مرصد الأزهر يحذر من تصاعد موجات الإرهاب فى موزمبيق

الثلاثاء، 01 سبتمبر 2020 02:32 م
مرصد الأزهر يحذر من تصاعد موجات الإرهاب فى موزمبيق مرصد الأزهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حذر مرصد الأزهر من أن استمرار الصراع الدائر فى موزمبيق، إذا أُسيء التعامل معه، يمكن أن يمتدّ إلى تنزانيا المجاورة، وربما إلى جنوب إفريقيا، كما أن حل الصراع بشكل أساسي، يكمن فى معالجة المظالم الاقتصاديّة والاجتماعيّة عميقة الجذور.

وتابع فى تقرير له: أيضًا من الأهمية بمكان التنبه لمخاطر تمدّد تنظيم "داعش" الإرهابى فى موزمبيق، وتنامى الصلات القائمة مع خلاياه المبايعة له فى منطقة شرق إفريقيا، التى من الممكن أن تتطور بعد ذلك ويتم دمجها فى هيكل واحد؛ مما يساعد التنظيم الإرهابى فى تمدّده وسط إفريقيا بشكل أكبر وأوسع فى شرق وجنوب القارة الإفريقيّة.

وأشار الى معاناة بعض دول القارة الإفريقيّة من نشاط إرهابى ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ومن هذه الدول "موزمبيق"؛ ويرجع ذلك لأسباب كثيرة لعل أهمها الموقع الجغرافى المتميز لدولة موزمبيق إضافة إلى تاريخها المضطرب، الأمر الذى دفع بالبلاد إلى متاهة الإرهاب الغاشم الذى تواجهه الآن. فالتوترات السياسيّة والمشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، شكّلت بيئة خصبة لنمو التنظيمات الإرهابيّة مثل حركة "الشباب" المحليّة التى أصبحت بمرور الوقت أكثر عنفًا، وأدت لدخول موزمبيق فى دوامة الإرهاب الدولى وتحولها لمطمع لتنظيم "داعش" الإرهابيّ، وربما محطّ أنظار التنظيمات المتطرفة الأخرى خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذى يحذر منه مرصد الأزهر.

وقد قدرت العمليات الإرهابيّة التى اندلعت فى أنحاء متفرقة من البلاد، فى الفترة ما بين 2012 و2016 بـ "105" عمليات إرهابيّة إضافة إلى فرار أكثر من 6700 شخصٍ من منازلهم، وعلى الرغم من توقيع اتفاق للسلام عام 1992 فى موزمبيق لتهدئة الاضطرابات السياسيّة التى شهدتها البلاد، إلا أن مجموعة من المتغيرات الداخليّة والإقليميّة والدوليّة ساهمت فى إذكاء الصراع الداخليّ، والذى وصل فى بعض الأحيان إلى حالة الحرب الأهليّة؛ حيث لعبت المظالم الاجتماعيّة والاقتصاديّة دورًا مهمًا فى عملية التطرف فى "موزمبيق"، فالبطالة والتجاوزات والتهميش كلها عوامل دفعت الكثير من الشباب إلى دعم الأيديولوجيّة المتطرّفة. كما اعتبرت العناصر المتطرفة فى موزمبيق أن الاستثمارات الأجنبية شمال البلاد من أكبر المناطق والمراكز الاقتصاديّة فى البلاد؛ نظرًا لأنها غنية بالبترول وحقول النفط، وبها أكبر رواسب للياقوت الأزرق فى العالم، تدخلًا فى بلادهم؛ لذلك استهدفوها بعمليات إرهابيّة من حين إلى آخر.

ولهذا، يمكن القول أن هذه الأسباب وغيرها دفعت بعض الشباب إلى تبنى ودعم أفكار وأيدولوجيات الجماعات المتطرّفة على مدار السنوات القليلة الماضية. ومن هنا ظهر تنظيم "داعش" الإرهابى فى شمال موزمبيق، نتيجة لهذه الأزمات، ولإيمان بعض الشباب بفكرة الخلافة! والتى كان التنظيم الإرهابى يزعم إقامتها.

 ولهذا يُحاول تنظيم «داعش» الإرهابيّ- بعد الخسائر المتلاحقة التى مُنِى بها فى سوريا والعراق - إيجاد مصدر تمويل وبقعة أرضية تحتضنه فى العمق الإفريقيّ، ولما كانت "موزمبيق" هى الثروة المبتغاة له، حاول بكل قوة أن يكون له نصيب الأسد، فتغلغل فى الداخل، مستغلًا حالة التمرد ضد الحكومة، وحالة الفوضى التى تشهدها البلاد لشنّ عملياته الإرهابيّة بعد التعاون مع الجماعات المتطرّفة الموجودة فى البلاد. ويبدو أنّ التنظيم يعزّز انخراطه هناك كجزء من عملية "الأفرُع" التى وسّع من خلالها وجوده فى عدة أنحاء من إفريقيا.

 ففى الأول من يونيو 2018، أعلن تنظيم «داعش» الإرهابى عن تدشين خلية جديدة تابعة له عبر نشره صورًا لأعضاء الخلية على قنوات «التليجرام» التابعة له، متبنيًا بعد ذلك مسئوليته عن أكثر من 30 هجومًا وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانيّة. كما استطاع تنظيم «داعش» الإرهابى خلال الفترة الماضية وبالتحديد منذ شهر مارس 2020، أن يسيطر على أجزاء كبيرة من شمال موزمبيق مستغلًا حالة الفوضى فى تلك المنطقة، وانشغال البلاد، بل العالم أجمع بمحاربة جائحة كورونا ومواجهة تداعياته المحتملة. ويكمن سر سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابى على منطقة شمال موزمبيق فى أنها تتمتع باحتياطيات ضخمة من النفط والغاز؛ ما يجعل المنطقة مطمعًا للتنظيمات المتطرفة الأخرى.

حركة أهل السنة والجماعة.. من تمرد إلى إرهاب غامض

هى جماعة تعرف محليًا بــ "أهل السنة والجماعة ASWJ" أو ما يطلق عليها الآن حركة "الشباب"؛ وهى تختلف عن حركة "الشباب" فى الصومال. بدأت كحركة دينيّة منذ ظهورها أول مرة فى عام 2015، والناظر لجماعة "الشباب" يجد أنها تتشابه بشكل ملحوظ مع جماعة "بوكو حرام" فى نيجيريا؛ حيث تمثلت نشأة كلتيهما فى إطار العمل المؤمن بفكرة «الحاكمية» (وهى الفكرة التى أوضحها مرصد الأزهر فى العديد من مقالاته وحملاته التوعوية)، لتصطدم مع الدولة، ثم تنتقل لاحقًا إلى تشكيل فصائل عسكريّة، ومن ثَمَّ الدخول فى حرب العصابات، ثم التعاون مع منظمات إرهابيّة عالميّة.

ولا تتوقف خطورة «الشباب» على نشاطها الإرهابى فى منطقة معينة، بقدر ما يتصل الأمر بقدرتها على تشكيل شبكة علاقات مع التنظيمات المتطرّفة فى أماكن أخرى بالقارة الإفريقيّة؛ ويشير أحد التقارير الصادرة عن معهد الدراسات الاجتماعيّة إلى تواصل هذه الحركة بجماعة «الشباب الصومالية»؛ حيث جاء معظم قادة الأخيرة لتدريب عناصر الأولى فى شمالى موزمبيق، وهو ما قد يفتح الباب مستقبلًا أمام نسج علاقات شبيهة بالتنظيمات الفرعيّة التابعة لتنظيم القاعدة مثل «المرابطون».

كما ذكرت مجلة «فورين بولسي» أن حركة "الشباب" تربطها علاقات وثيقة بتنظيم «داعش» الإرهابيّ، وخلال الفترة الماضية أعلنت معظم عناصرها الولاء للتنظيم، وقاموا بالعديد من العمليات لصالح التنظيم. فقد أعلن تنظيم «داعش» عبر أحد منابره الإعلاميّة، الأربعاء 8 أبريل 2020، أنه استطاع السيطرة على بلدة «مويدومبي» بمنطقة «كابو ديلجادو» شمال الموزمبيق. وتعتمد جماعة "الشباب" الموزمبيقيّة فى تمويل نفسها على تجارة الهيروين، وتهريب البضائع، وتجارة العاج.

وفى البداية كان لدى هذه الجماعة ما يقارب 50 مقاتلًا، لكن عددهم ارتفع إلى قوة مسلحة تزيد عن 300 مقاتلًا. واليوم يقدر عدد أعضاءها بـ 1500 مقاتل يعملون فى خلايا صغيرة على طول الساحل الشمالى بموزمبيق. كما عملت الجماعة على تجنيد عناصر آخرين فى مناطق أخرى فى البلاد.

وقد عملت الحركة خلال العامين الماضيين فى الظل، حيث هاجمت قرى نائية شمال البلاد، ونصبت كمائن لدوريات الجيش على طرق معزولة، وغرست الرعب فى العديد من المجتمعات الريفيّة، وهو ما أجبر حوالى 200 ألف شخص على الفرار من منازلهم. وقد شنّت الجماعة حوالى 375 هجومًا منذ هجومها الأول على مركز للشرطة فى عام 2017 فقط على سبيل المثال، ما أدى إلى وقوع أكثر من 900 قتيل ، وحرق الكثير من المنازل والمساجد. ولهذا يوصف الوضع فى موزمبيق بـ "المروع للغاية"، لدرجة أن أحزاب المعارضة دعت الحكومة إلى إعلان حالة الحرب فى مقاطعة كابو ديلجادو الشمالية.

وبالنظر إلى المعطيات السالفة الذكر وأخذًا فى الاعتبار ما تواجهه دول القارة الإفريقيّة ومن بينها دولة موزمبيق جراء تفشّى وباء كورونا، والتى تحرص الجماعات الإرهابيّة على استغلاله بشكلٍ دائم، فإن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يرى أن خطورة الوضع فى موزمبيق يكمن فى أن "جماعة الشباب" وغيرها من الجماعات المتمردة الأخرى تمكّنت من إقامة روابط مع الجماعات الإرهابيّة المتشدّدة فى الصومال وتنزانيا وكينيا. كما أن الاكتشاف الهائل للغاز الطبيعى فى تلك المناطق بموزمبيق، يدفع الجماعات المتشدّدة لمهاجمة مناطق الطاقة التى تعمل فيها شركات أجنبية.
 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة