كريم عبد السلام

لبنان ينضم للدول الفاشلة .. والجناة بالداخل والخارج

السبت، 11 يوليو 2020 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لبنان ، هذا البلد الجميل المتنوع المثقف ، ينهار بكل معنى الكلمة ، والسبب أبناؤه الذين استسلموا للصراعات الخارجية والمطامع وتحولوا إلى أدوات لتدمير بلدهم بحثا عن مصالح ضيقة وشخصية

 

لبنان ، بلد الطوائف والمحاصصة والميليشيات المسلحة ، والذى توافق أبناؤه على تقسيم السلطة منذ عقود على أساس طائفى بين الموارنة " رئيس الدولة " والشيعة " رئاسة البرلمان " والسنة " رئاسة الحكومة ، على أن تسير أمور البلد بعيدا عن الاستقطابات السياسية بالمنطقة ، حفاظا على الاقتصاد اللبنانى بالمقام الأول ، لم يعد سياسيوه قادرين على ضبط الأمور والإبحار ببلدهم فى منطقة اضطرابات سياسية

 

 لبنان بلد سياحى ، مورده الأساسى من زواره الأجانب ومن استثمارات عربية فى أنشطته الترفيهية ، ومن تحويلات أبنائه المهاجرين ، وهو بلد يستورد كل ما يحتاجه تقريبا ، ولا يزرع إلا القليل مما يستهلكه ، ولذا عندما توترت الأمور بالمنطقة وتعرضت سوريا للتدمير والغزو ، كسدت صناعة السياحة فى لبنان ، وزادت الأعباء بهجرات السوريين إلى أراضيه ، كما تفاقمت الأمور أكثر وأكثر مع أزمة كورونا ، لكن ما فاقم الأزمة وكشف الأوضاع تماما فى لبنان ، هو الاستقطاب السياسى بين المعسكر الأمريكى والمعسكر الإيرانى السورى ووراءهما روسيا ،على الأراضى اللبنانبة ، حتى بات لبنان مختنقا بين قبضتى واشنطن وطهران ، وليس من أبنائه قائد سياسى  يرتفع فوق مصالحه الطائفية والحزبية ويغلب مصلحة بلاده وينقذها من هذا الاستقطاب المدمر

 

ربما علينا أن نعود إلى أكتوبر 2019 ، عندما أعلن سعد الحريرى ( المتوافق عليه من المعسكر الأمريكى الخليجى ومن المعسكر الإيرانى ممثلا فى حزب الله ) تقديم استقالته  وحكومته إلى رئيس الجمهورية ميشيل عون ، وخرج ليعلن أمام شاشات التلفزيون " إن لبنان وصل إلى طريق مسدود ويحتاج إلى صدمة لكسر الأزمة "

عن أية صدمة كان سعد الحريرى يتحدث عنها ؟ صدمة المجاعة الشاملة ؟ صدمة الحرب الأهلية الجديدة ، بعد دعوات الكثيرين من المتظاهرين بالساحات والمطالبين بالتغيير بنزع سلاح حزب الله ؟ صدمة مغامرة مجنونة من إيران بزيادة تمددها الاقتصادى والعسكرى فى الجنوب اللبنانى ومحاولة السيطرة على الحكم وكسر المحاصصة الهشة للسلطات بين الطوائف اللبنانية ؟

 

سعد الحريرى الذى يحمل جنسية خليجية إلى جانب جنسيته اللبنانية ، كان الضامن لوصول المساعدات والمعونات والاستثمارات التى تبقى لبنان طافيا وقادرا على الحياة ، لكن الجماهير المحتشدة فى الساحات طالبت برحيله ضمن مطالب عديدة بالتغيير ومنها ،وقف التمدد الإيرانى فى لبنان ونزح سلاح " حزب الله " ومنع تغوله على السلطة وتعطيله الحياة السياسية بأكملها

 

لم تتحقق من مطالب المطالبين بالتغيير فى الساحات إلا إزاحة سعد الحريرى ، وبرحيله توقفت كل المساعدات الخليجية والاستثمارات والمعونات الغربية ، وانزاح لبنان إجباريا نحو المعسكر الإيرانى ، وانتهزت طهران الفرصة وبدأت تقديم العروض تلو العروض لسد النقص فى السلع والاحتياجات الأساسية ، عرض تقديم النفط مقابل الليرة اللبنانية ، وعرض سد النقص فى الدواء والغذاء ، فى الوقت الذى يحرض عناصر حزب الله على تهريب الوقود والأموال إلى سوريا بالقوة عبر منافذ غير رسمية

 

ليس حزب الله فقط هو الطائفة والحزب الذى يتلقى أوامره من خارج لبنان حتى لو كان الأمر قتل الوطن اللبنانى ، بل كل الطوائف والأحزاب اللبنانية تتلقى أوامرها من الخارج وتنفذها حرفيا مهما كان الضرر الواقع على البلاد ، وبعضها يتلقى الأوامر من تل أبيب منذ عقود ولا يزال ، وحكومة حسان دياب الحالية ، التى يصنفها خبراء بأنها الأسوأ بين حكومات لبنان فى التاريخ الحديث ، لا تختلف عن أى من الحكومات السابقة ، فى مستويات الفساد وفى تنوع الولاءات الخارجية وفى مستوى المسئولية الوطنية والقدرة على تقديم الحلول الخلاقة ، ولكن ما كشفها هو الظرف السياسى المفصلى الذى وضع لبنان فى مفترق طرق إجبارى ، وعليه الاختيار : إما أن يتحول إلى جراج لإيران ليلقى مصير اليمن والعراق ، أو أن ينحاز للمعسكر الأمريكى – الخليجى بالكامل ، وساعتها يحترق بنيران حرب أهلية طاحنة يشعلها حزب الله المسلح تسليحا كبيرا ، ولا يعلم إلا الله وحده مصير بلد صغير مثل لبنان يدخل حربا أهلية بأسلحة اللحظة الراهنة ، وغالبا لن تقف إسرائيل موقف المتفرج بل ستنتهز الفرصة لقضم شريط من الأراضى اللبنانية مجددا بدعوى حماية أمنها

 

اللهم ارزق لبنان نخبة سياسية عاقلة ورشيدة ووطنية ومبدعة، تستطيع أن تغلب المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة ، وقادرة على حشد المجتمع الدولى لإنقاذ بلدها بدلا من تركه إلى الفوضى والدمار.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة