انتهت أحد أهم المحطات الفاصلة بالجدول الزمني لانتخابات مجلس الشيوخ، والمعلن من الهيئة الوطنية للانتخابات وهو انتهاء الاقتراع بالداخل فى تمام الساعة التاسعة مساء والتى أجريت على مدار يومين، وهى في ذلك ليست آخر محطة رغم أهميتها بل يعقبها عدد من الخطوات والإجراءات للوصول لانعقاد المجلس.
وبعد ذلك يتم إعلان النتيجة بالجريدة الرسمية فى موعد أقصاه 19 أغسطس، وتجرى انتخابات الإعادة للمصريين بالخارج يومي الأحد والاثنين 6 و7 سبتمبر وتجرى الإعادة فى الداخل يومي الثلاثاء والأربعاء 8 و9 سبتمبر لتعلن النتيجة ونشرها بالجريدة الرسمية فى موعد أقصاه الأربعاء 16 سبتمبر، وذلك مع الأخذ فى الاعتبار أنه يحظر على وسائل الإعلام إعلانها قبل ذلك، تطبيقًا لقرار الهيئة رقم 23 لسنة 2019 المنظم للتغطية الإعلامية لمتابعة الانتخابات والاستفتاءات.
ما هو مصير غرامة الـ500 جنيه وكيفية تحصيلها وإلى من تؤل؟
التأكيد على مسألة عدم وجود موانع لتطبيق وفرض غرامة الـ500 جنية لكل من قاطع العملية الانتخابية جعل قطاع عريض من المواطنين فى الشارع المصري يتسأل هل سيتم توقيع غرامة مالية علي الناخبين الذين تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية؟ وما هى كيفية تطبيق الغرامة وطريقة تحصيلها من الناحية القانونية؟
وفى هذا الشأن، يقول المستشار أحمد عبد الرحمن الصادق، رئيس المحكمة السابق، أن الدستور الحالى ينص على أن الانتخاب حق واجب لكافة المواطنين ومن الطبيعي أن المقصر في واجبه يعاقب طبقا للقوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية سواء قانون 46 لعام 2014 الخاص بالحقوق السياسية بشكل عام، أو قانون انتخابات الرئاسة 22 لعام 2014، حيث فرضت عقوبة جنائية لا تتجاوز الـ500 جنيه على الممتنعين عن الإدلاء بأصواتهم، وأيضاَ المادة 43 من القانون رقم 22 لسنة 2014 في شأن تنظيم الانتخابات الرئاسية، والتى تنص على أنه: "يعاقب بغرامة لا تجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في انتخاب رئيس الجمهورية".
الغرامة وعصر ناصر والسادات
ووفقا لـ"الصادق" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - فى ظل فترة حكم الرئيس محمد أنور السادات وجمال عبد الناصر كان هناك مادة قانونية تنص على عقوبة قدرها 100 جنيه لمن يمتنع عن الإدلاء بصوته في الانتخابات حيث أن 100 جنيه فى عام 56 كان مبلغ كبير للغاية، إلا أن الاعتبار العملي يصعب معه تطبيق هذا الأمر بدليل أن الغرامة لم تطبق فى الانتخابات الماضية وفى الحقيقة مع وجود نصوص تحقق الردع العام يجب على المواطنين الذهاب إلى اللجان الانتخابية فى جولة الإعادة تقديرا لأهمية الإدلاء بصوت وليس للخوف من دفع الغرامة.
كيفية تطبيق الغرامة
وعن كيفية تطبيق الغرامة، أوضح "الصادق" أن كشوف الأسماء في اللجان الانتخابية ترسل إلى الهيئة الوطنية وتحولها إلى النيابة العامة التي بدورها تجد الوسيلة المناسبة لتحصيل الضرائب من المتخلفين عن المشاركة في الاستفتاء دون عذر مقبول.
الطعن على الغرامة
وبالنسبة لعملية التحصيل والطعن على الغرامة، قال الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائي، والمحامى بالنقض، أنه من الناحية العملية والقانونية لا يجوز فرض غرامة على المواطنين إلا بأمر "جنائي" من النيابة العامة، وفى حال فرضها، لن يكون أمام المواطن سوى المعارضة على الغرامة أمام القضاء، من خلال الأعذار التى منعته عن الإدلاء بصوته سواء "عذر مرضى أو وجوده خارج البلاد أو إجباره على عدم المشاركة"، وردد قائلاَ: "الهيئة الوطنية للانتخابات تحرر محاضر ضد المخالفين، ومن ثم إرسالها إلى النيابة العامة، ثم تُكلف النيابة المحضرين بالتنفيذ وتحصيل الغرامة".
مصير الأموال
وعن مصير تلك الأموال، بحسب "الجنزورى" فى تصريح خاص أنه فى حالة تم تطبيق الغرامة على الذين لم يصوتوا فى الاستفتاء، ستدخل الأموال التي تم تحصيلها خزينة الدولة، ويحق للدولة أن تستخدمها كيفما تشاء سواء بتخصيصها للهيئة الوطنية للانتخابات أو تدخل لدعم بند الصحة أو بند التعليم فى الموازنة العامة، مؤكداَ أن وسيلة التحصيل ستكون عن طريق وسيلة إدارية، سواء فاتورة الكهرباء أو الغاز أو تجديد الأوراق الرسمية، أو عبر أى خدمة عامة من الدولة.
خبراء اقتصاد
بينما يرى مراقبون اقتصاديون أنه على الرغم من صعوبة تطبيق تلك الغرامة التى أعلنت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات بالنسبة للمتخلفين عن المشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ 2020، إلا أنه فى حال التطبيق سيتم تحصيل مبالغ ضخمة وهو المبلغ الذي من المفترض أن يكون الجزء الأكبر منه يدخل فى الموازنة الخاصة بمصاريف عملية الاستفتاء نظرا للتكاليف الهائلة التى أنفقتها الدولة فى خلال تلك الأيام لإتمام العملية الانتخابية ومن الممكن أن يتم توزيع أجزاء منه لدعم الصحة والتعليم فى مصر.
ووفقا لـ"المراقبون" فإن التطبيق العملي لتحصيل هذه الغرامات يحتاج لدراسة جيدة فالموظفين من السهل تحصيل الغرامة من رواتبهم الشهرية خاصة كما أن العاملين بالقطاع الخاص يسهل التحصيل من خلال الاتفاق مع الشركات والهيئات فى كيفية التحصيل، ولكن الصعوبة الكبرى نجدها فى الغير منتمين لا للقطاع العام أو الخاص وهم فئة كبيرة يجب أن يراعى معهم إمكانياتهم المادية.
توقيع الغرامة بين شبهة عدم الدستورية وإمكانية التنفيذ
وفى سياق أخر – يقول الخبير القانونى والمحامى هانى صبرى - إن عدم التصويت في الانتخابات بدون عذر تستلزم عقاب مرتكبها بعقوبة الغرامة التي لا تزيد عن 500 جنيه، وذلك طبقاً لنص المادة " 57 " من قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر برقم 45 لسنه 2014 والمعدل بالقانون رقم 140 لسنه 2020 التي تنص على: " يُعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء"، وأننا مع إدلاء المصريين بأصواتهم في الانتخابات لأنه حق دستوري وواجب وطني، ويجب عدم تقاعس المواطن عن أداء دوره المنوط به تجاه وطنه.
لماذا صعوبة تطبيق الغرامة؟
ووفقا لـ"صبرى" فى تصريح خاص أنه في تقديري الشخصي علي الرغم من وجود نص قانوني إلا أنه هناك عائق في تطبيق الغرامة، يتمثل أن أعداد المتخلفين عن التصويت يصل بالملايين، وأن النص يتعذر تطبيقه، وإمكانية الدفع بوجود عذر سيفتح سبل لملايين الأعذار التي قد يتحجج بها المواطن المخالف بعدم تصويته، بالإضافة إلي أن نص المادة " 57 " من قانون مباشرة الحقوق السياسية تحيط بها شكوك شبهة عدم الدستورية لأن المادة " 87 " من الدستور المصري 2014 ينص على ما مؤداه حق المواطن في الانتخاب والترشح وممارسة الحقوق، أما عدم ممارستها قد تقع خارج نطاق التجريم .
وأوضح الخبير القانونى إن الغرامة عقوبة لا توقع إلا بحكم قضائي أو أمر جنائي من القاضي أو النيابة العامة وفقاً للمواد 323 ، 324 ، 325 مكرراً "الفقرتان الأولي والثانية" من قانون الإجراءات الجنائية، ولمن صدر ضده الأمر الجنائي أن يعلن عدم قبوله له، ويكون ذلك بتقرير بقلم كتاب المحكمة ويترتب علي ذلك تحديد جلسة لنظر الدعوي طبقاً لنص المادة 327 الفقرة الأولي من قانون الإجراءات جنائية، وبناء علي ما تقدم نرى عدم توقيع الغرامة على المتخلفين عن الإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية لتعذر التنفيذ، وستنظر المحاكم ملايين الدعوي، وسيكون في تطبيق هذه العقوبة إرهاق للسلطات المختصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة