معتز بالله عبد الفتاح

مأزق السيسى والرباعية المعقدة

الجمعة، 14 أغسطس 2020 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1 - لو تخيلنا، بشىء من الاختزال، أن كل المجتمعات تسعى إلى أربعة أهداف أساسية تتفرع عنها بقية الأهداف الأخرى، وسميناها على سبيل التبسيط: الاستقلال، الاستقرار، التنمية، الديمقراطية. وهذا الترتيب لا يعنى أن أيا من هذه الأهداف شرط للآخر بالضرورة، وإنما العلاقة بينها متداخلة، فهناك دول، مثل الهند، عرفت الديمقراطية فى ظل الاحتلال، وهناك دول حققت الاستقرار ثم التنمية ثم الديمقراطية «كوريا الجنوبية»، وهناك دول نجحت فى تحقيق الأربعة أهداف فى نفس الفترة مثل اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وهناك دول استغنت عن الهدف الرابع وهو الديمقراطية وتحقق الثلاثة الأخرى بمهارة واضحة وهى الصين. وهناك دول لم تحقق أيا منها مثل الصومال. 
 
2 - نحن فى مصر حلمنا دوما بالاستقلال بعد احتلال «تحت مسميات مختلفة» منذ أن غزا الإسكندر الأكبر مصر (333 قبل الميلاد) ثم الدولة المقدونية ثم الرمانية ثم الفارسية ثم الرومانية ثم الفتح الإسلامى وتعاقب دول الخلافة علينا من حكام غير مصريين من دولة الخلافة الراشدة ثم الأمويين، ثم العباسيين ثم الطولونيين ثم الإخشيديين ثم الفاطميين ثم الأيوبيين ثم المماليك ثم العثمانيين ثم محمد على والأسرة العلوية ثم ثورة 1952 التى مكنت لأول مرة بعد 2500 سنة من حكم غير المصريين لمصر، أن يحكم مصر مصريون من أبنائها. 
 
3 - وما كاد يصل ناصر ورفاقه إلى حكم مصر حتى تورطنا فى مأزق احتلال آخر وهو ضياع سيناء منا إلى أن نجح الرئيس السادات فى قيادة مصر والمصريين إلى استعادتها. 
 
4 - وفى مسار التنمية حققت مصر درجة عالية من التنمية الاقتصادية فى أواخر حكم الملك ثم الفترة الناصرية، ولكن كل هذه التنمية ضاعت فى الإنفاق على المجهود الحربى ومع زيادة كبيرة فى السكان وضعف الإنفاق على رأس المال البشرى. 
 
5 - وفى مسار الاستقرار ابتليت مصر بعدد من الجماعات الإرهابية المتسترة بالدين والتى تخرج جميعا من عباءة الإخوان والتى أثرت بالسلب على عدم الاستقرار الذى أفضى إلى تراجع فى التنمية من ناحية وعلى احتمالات التحول الديمقراطى من ناحية أخرى بسبب وجود جماعة مستعدة لاختطاف الدولة بأداة الديمقراطية. 
 
6 - وجاءت ثورة 25 يناير مرة أخرى بنفس الأحلام، وتحديدا الاستقرار والديمقراطية والتنمية بهذا الترتيب، ولكن انقسام الثائرين على أنفسهم ونجاحهم فى إفشال ثورتهم وخصخصتها مبكرا بحثا عن الجزء الأكبر من التورتة أدى فى النهاية لأن يخرج جموع المصريين على رموز 25 يناير سواء كان من الإخوانجية، أو إخوان الإخوان، أو الثورجية، أى الذين يرون الثورة أهم من مصر، والثائرين أهم وأعظم من بقية المصريين. 
 
7 - وجاءت ثورة 30 يونيو لتعيد ترتيب أولويات مصر والمصريين لتحافظ على الاستقلال وتقوم بمعركة شرسة ضد الإرهابيين ودعاة الفوضى على أمل تحقيق الاستقرار، ثم تحقيق الهدف الثالث وهو التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق سياسات «كينزية» «نسبة للاقتصادى البريطانى مينارد كينز» الذى يعتمد على سياسات الاستثمار الحكومية وغير الحكومية من أجل تحقيق معدل نمو عال مع معدل عال من سياسات عدالة اجتماعية لرفع المعاناة عن الفئات الأفقر. 
 
8 - ويظل هدف الديمقراطية بعيدا بحيث يكون لاحقا وناتجا منطقيا عن علاج ثلاثية الاستقلال والاستقرار والتنمية. وكما قلت من قبل فإن الديمقراطية، وفقا للعقد الاجتماعى الناشئ عن 30 يونيو، مؤجلة مرحليا بدلا من أن تكون معطلة للتنمية ومسببة لعدم الاستقرار كما هو الحال فى العراق ولبنان وتونس. 
 
9 - إن التنمية والاستقرار مقدمان على الديمقراطية تقديم ترتيب وليس تقديم تفضيل، ومع ذلك تأخذ مصر من آليات الديمقراطية ما يخدم قضية شرعية السلطة المفضية إلى تحقيق الاستقرار الضرورى للتنمية. هى معادلة مركبة، ولكنها ضرورية. وقد اخترنا، وأتمنى من الله أن ننجح. قولوا يا رب.






مشاركة



الموضوعات المتعلقة

فلنلتف حول الرئيس

الثلاثاء، 11 أغسطس 2020 09:00 ص

العبث والعبثية

الأحد، 09 أغسطس 2020 09:00 ص

جيش مصر.. القوة والرشد

السبت، 08 أغسطس 2020 09:00 ص

بقعة فى ثوب الدولة

الأربعاء، 05 أغسطس 2020 09:00 ص

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة