيث يعتبر إيداع الثمن ورفع الدعوى بمثابة إعلان، لكن لابد أن تأخذ في اعتبارك أن في هذه الحالة لابد أن تتم الإجراءات خلال 15 يوماَ من تاريخ انذارك، وذلك لأننا اعتبرنا هذه الإجراءات بديلاَ عن إعلان رغبتك، فيجب أن تتم في ميعاد إعلان الرغبة وهو 15 يوماَ من تاريخ الإنذار.
الفرض الثاني: في حال "زيد" و"بكر" حاولا بيع العقار في السر دون إخطارك، وقاما بتسجيل العقد أو الحصول على حكم بصحة ونفاذ البيع:
-في هذه الحالة سيكون لديك فرصة مدة 4 شهور من تاريخ هذا التسجيل، لاتخاذ إجراءات الشفعة، وإلا سقط حقك في رفعها، والقانون هنا افترض فيك كراغب في الشراء العلم بالبيع بمجرد مرور 4 أشهر على تسجيل البيع، وذلك حتى لو لم تكن فعليا تعلم بهذا البيع، حيث أنه من السهل جداَ أن تقوم بمتابعة الأمور والإجراءات في الشهر العقاري، حالة العقار إذا ما تم بيعه من عدمه.
ملحوظة: هناك نقطة في غاية الخطورة لابد أن تؤخذ في عين الاعتبار، أن التسجيل لو تم بحكم صحة ونفاذ، فالأربعة أشهر هنا يتم حسابها من تاريخ تسجيل الحكم وليس من تاريخ رفع الدعوى وإقامتها بل وحتى ليس من تاريخ الحكم.
الفرض الثالث: لو "زيد" باع العقار لـ"بكر" بعقد عرفي ولم يتم انذارك أو تسجيل العقد
-في هذه الحالة تسقط دعوى الشفعة بمرور 15 سنة من تاريخ البيع.
وبذلك نكون انتهينا من ملخص مواعيد الأخذ بالشفعة، ولابد هنا من الإشارة إلى عدة أمور جوهرية بخصوص الإنذار الموجه للشفيع كالتالى:
أ-الإنذار الذي يرسله البائع أو المشترى للشفيع، لابد أن يشتمل على بيانات العقار والثمن الذي تم به البيع وإلا كان باطلاَ لا ينتج أثراَ
ب- القانون اشترط أن يتم انذارك رسميا، بمعنى لو ثبت علمك بالبيع، أو ابلغوك شفويا، أو حتي بخطاب مسجل بعلم الوصول، كل ذلك لا يفيد علمك ولا يُنتج اثرا، بل إن محكمة النقض قالت أن اختصامك في دعوى الصحة والنفاذ المرفوعة على العقار محل الشفعة واعلانك بصحيفتها، لا يغني أيضا عن هذا الإنذار.
بخصوص اعلان الرغبة:
-يجوز توجيه اعلان الرغبة في الشفعة قبل أن يصلك الانذار دون أدنى مشكلة تذكر، ومن الممكن حال وصول الإنذار لك أن تودع الثمن وترفع دعوى الشفعة مباشرة، دون اعلان الرغبة، وذلك لأن ايداع الثمن ورفع الدعوى يعتبر بمثابة اعلانا للرغبة، شريطة ذلك أن يتم هذا الأمر خلال 15 يوما من تاريخ الإنذار.
بخصوص الثمن:
-لابد من إيداع الثمن في الميعاد المقرر وإلا سقط حقك في الأخذ بالشفعة.
-لابد من إيداع الثمن الحقيقي، وهذا سيتم التعرف عليه من الإنذار حال لو أنذروك، أو سيتم التعرف عليه لو أطلعت على العقد المسجل.
-لو كان ثمن البيع مؤجلا أو على اقساط، فأنت لا تستفيد من ذلك بل يجب عليك إيداع الثمن كاملا.
-لابد من إيداع المبلغ في خزينة المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة، بمعني لو هي اختصاص جزئي وقمت أنت بإيداعها في خزينة المحكمة الكلية سقط حقك في الشفعة.
-أحيانا يكون الثمن الوارد في العقد صوري، ومبالغ فيه، وذلك من أجل تعجيزك في الأخذ بالشفعة وفى هذه الحالة لابد من إيداعه وبعد ذلك لو ثبت أنه مبالغ فيه وصوري تسترد الزيادة، وأحياناَ يحدث العكس، فيقوم المشترى بكتابة ثمن أقل هروباَ من رسوم ومصاريف التسجيل، وفى هذه الحالة أيضاَ ستقوم بدفع الثمن المكتوب لكن البائع هو الذى سيحاول أن يثبت الثمن غير حقيقي، وأنه أقل من المبلغ الحقيقي، وفى حال نجاحه في ذلك الأمر يجب عليك أن تكمل له الثمن.
وأخيراَ:
في مثل هذه القضايا المتشابكة ننصح بعمل قائمة بالإجراءات:
1-الانذار.
2-اعلان الرغبة.
3-ايداع الثمن.
4-رفع الدعوى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة