تشويه تمثال "عروس البحر".. حسين حمودة: هانز أندرسون ساهم فى تشكيل الوعى الغربى

الأحد، 05 يوليو 2020 03:22 م
تشويه تمثال "عروس البحر".. حسين حمودة: هانز أندرسون ساهم فى تشكيل الوعى الغربى الدكتور حسين حمودة
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الناقد الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب، جامعة القاهرة، إن عملية تشوية تمثال "عروس البحر الصغيرة" في كوبنهاجن، المستلهم من نص لهانز كريستيان أندرسون، يضاف إلى سلسلة التشويهات التي لحقت بهذا التمثال من قبل، وانطوى أغلبها على محاولة تقديم رسائل ما، حتى وإن ارتبط هذا التشويه الأخير بما يمكن تسميته الـ"هوجة" الراهنة لتحطيم التماثيل والنصب التذكارية والرموز التي تنطوي معالمها على عناصر أو إيحاءات أو رموز متصلة بالعنصريةالغربية القديمة التي تم تناسيها أو تجاهلها عبر الزمن، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن أن تتعدد التفسيرات الممكنة لفعل التشويه هذا، وأن تنفتح على شيئ غير قليل من الظلال، أو من التساؤلات الغامضة، أكثر مما ترتبط بتقديم رسالة شديدة الوضوح.
 
83093-تمثال-حورية-البحر-فى-الدنمارك--(3)
تمثال حورية البحر فى الدنمارك
وتعرض تمثال "عروس البحر الصغيرة" الشهير لشخصية ليتل ميرميد التى ابتكرها الكاتب الشهير هانس كريستيان أندرسن، فى رواية تحمل نفس الاسم صدرت عام 1837، والتى تمثل أحد أكبر مناطق الجذب السياحى فى كوبنهاغن، إلى التخريب والتشويه، وكتبت كلمتا "سمكة فاشية" على القاعدة الحجرية التى يستقر عليها التمثال، وطوله 1.65 مترا، وهو مصنوع من البرونز، والذى كثيرا ما يتعرض لهجمات، ويقع التمثال عند مدخل ميناء كوبنهاغن.
 
وأضاف "حمودة" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" حورية البحر الصغيرة، موضوع هذا التمثال، كما نعرف جميعا، هي حلقة من حلقات سلسلة طويلة جدا في ميراث شعوب كثيرة نشط خيالها في وجهة صياغة هذا الكائن الخرافي الأسطوري، الذي نصفه سمكة أو كائن بحري ونصفه إنسان، وقد امتدت حلقات هذه السلسلة  في الميراث الخيالي الإنساني حتى وصلت إلى صياغة أندرسون لها، وأندرسون نفسه يعد من المساهمين المهمين في بلورة "الوعي الغربي" بكل ما فيه من جوانب، بعضها اتصل بالاستعمار أو على الأقل بالاستعلاء إزاء الشعوب الأخرى، وربما يكون هذا جزءا من أسباب عملية التشويه الأخيرة: إعادة النظر في مكوّنات الوعي الغربي بوجه عام.. هذا تفسير ممكن.
 
وواصل: وربما اتصلت أسباب التشويه الأخير بموقف تجاه ما يشير إليه التمثال، وما تشير إليه شخصية "عروس البحر الصغيرة" نفسها، في أحد تأويلاتها، من تمجيد لشأن النبلاء أو الأمراء باعتبارهم أصحاب مكانة أعلى من الناس العاديين..وهذا تفسير آخر ممكن.
 
واستطرد: وقد يكون هذا التشويه متصلا بموقف يعيد تقييم التصورات الأسطورية عموما، ويسعى إلى إعادة النظر في تهويماتها الشائعة، وفي الوسائل والأشكال الفنية التي عملت على هذا الشيوع (التمثال مرتبط بنص أندرسون وبالمعالجات السينمائية والتليفزيونية الكثيرة له) وهذا تفسير ممكن أيضا، وعلى مستوى أوضح وأكثر مباشرة يمكن ربط هذا التشويه بموقف بعض الجماعات المعادية لصيد الحيتان !! .
 
وأختتم: على أية حال، أيا كان تفسير هذا التشويه الأخير لتمثال حورية البحر الصغيرة، فالمؤكد أنه فعل قابل لتأويلات ممكنة عديدة، وأنه مدفوع بنزوع أصبح جماعيا، في كثير من بلدان الغرب، إزاء التخلص من رموز ونصب تذكارية أصبحت شواهد على تاريخ قديم من الاستعلاء لا يخلو مما يثير الإحساس بالخزي، وقد اختصر من قاموا بتشويه التمثال هذا التاريخ في رسالتهم الغامضة التي وضعوها على قاعدة التمثال: "سمكة فاشية"، وإن كانت عبارتهم هذه أشبه برسالة قصيرة غامضة تحتاج إلى توضيح تفصيلي..!.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة