تركيا بين أوهام الغزو وحقائق الاقتصاد.. الليرة تنهار والبطالة تحاصر الأتراك.. صحف ألمانية: أنقرة تثير الأزمات مع جيرانها بمغامرة جديدة في ليبيا.. عقوبات وشيكة من الاتحاد الأوروبى.. وهروب المستثمرين عرض مستمر

الأربعاء، 29 يوليو 2020 12:30 م
تركيا بين أوهام الغزو وحقائق الاقتصاد.. الليرة تنهار والبطالة تحاصر الأتراك.. صحف ألمانية: أنقرة تثير الأزمات مع جيرانها بمغامرة جديدة في ليبيا.. عقوبات وشيكة من الاتحاد الأوروبى.. وهروب المستثمرين عرض مستمر الليرة فى تركيا
كتبت: هناء أبو العز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحت عنوان بارز تساءلت صحيفة "هاندسبلات" الألمانية عن سر الاستقرار "الغامض" للعملة التركية، حيث ظل سعر صرفها مستقرا نسبيا مقابل الدولار، رغم استمرار تراجعها أمام اليورو، وهناك ما يكفي من الأسباب الموضوعية داخليا وخارجيا لفهم أحد أكبر الاضطرابات التي تواجهها العملة التركية في تاريخها بفعل جائحة كورونا وتأثيراتها على الاقتصادات الناشئة، إضافة إلى انخراط أنقرة في عدد من الأزمات الخارجية تهدد بحروب لا تحمد عقباها في شرق المتوسط، مدفوعة بأحلام العظمة لمن باتوا يسمون بـ "العثمانيين الجدد".

فقد انخرط الرئيس رجب طيب أردوغان في مواجهات ضد مصر والإمارات والسعودية وروسيا في الجبهة الليبية،  أما في سوريا فقد تخندق في المعسكر المعارض لموسكو وطهران، وفي الوقت نفسه ينتهج سياسة، أقل ما يمكن أن يقال عنها، هي أنها تزعج حلفاءه الأمريكيين والأوروبيين ناهيك عن تذمر الإسرائيليين والجيران من قبارصة ويونانيين.

كما أدخل حلف الناتو في مأزق استراتيجي دفع بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للحديث عن "موت دماغي" لحلف شمال الأطلسي، كما أن أنقرة تتدخل أيضا كما يحلو لها ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، فيما انتشرت شائعات بشأن دور محتمل لها في اليمن.

وبذلك تحولت استراتيجية "صفر مشاكل مع الجيران" التي تبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم في بداية الألفية الحالية إلى "مشاكل شاملة مع كل الجيران".

على المستوى الاقتصادي، عمل الرئيس أردوغان منذ وصوله إلى السلطة على تعزيز سيطرته على السعر الدولي لليرة التركية، ما ساعده على الاقتراض بتكلفة أقل والحد من نسبة التضخم،  غير أن التكلفة الاقتصادية لذلك باهظة أمام تردد المستثمرين في إدخال مزيد من العملة الصعبة إلى البلاد، وبدأوا يحذرون من الليرة وهم الذين كانوا إلى وقت قريب، يتداولونها في الأسواق الناشئة بكثرة، بعد أن قيدت أنقرة ذلك النوع من المعاملات، بل وحظر البنك المركزي التركي على الفاعلين الاقتصاديين الأتراك تداول العملات مع عدد من البنوك الدولية.

والهدف من هذه الخطوة هو تعزيز تأثير البنوك التركية المرتبطة بالدولة على سعر الليرة. ووفقا لبعض الشائعات، لا يستبعد أن يفرض أردوغان قيودا على تنقل الرساميل، غير أن هذه السياسة مكلفة للغاية حيث تضطر البنوك المرتبطة بالجهات الرسمية إلى ضخ المزيد من الدولات في الأسواق المالية وهو ما جعل البنك المركزي يستنزف ثلث احتياطاته من العملة الصعبة (85 مليار دولار منذ نهاية عام 2018). وقد تلجأ أنقرة في نهاية المطاف إلى طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي رغم مساعدة قطر السخية لها.

وتبدو العملة التركية وسط هذه الاضطرابات مستقرة نسبيا مقابل الدولار الأمريكي خلال الشهرين الأخيرين،  وظل سعر الصرف عند حدود 6.85 ليرة مقابل كل دولار أمريكي منذ منتصف مايو  الماضي، غير أن الليرة فقدت في الواقع 17 % من قيمتها منذ بداية العام الجاري،  وموازاة مع ذلك واصلت الليرة تراجعها مقابل اليورو بنسبة وصلت 6% حسب "هاندسبلات" التي أكدت أن هناك "تزايدا للمؤشرات على ضعف الليرة ليس فقط لأسباب سياسية، وهو ما يزيد من الضغوط على الأسواق المالية التركية".

أما موقع فوكوس الألماني  فقد  أكد أن الليرة التركية تنخفض حاليا بشكل أسرع مما كانت عليه خلال أزمة التضخم الكبيرة خلال عام 2018، خصوصا بعد تجاوز سعر اليورو حاجز ثماني ليرات. وللمقارنة فإن قيمة الليرة كانت 6.65 مقابل اليورو الواحد بداية العام الجاري. الصدمة الأخيرة التي تعرضت لها الليرة ربطها المراقبون، كما أوردت ذلك وكالة رويترز، بالتوتر الأخير بين تركيا واليونان بسبب خطة لحفر تجريبي بحثا عن الغاز من قبل سفن تركية في شرق المتوسط، رأت فيها اليونان انتهاكا لحقوقها الإقليمية.

ورغم انتماء الدولتين إلى حلف الناتو، فإن نزاعا مسلحا كاد أن يندلع بين الجانبين لولا وساطة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تمكنت من نزع فتيل الانفجار في آخر لحظة.

ومن جهته كتب موقع "فينانسماركتفيلت" الألماني   أنه بعد ارتفاع التضخم في تركيا خلال خريف 2018 بأكثر من 25%، تراجعت هذه النسبة إلى 8.55 % في أكتوبر  الأول 2019. غير أن الاتجاه عاد للتصاعد منذ ذلك الحين لتصل في مايو  إلى 12.62 %. وأكدت الصحيفة الألمانية أن الوصفة التركية القائمة على خفض متواصل لسعر الفائدة وتصاعد مطرد للتضخم يهدد الليرة بالانهيار، ما لا يشجع المستثمرين الأجانب للعودة إلى السوق التركية.

من الناحية النظرية يُقَوي تخفيض قيمة العملة القدرة التنافسية على المستوى الدولي، وهو ما تكون له انعكاسات ايجابية من حيث تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات عن طريق زيادة احتياطيات العملة في البلد المعني عبر آلية خفض ​​نسبي في الاستهلاك بحكم غلاء الواردات، وزيادة الصادرات التي تنخفض قيمتها بالنسبة للشركاء الخارجيين.

غير أن الاقتصاد التركي قد لا يستفيد كثيرا من تراجع الليرة حيث أصبحت تركيا في أعين الكثير من الخبراء دولة مستوردة بامتياز.

وفي سياق النزاع حول الثروات الغازية في شرق المتوسط، طالبت الحكومة القبرصية بفرض عقوبات أوروبية "مؤلمة" ضد أنقرة،  فقد حذرت نيقوسيا من حرب بين شركاء حلف الناتو وطالبت الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي بالأخذ بزمام المبادرة  

والتكتل القاري أدان أنشطة الحفر التركية في المياه الإقليمية لليونان وقبرص أكثر من مرة. كما فرض عقوبات، لكنها لم تزعج كثيرا تركيا لحد الآن، إذ اقتصرت على عدم السماح لمديرين لشركة طاقة تركية بدخول أراضي الاتحاد الأوروبي. الاقتصاد التركي مرتبط بشكل عضوي بالاقتصاد الأوروبي، ومن شأن عقوبات صارمة أن تكون لها تأثيرات سلبية على أنقرة. وهذا ما تدعو إليه كل من فرنسا واليونان وقبرص.

بيد أن جوزيب بوريل، كبير الدبلوماسيين الأوروبيين، حذر من دوامة العقوبات ضد تركيا، مؤكدا أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية.

وقال أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل "يجب إيقاف الاتجاه السلبي الحالي في علاقاتنا وعكس اتجاهه   إن دينامية الانتقام لن تؤدي إلى مزيد من الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الحوار والمفاوضات".

كما يعاني الاقتصاد التركي من آثار جائحة كورونا، وانهيار العملة وارتفاع الديون الخارجية والبطالة. في الوقت نفسه، يعد الرئيس أردوغان الأتراك بأن البلاد ستخرج أقوى من هذه الأزمة. ولا ننسى أن تركيا تمر بأزمة اقتصادية منذ عامين على الأقل، فالشركات الخاصة مثقلة بديون خارجية قيمتها 175 مليار دولار. كما أن انخفاض قيمة الليرة يجعل من خدمة فوائد القروض مكلفة جدا.

 السياحة التركية تضررت كثيرا من جائحة كورونا، ولم ترفع ألمانيا بعد تحذيرها المتعلق بالسفر إلى تركيا،  ومع ذلك، يأمل أصحاب الفنادق وشركات الطيران التركية أن يتغير هذا قريبًا، وصاغت وزارة السياحة التركية بروتكولات مع الفنادق تتضمن 31 شرطًا لضمان صحة أفضل وتشغيل خال من خطر العدوى بالفيروس، فالسياحة ليست مجرد محرك للاقتصاد التركي، ولكنها مصدر مهم للعملة الصعبة أيضا.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة