فريدة الشوباشى

معنى المعارض

الإثنين، 24 أغسطس 2020 08:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعيش زمنا اختلطت فيه الأمور، وتداخلت المعايير إلى حد  بات يصعب معه الفرز الصحيح، لا سيما مع هيمنة ما يعرف بالسوشيال ميديا أو وسائط التواصل الاجتماعى، وفى النهاية تكون هذه «الوسائط» وسيلة لتغييب الوعى، وبث الشائعات الهدامة وتشويه المفاهيم والقيم الثابتة، لأغراض وأهداف، وفق أهواء أصحابها ومخططاتهم، وحيث إننى عملت فترة طويلة بالإعلام، فقد اكتسبت خبرة متواضعة فى إدراك المقاصد التى تتدثر بشعارات براقة، مثل التدثر بالدين وبالوطنية الزائفة..
 
وللأسف نحن نسير فى فلك أعتى المغرضين، البعض بفهم كامل والأغلبية الساحقة بحسن نية وجهل بالهدف المقصود، فنحن نعيش زمنا غريبا، اقتحمت حياتنا فيه تنظيمات بالغة الوحشية، وتنسب نفسها زورا وبهتانا إلى الإسلام، وفى غياب مسؤولين يدحضون الافتراءات المسيئة للإسلام، بينما الإسلام منها برىء، ودون الدخول فى تفاصيل كثيرة ليس هنا مجالها.
 
فإن سؤالا ملحا يفرض نفسه: ماذا جنت شعوبنا من وراء محاربة الاتحاد السوفيتى «الكافر» لتتويج أمريكا «المؤمنة» على عرش الفضيلة؟ لقد تم غزو العراق بذريعة إقامة الديمقراطية، وها نحن نرى بأم أعيننا ما وصل إليه العراق من تردٍ منذ التدخل الأمريكى المشؤوم، وكذلك تدخل الحلف الأطلسى فى ليبيا وقتل رئيسها، ودائما تحت ستار الهدف النبيل «إقرار الديمقراطية»، ولا يفوتنا ما جرى لسوريا على أيدى الخونة عملاء الأعداء، والغريب المريب أننا حتى الآن نستخدم المصطلح المشين بكلمة «النظام» فى الإشارة إلى سوريا الوطن، مثل جيش النظام، شرطة النظام.. إلخ..
 
وكأن كلمة سوريا أصبحت من المحرمات، وحكرا حصريا للتنظيمات المدمرة، مثل داعش والنصرة والجيش الحر، إلى آخر المسميات التى تقود جميعها إلى تفتيت الوطن وإضاعته، غير أن من أخبث ما توصل إليه الأعداء، هو إطلاق صفة «المعارضة» على أعتى التنظيمات الإرهابية وأكثرها وحشية، ووصم الدول التى تتصدى لهم وتدافع عن ترابها الوطنى بالديكتاتورية!!! وكأن الدول الغربية تترك الأبواب «الديمقراطية» مشرعة لأى خارج عن القانون فوق أراضيها.. أتذكر تجربة مررت بها فى باريس فى سبعينيات القرن الماضى، حيث كنت أعمل كصحفية ومذيعة، بإذاعة فرنسية، وكان زوجى الكاتب الراحل على الشوباشى يعمل صحفيا مرموقا بوكالة الأنباء الفرنسية، فقد كنا ذات سهرة بمنزلنا مع عدد كبير من الأصدقاء، وذلك فى أعقاب اتفاقيات كامب ديفيد، وانبرى البعض يقترح إصدار بيان إدانة للرئيس الراحل أنور السادات، وطلب أحدهم من على، الانضمام إلى الموقعين على بيان الإدانة والشجب، وغير ذلك من عبارات  قاسية..
 
رد على بأنه يعارض الاتفاقات ويعارض السادات، ولكنه يعيش فى بلد أجنبى، ولا يرى أية شجاعة أو جدوى فى المعارضة من الخارج، وأضاف على، ردا على استنكار أحدهم: أنا هنا خارج مصر، ويستحيل أن أمارس المعارضة من الخارج، أنا سأعبر عن معارضتى لسياسة السادات من داخل مصر، وإلا ما استحققت أى احترام.. كان هذا الدرس من أنبل ما تعلمته من دروس، من زوجى الكاتب الراحل وهو ما يجعلنى أحتقر بشدة المرتزقة، الذين يعارضون على بعد آلاف الأميال، ويطقون الأكاذيب ويشوهون الحقايق وهم  فى أحضان ممولين سفلة فى عدائهم، وأرفض إطلاق صفة المعارض عليهم.. المهم وما أحب الإشارة إليه، طبقا للمثل القائل: شر البلية ما يضحك. إن أشد من هاجم على لرفضه التوقيع وهو خارج مصر، عاد فى نفس الشهر إلى القاهرة واستقبله السادات، وتم تعيينه فى منصب مهم.. وطبعا لم ينبس ببنت شفة ضد الحكم وقتها ولا بعدها.. المعارضة حق أصيل، شرط أن تكون بشرف وعدم خيانة الوطن.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة