تحمل تلقائية الأمهات وموهبة وإبداع العباقرة وتواضع وبساطة الكبار الذين يبدعون فقط دون ادعاء أو ثرثرة، يكفى أن تراها ولو فى مشهد واحد من العمل الفنى فترسخ عباراتها وانفعالاتها وصدقها فى وجدانك للأبد، إنها الفنانة الكبيرة إنعام سالوسة التى يتشوق الجمهور دائما لرؤيتها فى أى عمل فنى، شريكة العباقرة فى صناعة أجمل الأعمال الدرامية خلال فترة العصر الذهبى للدراما ، ولازالت تبدع فى كل ما تشارك فيه من أعمال ولو كانت مشاركتها مجرد مشهد واحد فى العمل.
إنعام سالوسة التى نادرا ما تدلى بتصريحات إعلامية، وهو نفس نهج أستاذها الفنان الكبير وعملاق التمثيل محمود مرسى أكدت فى تصريحات لليوم السابع اعتذارها مؤخرا عن المشاركة فى فيلم النمس والإنس وهى المرة الأولى التى تعتذر فيها عن عمل تشارك فيه الفنان محمد هنيدى ويخرجه المخرج الكبير شريف عرفة الذى تربطها به علاقة قوية وتعاونا فى العديد من الأعمال، ولكن جاء الاعتذار بسبب خوفها من فيروس كورونا ، وقالت ببساطتها وتلقائيتها وصدقها المعهود :" أنا سنى كبير وفى خطورة من نزولى ومش هاقدر أتعاقد على أى عمل خلال هذه الفترة خوفا من الإصابة بالعدوى، رغم حبى لهنيدى وشريف عرفة لكن أنا مبخرجش من البيت خلال هذه الفترة"
ربما لا يسر هذا التصريح الملايين من عشاق فن إنعام سالوسة الذين ارتبطوا بمشاهدها فى العديد من الأعمال ، حيث جسدت تفاصيل ألاف الامهات فى دور أم سعيد بفيلم عسل اسود، و "أم حسن" فى فيلم أبو على، أو "أم صابر" فى فيلم" عايز حقى"، وغيرها من الأدوار، و لديها من القبول والإبداع ما يجعل الملايين يحفظون إيفيهاتها وعباراتها : "إن شاء الله وألف ألف مبروك وربنا يتمم بخير، بكرة هتتعود وتجيلك تناحة وتكسب مناعة..يامرك يانعمة، أنا ماما يالا..وغيرها من العبارات".
تحمل إنعام سالوسة من الطيبة والهدوء كما تحمل من الإبداع الذى لم تأتيه الفرصة ليظهر كل إمكانياته رغم كثرة أدوارها وتألقها فى كل منها.
تعرف إنعام سالوسة أن لدينا أزمة فى الدراما يعانى من آثارها كل الفنانين الكبار ذوو الموهبة والخبرة، وهى قلة الأدوار المتاحة والتى يظهرون فى أغلبها كضيوف شرف ، ورغم ذلك فهى تحمل من الموهبة والخبرة ما يجعلها تخطف الكاميرا وتخلق من المشهد الصغير حباً وارتباطاً وإبداعاً يربطها دائما بالجمهور، الذى يبتهج حين تطل عليه النجمة التى لم تحصل على ما تستحق من أدوار توازى عبقريتها ومحبتها فى القلوب أو تكريم يناسب مكانتها وإبداعها.
فإنعام سالوسة كقطعة الماس تضئ العمل، وهى الأساس الذى يعتمد عليه البناء فيمنحه القوة والبقاء، كما أنها إحدى اسطوات التمثيل المخضرمين الذين يمنحون الأعمال الفنية من روحهم وإبداعه وأدائهم الرصين قبس من نور العصر الذهبى للدراما، وهكذا كانت فى رمضان الماضى حين جسدت دور أم الشهيد المجند عبدالله الفلاحة المصرية الأصيلة فى مسلسل "الاختيار"، وأم حسن فى مسلسل "الفتوة".
ولدت إنعام سالوسة فى 15 ديسمبر عام 1939 بمدينة دمياط، وأحبت التمثيل والموسيقى منذ صغر سنها، وتعلمت العزف على آلة "الأكورديون" فى المرحلة الثانوية، وعندما التحقت بكلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة عين شمس شاركت فى المسرح الجامعى وقدمت عددا كبيرا من العروض، وخلال دراستها الجامعية تعرفت على زوجها المخرج المسرحى الكبير سمير العصفورى ، وتزوجا بعد التخرج أثناء دراستهما بمعهد الفنون المسرحية الذى التحقا به بعد تخرجهما من كلية الأداب، وتحمس لموهبتها أساتذتها عباقرة الفن حمدى غيث ومحمود مرسى وعبدالرحيم الزرقانى.
إنعام سالوسة وزوجها المخرج سمير العصفورى
وفى عام 1964 رشحها المخرج نور الدمرداش للمشاركة فى بطولة مسلسل "لا تطفئ الشمس" الذى ضم عددا كبيرا من النجوم الكبار أمثال كرم مطاوع وصلاح السعدنى وزوزو ماضى، وحقق المسلسل نجاحا كبيرا وتوالت أعمال إنعام سالوسة فى التلفزيون، ومنها: "حكاية الأيام، وبنات ثانوي، وجحا المصري، وهو وهي، غوايش، ذئاب الجبل، ليالى الحلمية، السقوط فى بئر سبع، تامر وشوقية، وغيرها"، كما شاركت فى العديد من الأعمال السينمائية الهامة ومنها: "عسل أسود، الإرهاب والكباب، النوم فى العسل، طائر الليل الحزين، موعد على العشاء، همام فى أمستردام، اكس لارج، عايز حقى، وغيرها".
لا تظهر الفنانة الكبيرة فى وسائل الإعلام أو اللقاءات التلفزيونية والحوارات الصحفية ولذلك يتداول الكثيرون بعض المعلومات الخاطئة عنها ومنها تاريخ ميلادها حيث تشير بعض المصادر الخاطئة إلى أن تاريخ ميلادها فى 9 سبتمبر بينما الصواب 15 ديسمبر، ومن أهم المعلومات الخاطئة المتداولة عن الفنانة الكبيرة أنها قامت بتدريب السندريلا سعاد حسنى على الإلقاء والتمثيل فى بدايتها، وهى المعلومة التى نفتها الفنانة الكبيرة فى تصريحات خاصة لليوم السابع، خرجت فيها عن صمتها.
سعاد حسنى وإنعام سالوسة
وقالت إنعام سالوسة بغضب يخالف طبيعتها الهادئة الطيبة وبمشاعر حب ووفاء شديد لرفيقة عمرها سعاد حسنى، وبشجاعة وحسم من يكره الادعاء والكذب حتى وإن كان سيمنحه دورا أكبر، "أنا مادربتش سعاد على التمثيل والإلقاء زى ما بيقولوا والكلام ده كذب وبيزعلنى جدا".
وأشارت الفنانة القديرة إلى أن علاقتها بالسندريلا بدأت وهما فى سن صغيرة فى بداية مشوارهما الفن، قائلة: "أنا ماكنتش أعرف حاجة عن التمثيل وقتها، وكنت لسه طالبة فى الجامعة بكلية الآداب، ولم ألتحق بعد بمعهد التمثيل، واتعرفت على سعاد فى فرقة عبدالرحمن الخميسى، ولم أعلّمها شيئا".
وتابعت: "ماكنش حد يعرفنى ولا يعرفها وكنا إحنا الاتنين مجهولين ولا كان حد فينا لسه اشتغل فى أى عمل، إزاى أدربها وأنا ماكنتش وقتها أعرف أمثل، وكنت لسه مبتدئة"، مؤكدة أنهما تعرفتا على بعضهما فى فرقة الخميسى ولم تعملا بها.
وأشارت سالوسة إلى أنها عملت مع سعاد حسنى فى فيلم نادية كدوبليرة، قائلة: "كنت أنا وسعاد حجم واحد واشتغلت معاها دوبليرة فى فيلم نادية وفيلم آخر، واستمرت علاقتى بها حتى وفاتها، وكانت علاقة بره التمثيل".
ورفضت الفنانة الكبيرة الحديث عن أى تفاصيل عن حياة السندريلا، قائلة بمنتهى الحسم: "مش هاتكلم عن أى شىء يخص سعاد أو أى فنان آخر"، مؤكدة أنها تنزعج من أى معلومات كاذبة تشير إلى أنها قامت بتدريب السندريلا على التمثيل أو الإلقاء".
قدمت الفنانة القديرة عبر مسيرتها الفنية الطويلة نحو 300 عمل فنى بين المسرح والسينما والتلفزيون، ولا زالت المبدعة إنعام سالوسة تحمل الكثير من القدرات الإبداعية التى لم تستغل وتجعلها قادرة على العطاء الفنى المتنوع بين الكوميديا والتراجيديا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة