و بموجب القوانين المطورة التي ينظرها مجلس العموم البريطاني حاليا، سيتم إعطاء أجهزة مكافحة التجسس البريطانية صلاحيات أوسع في اعتقال وترحيل أي شخص يعمل في بريطانيا المشتبه في قيامهم بأنشطة "جمع معلومات ذات طابع سري" لحساب دول أو كيانات أجنبية ممن لا تنطبق عليهم الحصانات الدبلوماسية . 

ويأتي هذا التحرك البريطاني استجابة لتقرير لمجلس العموم انتقد ما وصفه ب"ضعف أداء أجهزة الاستخبارات البريطانية فيما يتعلق بمكافحة التجسس في الداخل البريطاني"، وهو التقرير الذي صدر في منتصف الأسبوع الماضي عن لجنة الأمن والاستخبارات في مجلس العموم البريطاني. 
ونفى وزير الدولة البرلطانى للأمن بروكين شاير - في إفادته أمام جلسات استماع طارئة عقدها مجلس العموم منذ الأربعاء الماضي و اختتمت اليوم - أن تكون أجهزة مكافحة التجسس البريطاني قد أخفقت في التصدي للنشاط الاستخباري الروسي كما يزعم التقرير كما نفى الوزير اتهام التقرير بأن تعاقب حكومات تنتمي لحرب المحافظين على الحكم في بريطانيا قد يتسبب في تراخي عمل أجهزة مكافحة التجسس البريطانية. 

وأشار الوزير، في معرض رده على تقرير لجنة الأمن والمخابرات في مجلس العموم البريطاني، إلى أن بريطانيا تعد بحكم مكانتها الدولية، موضع استهداف من أجهزة استخبارات خارجية على رأسها الاستخبارات الروسية و التي زاد نشاطها على الأراضي البريطانية في المرحلة الأخيرة. 

وكان تقرير لجنة الأمن والاستخبارات في مجلس العموم البريطاني، الصادر في منتصف الأسبوع الماضي، قد انتقد بشدة ما وصفه ب"تصاعد أنشطة الاستخبارات الروسية على الأراضي البريطانية"، وهو ما استتبعه عقد جلسات استماع عاصفة في مجلس العموم البريطاني لمناقشة فحوى التقرير، بدأت منذ منتصف الأسبوع الماضي واختتمت اليوم لمناقشة الأمر و ما حمله التقرير من استنتاجات. 
وشدد وزير الدولة البريطاني للأمن، على أن مكافحة أنشطة التجسس الروسية في بريطانيا، تأتي على رأس أولويات أنشطة مكافحة التجسس وأجهزة الأمن الداخلي البريطانية.

وكذلك دافع رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون خلال كلمته للمشرعين البريطانيين عن أداء أجهزة مكافحة التجسس البريطانية، وقال لاعضاء مجلس العموم "لا يتحلى بلد غربي باليقظة التامة لأنشطة التجسس الروسية أكثر مما تتحلى به المملكة المتحدة من يقظة تامة". 
و بحسب دورية "إنتلجنس نيوز" الأمريكية المعنية بمكافحة التجسس و الجريمة المنظمة، ينظر أعضاء مجلس العموم البريطاني حاليا في مشروع قانون جديد لمكافحة التجسس على الأراضي البريطانية، تقدمت به حكومة بوريس جونسون.

وقالت الدورية الأمريكية، في تقرير، إن نقاشات مهمة تتم في هذا الصدد بين المشرعين البريطانيين ومسئولي مكافحة التجسس في الحكومة البريطانية لصياغة بنود أكثر إحكاما في القانون الجديد، تعطي صلاحيات أكثر قوة لأجهزة مكافحة التجسس البريطانية في مواجهة وإحباط عمليات التجسس الخارجي التي تستهدف بريطانيا. 

كذلك ينظر مجلس العموم البريطاني في إدخال تعديلات جديدة على قانون "الأسرار الرسمية للدولة"، وكذلك استحداث مادة في قانون مكافحة التجسس البريطاني بمسمى "قيد وتسجيل الموفدين الأجانب في بريطانيا"، وبحسب الدورية، تهدف تلك المادة المستحدثه إلى قيام السلطات البريطانية بحصر وتسجيل وتدقيق بيانات كافة موظفي الجهات الأجنبية المتواجدين على الأراضي البريطانية، باستثناء من لهم الصفة الدبلوماسية المعتمدين بمعرفة الحكومة البريطانية والمشمولين بالحصانات الدبلوماسية. 

وإلى جانب ذلك، تعطي تشريعات مكافحة التجسس البريطانية المغلظة المقترحة، للسلطات البريطانية المختصة، الحق في إلقاء القبض على الموفدين الأجانب العاملين في بريطانيا، ممن لا يتمتعون بالحصانات الدبلوماسية، وترحيلهم عن الأراضي البريطانية إذا تبين قيامهم بأنشطة جمع معلومات ذات طابع سري لحساب كيانات أجنبية على الأراضي البريطانية، وأن تتخذ سلطات مكافحة التجسس البريطانية بشأنهم تلك الإجراءات لمجرد توافر أدلة اشتباه معقولة حتى وإن

كانت أنشطتهم على الأراضي البريطانية لا ترقى لمستوى التجسس بمعناه التقليدي. 
و يقول المراقبون، إن تشريع قيد وتسجيل الموفدين الأجانب في بريطانيا الذي سيغلظ قبضة سلطات مكافحة التجسس البريطانية في مواجهة من يعملون على الأراضي البريطانية من أصحاب الجنسيات الأخرى، يشبه بصورة كبيرة قانونا أمريكيا يحمل اسم "قانون تسجيل الموفدين الأجانب غير الدبلوماسيين"، يعطي الحكومة الأمريكية اتخاذ إجراءات مماثلة مع الأجانب العاملين على الأراضي الأمريكية ممن لا يحملون صفة دبلوماسية.