لم يمنع المحيط الخارجى فى بيئة صعيدية لها تقاليدها الخاصة وأعرافها الشاب صاحب الـ 28 عامًا من مزاولة ما يحبه ويهواه قلبه، على الرغم من متاعبه التى يخلفها والوقت الذى تسرقه لحظات التواجد مع المستهدفين من مواهب.
هنا فى القرى الجنوبية لمحافظة قنا تجد الشاب مستقلًا توك توك يشبه سيارة صغيرة ذات غطاء خشبى يحمل فيه أمتعته الفنية قاصدًا البحث عن الموهوبين لاكتشاف ما يُخبأ وراء جدران تلك القرى من طاقات يمكن أن تستغل للأفضل بدلًا من توظيفها فيما لا يفيد، فيقضى الشاب ساعات طويلة يستمع إلى صبى ذى حنجرة قوية وإلى طفلة تعشق الشعر والغناء وإلى طالب يهوى الموسيقى ليدربهم على ما تعلمه خلال تجاربه السابقة بالموسيقى والغناء والمجال الرياضي.
لا تمنع نظرات الناس المحيطة التى تتجه إلى توك توك محمد أبو الحمد تكرونى، خريج كلية التربية الرياضية مؤسس أول فريق هوكى بالصعيد، لتدقق باستغراب عما يفعله الشاب من أشياء غريبة لم يعتادوا عليها من قبل، منهم من يقلب كفًا على كف ومنهم من يتسارق الإعجاب من نظرات عيناه ليعلن بعدها دعمه لمكتشف المواهب.
بدأ أبو الحمد حديثة لليوم السابع، قائلًا إن المجتمع الصعيدى كنز فى مجال المواهب بأنواعها، فهو مجتمع يحمل الطيبة ومهمل فى نفس الوقت، فلا يوجد قصرًا للثقافة يتبنى تلك المواهب كمثيلتها بباقى المراكز والمحافظات ويظهرها للنور ويخرج عما بداخلهم من إبداع قادر على تغيير الكثير، وهو ما دفعه إلى فكرة تساعد تلك المواهب وتدعمها بعد اكتشافها.
وتابع "تكرونى" أن العديد من المواهب بالقرى لا تستطيع الخروج إلى مكان أبعد من حدود قريتها ونجوعها لأسباب مختلفة، فلذلك لم يكن أمامه سوى الذهاب إليهم فى قراهم وداخل مجتمعاتهم وهو ما تم بالفعل خلال الفترة السابقة، فعندما يعلم أن هناك طفلًا يجيد الغناء أو عزف الموسيقى أو التمثيل أو يمارس رياضة معينة ومميز فى مجال محدد يذهب إليه على الفور على الرغم مما يتكبد من عناء لقطع مسافات طويلة لتلك المدن.
وأوضح الشاب أنه من الصعوبات التى كانت تواجهه صعوبة المواصلات إلى القرى والنجوع البعيدة وهو ما عمل على حله بشراء توك توك يتجول به فى التنقل لبداية انطلاقة خيمة اكتشاف الموهوبين ورسم الفرحة على الصغار والكبار، والبدء فى تنفيذ البروفات داخل التوك توك والأماكن المتاحة فى القرية، وساعده خلال رحلته مع اكتشاف الموهوبين عدد من المحبين المخلصين وجمعيات فتحت أبوابها له للدعم والرعاية.
وأشار محمد تكرونى إلى أن أكثر ما يسبب له الأذى نظرة التقليل والسخرية على ما يقدمه للمواهب والبروفات التى تستمر لساعات دون مقابل واللعب من الأطفال والغناء، ولكنه يمضى فى طريق اختاره لمحاربة العادات السيئة وتنشئة الأطفال على إخراج طاقاتهم فيما هو مفيد بدلًا إلى الميل لاتجاه منحرف يؤذى الطفل ومن حوله.
"هدفى السعادة والبهجة" هكذا اختتم حديثة عن هدفه من التوك توك المتجول لكشف المواهب وخيمة الأنشطة، متمنيًا أن تلقى تلك المواهب اهتمامًا من المحيطين وتحظى برعاية تظهر طاقاتهم وإبداعهم فى الأماكن التى يستحقونها بدلًا من عدم استغلالها، وأن يتحول توك توك الفرحة إلى مكان كبير يسع لكل المواهب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة