دعاوى صحة التوقيع من الدعاوى التحفظية حيث إن المدعى يكون غرضه منها إثبات صحة توقيع المدعى عليه على الورقة المطلوبة وأن مهمة المحكمة تقتصر - عند نظر دعوى صحة التوقيع – على التحقق من نسبة صدور الورقة إلى المدعى عليه أو عدم نسبتها إليه دون أن تتعرض لأصل الحق الوارد بها، ونتيجة إجراء صحة التوقيع تكتظ المحاكم بالقضايا سواء بين المستثمرين أو التجار أو الورثة والشركاء أو حتى الملاك والمستأجرين.
لماذا شرعت دعوى صحة التوقيع؟
ودعوى صحة التوقيع وعلى ما جرى به القضاء والفقه إنما شرعت ليطمئن من بيده سند عرفي على آخر إلى أن التوقيع الثابت بهذا السند توقيع صحيح، ولن يستطيع صاحبه بعد صدور الحكم بصحة التوقيع أن ينازع في هذه الصحة، لأن التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الأصبع هو المصدر القانوني لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية، والحكم الصادر بصحة التوقيع تقتصر حجيته على صحة التوقيع ولا يتعدى أثره صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى منتهى الأهمية تهم ملايين المتعاقدين والمتعاملين من خلال الإجابة على السؤال هل صحة التوقيع على الورقة تعنى صحة التصرف المثبت بها؟ وهل هناك ضرورة التفريق بين التصرف في حد ذاته وبين الدليل المعد لإثباته؟ وكيف تصدت محكمة النقض لهذه الأزمات – بحسب الخبير القانونى والمحامية هبه علام.
هل صحة التوقيع على الورقة تعنى صحة التصرف المثبت بها؟
فى البداية - يجب التفرقة بين التصرف في حد ذاته وبين الدليل المعد لإثباته، فثبوت صحة التوقيع على الورقة العرفية لا يعني صحة التصرف المثبت بها، ولا يحول دون الطعن في التصرف القانوني - لا في الورقة - بالغلط أو الإكراه أو عدم مشروعية السبب أو بأي دفع موضوعي أو شكلي آخر - وفقا لـ"علام" .
والنص فى المادتين 49 ، 52 من قانون الإثبات - وفى ضوء ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق الذى نقل عنه قانون الإثبات نصوص الادعاء بالتزوير كلها - يدل على أن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون دفاعاً فى الدعوى يقع على من تمسك به عبء إثباته بالطريقة التى يراها أوفى بمقصوده ، وهو ليس ملزماً بأن يطلب إثبات ادعائه عن طريق الإحالة إلى التحقيق، وإنما غاية ما فى الأمر أن المشرع قدر أن من شأن تحقيق الادعاء بالتزوير أن يؤخر الفصل فى الدعوى، فأراد حث المدعى على التعجيل فى إثبات صحة ادعائه، فألزمه أن يبين فى مذكرة شواهد التزوير ما لديه من أدلة أو أن يطلب تمكينه من صحة ادعائه بالطريقة المناسبة دون أن يلزمه بدليل بعينه، أو يطلب اتخاذ إجراء بعينه لإثبات ادعائه – الكلام لـ"علام" .
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الواقعة في الطعن المقيد برقم 7155 لسنة 64 القضائية، حيث قالت فى حيثيات الحكم إذ كان البين من تقرير الطعن بالتزوير المؤرخ 19 يناير 1986 ومن إعلان شواهده أن الطاعنين تمسكوا بتزوير عقد البيع موضوع الدعوى صلباً وتوقيعاً، ولم تنصرف إرادة مورثهم إلى بيع المساحة محل العقد، وأنه لكونه أمياً كان ينيب مورث المطعون ضده الأول فى التعامل مع الجمعية الزراعية وكان الأخير يستوقعه على أوراق تسهيل هذا التعامل.
وأنه إذا بان صحة توقيع مورثهم على العقد موضوع الدعوى، فإنه يكون مختلساً منه، ولم يتنازل الطاعنون عن الادعاء بالتزوير المعنوى على هذا العقد، وكان قضاء محكمة الاستئناف بتاريخ 17 مايو 1990 بصحة العقد على سند من ثبوت صحة توقيع المورث عليه دون أن تتطرق لبحث صحة التصرف فى حد ذاته من عدمه لا يحوز حجية مانعة من نظر الادعاء بالتزوير المعنوى، ومدى انصراف إرادة مورث الطاعنين لإبرام التصرف المنسوب إليه فى الورقة الممهورة بتوقيعه، وكان تمسك الطاعنين بالتزوير المعنوى - على هذا النحو - دفاعاً جوهرياً يتغير به - إن صح - وجه الرأى فى الدعوى وأعرضت محكمة الاستئناف عن بحثه، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.
ووفقا لـ"المحكمة" - يجب التفرقة بين التصرف والدليل المعد لإثباته، حيث أن ثبوت صحة التوقيع على الورقة العرفية لا يعنى صحة التصرف المثبت بها مع جواز الطعن فى التصرف القانونى بالغلط أو التدليس أو الإكراه أو عدم مشروعية السبب أو بأى دفع موضوعى أو شكلى آخر، وامتناع ذلك بالنسبة للورقة، المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المادة 269/4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم فى الموضوع، إلا أن التصدى لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه فى المرة الأولى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة