أكرم القصاص - علا الشافعي

عادل السنهورى

ارفعوا أيديكم عن لبنان

الجمعة، 07 أغسطس 2020 09:40 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى نهاية السبعينات وكانت الحرب الأهلية اللبنانية قد مر عليها سنوات قليلة - اندلعت عام 75 - وقف الرئيس الراحل أنور السادات فى خطاب شهير له ورفع شعاره الأشهر حتى الآن "ارفعوا أيديكم عن لبنان"، وعلى الرغم من أن السادات كان يقصد وقتها الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد والقوات السورية التى تدخلت فى الحرب الأهلية فى دعم الميليشيات المارونية ضد منظمة التحرير الفلسطينية والميليشيات اليسارية. وتم تقنين التدخل بعد ذلك بحجة قوات الردع العربية التابعة للجامعة العربية. لكن الموقف السورى تبدل بعد ذلك، وحولت سوريا الدعم إلى حركة أمل، فى حين كانت لا تزال تدعم بعض الميليشيات الفلسطينية والمارونية. وفى عام 1982، تحاربت سوريا إسرائيل للسيطرة على لبنان.

موقف السادات من الأزمة اللبنانية رغم قوة منطقه فى الظاهر لترك لبنان لأهله ولشعبه إلا أنه جاء على خلفية الأزمة بين مصر وسوريا عقب اتفاقات كامب ديفيد وتشكيل جبهة دول الرفض التى تزعمتها سوريا وأدت إلى القطيعة العربية لمصر.

ورغم مرور سنوات طويلة على شعار السادات وأغراضه وتعقد الوضع السياسى والطائفى فى لبنان .. لم يرفع أحد يده عن هذا البلد الصغير بل زاد الطامعين فيه وفى السيطرة ووضع أياديهم عليه.. وكأنه قدر لبنان وعاصمته الجميلة بيروت أن تدفع ثمن صراعات دولية على أرضه لى فى السنوات الأخيرة فقط، وإنما منذ الاستقلال ونهاية الخمسينات فيما سمى بأزمة 58 التى مهدت للحرب الاهلية اللبنانية بعد ذلك بـ17 عاما..!

أزمة لبنان 1958 كانت أزمة سياسية بسبب توترات سياسية ودينية فى البلد وحرب أهلية بين المسيحيين المارونيين والمسلمين على خلفية التوتر مع مصر بعد رفض الرئيس اللبنانى كيل شمعون الموالى للغرب قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الغربية التى هاجمت مصر أيام أزمة السويس والعدوان الثلاثى عام 56، وهو ما آثار غضب الرئيس جمال عبد الناصر. وزادت حدّة هذا التوتر عندما أعلن كميل شمعون تقربه من حلف بغداد الذى اعتبره عبد الناصر تهديداً للقومية العربية. وعند قيام الوحدة بين مصر وسوريا باسم الجمهورية العربية المتحدة. دعم رئيس الوزراء اللبنانى السنى رشيد كرامى جمال فى 1956 و1958. طالب اللبنانيين المسلمين من الحكومة اللبنانية الانضمام للوحدة بينما أراد المسيحيون التحالف مع الدول الغربية.

وحصل تمرد إسلامى مسلح كانوا قد حصلوا على السلاح من الجمهورية العربية المتحدة عن طريق الإقليم الشمالى (سوريا) ما دفع كميل شمعون لتقديم شكوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأعلن محققو الأمم المتحدة عن عدم وجود أى دليل على تدخل الجمهورية العربية المتحدة. فى 14 يوليو سقطت الحكومة الملكية الموالية للغرب فى العراق، فحصل عدم استقرار داخلى فى لبنان، طلب عندها شمعون المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية.. وتدخل فيها الجيش الأمريكى ليخفف التوتر، ظل التدخل الأمريكى قائم 3 أشهر متواصلة، حتى انتهت الفترة الرئاسية للرئيس كميل شمعون، الذى كان قد طلب من الولايات المتحدة الأمريكية المساعدة فى الحد من التوتر فى لبنان، الأزمة انتهت وانسحب الجيش الأمريكى بعدها بفترة قليلة.بعد الاتفاق على رئاسة فؤاد شهاب بدلا من شمعون بالتوافق مع مصر.

البعض اعتبر أن أزمة 58 بمثابة التهيئة للحرب الأهلية، وان لم تتخذ مظهرا مسلحا الا فى عام 1973 بالتصادم المسلح بين الجيش اللبنانى والمقاومة الفلسطينية فى عام 1973، وظهور حلف مارونى فى مواجهة المقاومة الفلسطينية وتكوين مليشيات ورفض لبنان لقرارات مؤتمر القمة العربية فى شأن الفلسطينيين.. وبدأ سلسال الدم والطائفية والمذهبية وتشكلت جماعات المصالح ايضا فى ظل ضعف النظام السياسى وفساد الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. فاندلعت الحرب الاهلية البشعة التر راح ضحيتها فى بلد لم يكن عدد سكانه يتجاوز المليونين حوالى 120 ألف شخص. وتشريد 76 ألف شخص و نزوح لما يقرب من مليون شخص من لبنان نتيجة للحرب.

قبل الحرب كان لبنان متعدد الطوائف، حيث كان المسلمون السنة والمسيحيون الأغلبيات فى المدن الساحلية، و كان المسلمون الشيعة فى الأساس فى الجنوب ووادى البقاع إلى الشرق، وكان أغلب سكان الجبال من الدروز والمسيحيين. فقد كانت الحكومة اللبنانية تدار تحت تأثير كبير من النخب بين المسيحيين المارونيين. تم تعزيز الصلة بين السياسة والدين فى إطار ولاية القوة الاستعمارية الفرنسية فى الفترة من عام 1920 إلى عام 1943، وكان الهيكل البرلمانى مؤيدا لموقف قيادى بالنسبة للمسيحيين. ومع ذلك، كان لدى البلد عدد كبير من السكان المسلمين، كما أن العديد من جماعات عموم العرب واليسارية قد عارضوا الحكومة الموالية للغرب. وساهم إنشاء دولة إسرائيل ونزوح مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان خلال عامى 1948 و 1967 فى تغيير التوازن الديموجرافى لصالح السكان المسلمين. وكان للحرب الباردة تأثير غير تكاملى قوى على لبنان، الذى يرتبط ارتباطا وثيقا بحالة الاستقطاب التى سبقت الأزمة السياسية فى عام 1958، منذ أن انحاز المارونى إلى جانب الغرب، فى حين انحازت المجموعات اليسارية والعربية إلى جانب الدول العربية المنحازة إلى الاتحاد السوفيتي.

فى تلك الفترة لم يكن الصراع على لبنان بين سوريا واسرائيل ومجموعات منظمة التحرير الفلسطينية فأثناء الحرب اجتاحت اسرائيل لبنان مرتين وفى المرة الثانية عام 82 وصلت القوات الاسرائيلية الى حد محاصرة اول عاصمة عربية من أجل رحيل ياسر عرفات والمنظمات والفصائل الفلسطينية من لبنان وتحقق لها ما أرادت.. ثم ظهرت ما يسمى بالمقاومة الإسلامية أو حزب الله فيما بعد بدعم من ايران بعد قيام الثورة الاسلامية هناك  فاصبح الصراع رباعى للسيطرة على لبنان.. ودفع الشعب اللبنانى ثمنا فادحا ومؤلما وحزينا

هذه هى مأساة هذا البلد الجميل القريب من قلب كل عربى ومأساة شعبه المحب للحياة لكن بعض من قاسى على وطنه ليس رحيما به.. فما حدث يوم الثلاثاء الماضى من انفجارات اتت على نصف بيروت ..باريس الشرق ورمز خيبة العرب دائما هو نتاج طبيعى للصراع الخارجى على الحلبة اللبنانية والحروب بالوكالة بين هذه الدولة من خلال التنظيمات والأحزاب والجماعات مع تدخل دول جديدة فى الصراع مثل قطر وتركيا وما كشفت عنه التقارير الاخيرة عن دعم الدوحة لحزب الله القريب من ايران بالسلاح والمال.. ونتاج طبيعى للاقتتال الداخلى بين طائفية بغيضة- 17 طائفة فى لبنان- ومذهبية كريهه ورجال سياسة هم فى الاصل تجار أوطان.

الان لبنان يحتاج الشعار " ارفعوا ايديكم " عنه حتى يتنفس ويعيش ويستطيع أبناءه الشرفاء الذين رأيناهم عقب الانفجار يغنون للحياة وينظفون الشوارع ويرفعون مخلفات التفجيرات من بناء الدولة الجديدة الخالية من الطائفية والمذهبية والمصالح والفساد ..ومن تأسيس تاريخ جديد لدولة اعتبرها العرب دائما رمزا للتعددية السياسية والتصالح الديموجرافى والتسامح الانسانى وبقيت عاصمتها قبلة لكل العرب وعروس الشرق.

الآن فلتنطلق الصرخة الجديدة من الشعب اللبنانى الحقيقى ..ارفعوا ايديكم عنا ..ولا نحتاج وصاية لتطهير وطننا من الخونة والعملاء والمتاجرين به وبتاريخه..الشعب اللبنانى ليس فى حاجة لوصاية ماكرون أو سلاح حزب الله او لكراهية اسرائيل له لان نهضته ضد مشروعها القبيح فى المنطقة، وليس فى حاجة الى السياسيين الفاسدين والقتلة  وليس فى حاجة لتقسيم وطنه مابين طوائف ومذاهب وعائلات..وكل هؤلاء اياديهم ملوثة بدماء الشعب اللبنانى سواء فى التفجيرات الأخيرة او ما قبلها .                                                                                                                                                                                             

لبنان يحتاج إلى وطنيين شرفاء حتى يعود وجهه الصبوح الينا مرة اخرى ويعود وجه بيروت الباسم والضاحك .. فارفعوا ايديكم عنه حتى يعيش.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة