- خلال عام واحد بدا مستقبل مصر رهينة لتصورات التنظيم والاتجاه لتبعية تركيا.. مرسى كان مجرد رئيس غارق فى خطابات مطولة يشكو ويكرر.. وبعد 30 يونيو قدم الإخوان أدلة على صحة موقف الشعب منهم وطردهم.. السيسى وفى الوعد وواجه مع الجيش والشرطة تهديدات الإرهاب وحلفاء التنظيم فى إسطنبول والدوحة
سبع سنوات على 30 يونيو، هناك عدة مشاهد توالت من نظام حكم الإخوان، كانت كاشفة عن شكل المستقبل الذى كان ينتظر مصر، مستقبل ظهر فى سوريا وليبيا، يستكمله تمكين الجماعة ومكتب الإرشاد، واستقدام تحالف تركى قطرى إلى قلب القاهرة لإعادة رسم الخارطة واستكمال التفكيك.. هذه المشاهد التى رافقت حكم الجماعة، دفعت المصريين للخروج بالملايين لمواجهة محاولة سرقة مصر، وتحويلها إلى ولاية متطرفة تأكلها الطائفية والحروب الأهلية، وتحكمها ميليشيات موازية، كانت النية تتجه لإنشائها فى مواجهة الشعب، ويقتل فيها الناس على الهوية، من هنا يمكن تقييم ما جرى فى 30 يونيو وما بعدها.
مشاهد شكلت أسبابا كافية لقلق المصريين وخروجهم بالملايين فى مواجهة حكم المرشسد وتابعه فى القصر الجمهورى، خلال عام واحد وقبلها أثناء المرحلة التالية لـ25 يناير، اكتشف المصريون أن البلد والدولة والمؤسسات تتجه إلى مصير مجهول، لا يستبعد فيه التقسيم بعد إشعال حروب طائفية وعرقية ونشر الميليشيات، والتقاء داعش والقاعدة فى سوريا وليبيا مع توابعها فى مصر، لتكتمل الصورة القاتمة التى انتبه إليها المصريون وقرروا وقفها.
ولعل مشهد الاحتفال بانتصارات أكتوبر فى استاد ناصر 7 أكتوبر 2012 كان معبرا عن مصير مصر فى حالة استمرار حكم الإخوان بتعليمات المرشد، وحلفاء الجماعة، ولم يكن مستبعدا أن يتكرر المشهد السورى أو العراقى، فى استاد القاهرة ووسط جماهير حاشدة، الاستاد يحمل اسم جمال عبد الناصر، والاحتفال بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر، وفى صدارة الحضور قيادات الجماعة، التى كانت على عداء مع الدولة، بينها وبين ناصر تاريخ من الخصومة، وتصدر بعض ممن ساهموا فى اغتيال الرئيس السادات، غاب المشير طنطاوى عن الاحتفال، بالرغم من أنه أحد قادة قلائل شاركوا فى النصر.
ظهرت وجوه الإرهابيين السابقين والحناجر تهاجم وتحذر من الشيعة، بالرغم من أن مصر ليس بها مذهبية، وارتفعت أصوات المتطرفين تطالب بالاستعداد لإرسال مقاتلين ومرتزقىة إلى سوريا للقتال بجانب داعش والقاعدة، بدا الأمر جنونا وعبثا لكنه كان معبرا عن تنظيم دينى وجد نفسه فى السلطة، وأعتقد أنه سيطر على كل الأمور، ورئيس غارق فى خطابات مطولة، يستعرض فيها مهارات الخطابة من دون أن يمتلك أى من مواهبها، يشكو ويعيد ويكرر فى جمل وإشارات متشعبة بعيدة عن الواقع.
المشهد الثانى كان إعلان الدستور فى نوفمبر ألغى القضاء وحصن قرارات الرئيس الإخوانى من الطعن، وحصن مجلس الشعب والشورى بأغلبيتهما الإخوانية والسلفية من الطعن، وظهر مرسى يخطب فى أنصاره ويتهم خصومه علنا.
لم يكن محمد مرسى رئيسا لكنه كان مجرد ميكروفون لتنظيم الإخوان، الذى نجح فى السيطرة على مجلس الشعب والشورى بعد الإيقاع بين التيارات والأحزاب، وبدأت عملية الأخونة وزرع أعضاء التنظيم فى مواقع الصدارة، ثم توالت الأحداث حصار المحكمة الدستورية ونشر الملابس على أسوارها، وأيضا حصار مدينة الإنتاج الإعلامى، وتصدر المتطرفون والإرهابيون السابقون المشهد، وانعقدت مليونية من المتطرفين وأنصار وحلفاء التنظيم فى استعراض واضح للقوة وتهديد للخصوم.
واعتدى متطرفون على شيخ يعتنق المذب الشيعى وقتله وسحله والتمثيل به من قبل متطرفين وإخوان، كما تم ذبح مواطنين من زاوية أبومسلم، لمجرد أنهم شيعة، وكان القتلة يهتفون ويكبرون على طريقة داعش فى بلد لم يكن به أبدا مشكلة مذهبية، لكن المذهبية والطائفية ولدت على أيدى الإخوان، حيث تم ذبح المواطنين فى قرية أبومسلم، وسحلهم والتمثيل بجثثهم مع سبق الإصرار والترصد.
بعد عمليات تحريض من خطباء ومشايخ حتى وقعت يوم 24 يونيو 2013 قبل اأيام من الثورة، أصدر حلفاء الإخوان بيانات، وألقوا خطبا حرضوا فيها مباشرة على من أسموهم المتشيعين فى قرية زاوية أبومسلم ودعاة زاروها، وحرضوا على مسلمين بوصفهم كفارا وأنجاسا، وتم تنظيم مسيرة قبل يومين من المجزرة تضم سلفيين من مختلف قرى أبوالنمرس تهتف وتحرض، وداعية آخر خطب الجمعة، ووجه خطابا مباشراً كفر فيه الشيعة، واستحل دمهم فى مسجد يجاور منازل أسر الضحايا. كانت المرة الأولى فى مصر لم تكن لدينا مشكلة مذهبية، وولدت على أيدى المتطرفين تفتح الباب للقتل على الهوية.
سبقها فى استاد القاهرة حفلة لصناعة الكراهية، كانت أحداث أبومسلم تشير إلى أنها ستتكرر وأنها سوف تعم مصر، خاصة أنها تزامنت مع ميليشيات حازمون التى كانت تهاجم الإاخواب والسياسيين وتعتدى على المثقفين وغيرهم.
كل هذا اجتمع مع فشل اقتصادى واضح، انقطاع فى الكهرباء بسبب نقص المحطات، وطوابير على الوقود فى محطات الوقود، مع تهديدات وتحذيرات وانتشار لأعضاء التنظيم السرى، كل هذه المشاهد صنعت مقدمات لخروج الشعب بالملايين قبل 30 يونيو، مظاهرات ضد الإعلان الدستورى وضد تصدر الإرهابيين للصورة والمنصات، وحديث لا يكفى أطماع ونيات التنظيم الإخوانى والاتجاه لمسخ شخصية مصر وإعادة رسمها على غرار سوريا وليبيا.
الآن سبع سنوات على أهم حدث واجهته مصر فى الألفية الجديدة، 30 يونيو أحد أسرار الشعب المصرى فى مواجهة تنظيم الإخوان، وهو تنظيم ظل يخطط للصعود إلى السلطة طوال أكثر من ثمانية عقود، وخلال عام واحد أسفر عن وجه أسود، وبدا مستقبل مصر رهينة لتصورات مرشد التنظيم وتوابعه.
صحا المصريون من حلم 25 يناير على كابوس الإخوان فى السلطة، هناك من صدق وعودا وتصريحات حول المشاركة والتعاون، لكن تمت الإطاحة بالجميع حتى هؤلاء الذين دعموا مرشح الإخوان، وظهروا معه فى فيرمونت، ليطيح بهم ويستغنى عنهم ويستبعد أى تعاون مع التيارات السياسية التى تم تغفيلها لتظهر فى مشهد سياسى ساذج وهم يدعمون مرشح الإخوان.
وانفرد التنظيم بالسلطة متصورا أنها دانت له، وبغباء محكم اعتقدوا أنهم خدعوا الجميع، وأنهم نجحوا فى إخفاء نياتهم حتى يتمكنوا وبسبب الاستعجال، تكشفت نيتهم وواجهت مصر ارتباكا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ووجد المصريون أنفسهم أمام إعلان دستورى يسحب كل صلاحيات القضاء ويفرض تصورا سياسيا عجيبا يختلط فيه التعصب بالتهديد.
وإن كان التاريخ ليس فيه لو، فإن 30 يونيو لو كانت قد فشلت فقد كان على تنظيم الإخوان وحلفائه من التنظيمات الإرهابية أن يفرضوا واقعا كئيبا على المصريين.
كان هناك تحالفا بين شيوخ التطرف والتحريض والطائفية وبين تنظيم الإخوان والإرهابيين السابقين يطالبون بميليشيات خاصة موازية للشرطة، وربما فكروا فى جيش من التنظيم السرى، لقد رفض تنظيم الإخوان أن يحل الجماعة، وفضل الاحتفاظ بالتنظيم السرى والعلنى، والتوسع فيه مع حزب سياسى وأحزاب تابعة تتجاوز فى تحركاتها وأفكارها ما كان للحزب الوطنى، لكن لصالح تنظيم الإخوان فقط مستبعدا الآخرين.
وخلال شهور، اكتشف المصريون ضعف الرئيس الإخوانى، وسعى واستعجال التنظيم للسيطرة على السلطة، واختفت فكرة المشاركة وأسفر قيادات الجماعة عن وجوه غاضبة وتهديدات واضحة، بل إن أعضاء ميليشيات التنظيم ارتكبوا جرائم قتل ضد المتظاهرين، وسحلوا مواطنين أقباط واغتالوا صحفيين ومواطنين، واتهموا كل من خرج ضدهم بأنه مسيحى أو كافر، وبعد خطف جنودنا فى سيناء، وأعلن الرئيس مرسى أنه مع سلامة الخاطفين والمخطوفين.
لقد كانت سنة حكم الإخوان كاشفة عن خليط من الطمع والجشع الإخوانى فى السلطة مع فقدانه لإمكانات تساوى هذه الطموح، ورغبة فى الإسراع بأخونة المناصب فى الدولة والإسراع ببناء ميليشيات خاصة من التنظيم السرى وباقى أعضاء الجماعات التكفيرية إقليميا، كانت هناك توجهات بالارتماء فى أحضان تركيا وأردوغان، لتصبح مصر تابعة لإسطنبول وتحصل قطر وتركيا على قناة السويس وتنميتها بثمن بخس، ولهذا لم تنس قطر وتركيا خروج المصريين على حكم الحليف الإخوانى، وواصلوا محاولات التحريض وحولوا قنواتهم إلى منصات تحريض وكراهية، بل إنهم أكدوا أنه فى حال وقوع حرب مع مصر، سوف يؤيدون تركيا وأردوغان، وبعد أن كشف المصريون عن خسة وانتهازية تنظيم المرشد تأكدوا من سلوك العنف والكراهية بعد خلع الإخوان.
بعد تخلص المصريين من حكم المرشد وانحياز القوات المسلحة للشعب، مثلما جرى فى 25 يناير، بدأ تنظيم الإخوان وحلفاؤه دوليا وإقليميا فى ارتكاب عدد من الجرائم، حرق وقتل وتفجيرات، وفى رابعة والنهضة تكشف الوجه المسلح للتنظيم والمبالغة فى التحريض ودعوة القوى الخارجية للتدخل، مع تهديدات بالإرهاب وبالفعل نفذ حلفاء التنظيم عمليات تفجير وقتل واغتيالات، بعد حرق الكنائس ومهاجمة مركز شرطة كرداسة وقتل الضباط، وحاول تنظيم حسم الإرهابى وغيره مع داعش وباقى التنظيمات تنفيذ تفجيرات لمديريات الأمن أو الكنائس، وتصدت الشرطة والجيش للإرهاب، وواجهوه فى وقت واصلت الدولة تحركها للأمام فى عمليات بناء ومشروعات قومية وإصلاحات اقتصادية واجتماعية واسعة، لكن الأهم من كل هذا أن القوات المسلحة بقيادة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى واجهت تهديدات الإخوان وتوابعهم وحروبهم وتحريضهم، وصمدت فى وجه الكثير من التحديات تنفيذا للوعد والعهد.
30 يونيو كان يوم استعادة مصر من أيدى الكراهية والإرهاب، ومازال الإخوان يقدمون كل يوم دليلا جديدا على صحة مسار 30 يونيو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة