سافر الرئيس جمال عبدالناصر إلى الاتحاد السوفيتى يوم 29 يونيو 1970، يرافقه وفد مكون من، على صبرى مساعد رئيس الجمهورية، والفريق أول محمد فوزى وزير الحربية، ومحمود رياض وزير الخارجية، والكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، وفى يوم 30 يونيو(مثل هذا اليوم) 1970 بدأت أولى الاجتماعات مع القادة السوفيت، ويصفها محمود رياض فى مذكراته «البحث عن السلام والصراع فى الشرق الأوسط»: «كانت أكثر جولات المباحثات حسما مع الاتحاد السوفيتي»، ويذكر الكاتب الصحفى محمود عوض فى كتابه «اليوم السابع، الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف»: «من الجلسة الأولى للمباحثات مع القيادة السوفيتية، كان تركيز جمال عبدالناصر على الجانب العسكرى، حيث استكملت القوات المسلحة التدريبات اللازمة لعبور القناة».
كانت موسكو تشهد أول جلسات اجتماع عبدالناصر مع القادة السوفيت، فى نفس الوقت كان الجيش المصرى يسجل بطولة عسكرية رائعة يذكرها الفريق فوزى فى مذكراته «حرب الثلاث سنوات 1967، 1970»، قائلا: «تمكنت الصواريخ من تدمير 8 طائرات قاذفة مقاتلة سكاى هوك وفانتوم غرب القناة، وأسرت قواتنا 5 طيارين أحياء يوم 30 يونيو 1970، وتوالى تدمير طائرات العدو، ففى 2 يونيو 1970 دمرت الصواريخ طائرتين، وفى 3 يونيو دمرت 3 طائرات، وفى 6 يونيو دمرت طائرتين، وكانت كل هذه الطائرات من نوع الفانتوم».
أسقطت القوات المصرية 15 طائرة خلال أسبوع واحد وأسرت تسعة طيارين أحياء، وفقا لمحمود عوض، مضيفا: «سمى أسبوع سقوط الطائرات، وسجلت القوات المصرية غرب القناة حوارا باللاسلكى بين طيار إسرائيلى وزميله أثناء فرارهما عائدين بطائرتيهما: إن الصواريخ فى المنطقة كعش الغراب، كلما ضربنا واحدة ظهرت أخرى، إن المصريين زرعوا الأرض بالصواريخ غرب القناة».
جاء هذا التطور كنتيجة مباشرة لإنشاء شبكة الصواريخ المصرية بمساعدة السوفيت، حسب تأكيد إنجى محمد جنيدى فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1967 - 1970»، وتضيف، أن مصر قررت القيام باستكمال شبكة الصواريخ بمساعدة السوفيت وبشكل سريع، من خلال خطة مدروسة عملت فيها على حماية القائمين بتجهيز المواقع المحصنة والدشم، ثم التقدم على وثبات متتالية».. تضيف «جنيدى»: «بدأت الخطة المصرية فى الثامن والعشرين من يونيو 1970 بتجهيز المجموعة الأولى للتحرك للوصول بالصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات المصاحبة لها إلى مواقعها ليلا ثم بدأ التجهيز للاشتباك، ومع صباح التاسع والعشرين من يونيو، كانت هذه الوحدات جاهزة فى مواقعها الجديدة، ولم يشعر العدو بهذه القفزة الخطيرة وبالتالى لم يقم بأى رد فعل، وبعد آخر ضوء من نفس اليوم قامت المجموعة الثانية باحتلال مواقعها الجديدة شرق المجموعة الأولى، وصباح الثلاثين من يونيو احتلت المجموعات أماكنها من توفير الحماية على مسافة ثلاثين كيلومترا غرب القناة».. يؤكد «عوض» أنه فى خلال الأيام التالية سوف تصبح القيادات الإسرائيلية فى حالة هستيريا بسبب نجاح الشبكة الصاروخية المصرية الجديدة».
هكذا كان الوضع على جبهات القتال يؤكد النقلة العظيمة التى أحدثها سلاح الدفاع الجوى، أما فى موسكو ووفقا لفوزى: «عقدت الجلسة الأولى يوم 30 يونيو 1970 مع القادة السوفيت، وكان عرض الموقف العسكرى من الرئيس عبدالناصر على الجبهة يشمل تعرض قواتنا على الجبهة لغارات كثيفة جدا من طائرات الفانتوم الأمريكية المجهزة بمعدات إلكترونية متطورة للغاية، وأن هدف إسرائيل من ذلك كما صرح زعماؤها منع الجيش المصرى من استكمال استعداداته الهجومية لتحرير أرضنا المحتلة، وأنه بالرغم من الخسائر الكبيرة فى قواتنا على الجبهة إلا أن روحها المعنوية عالية جدا، وأن لدى قواتنا الثقة الأكيدة فى قدراتنا المتزايدة على إحداث خسائر فى القوات الإسرائيلية لا تستطيع تحملها، وأن حجم قواتنا حاليا ثلاثة أرباع مليون مقاتل سوف يصل فى آخر 1970 إلى مليون، ولكن المشكلة الراهنة أن الولايات المتحدة تزود إسرائيل بمعدات للحرب الإلكترونية ليس لدينا ما يماثلها، كما أن طائرات الميج 21 لا يمكنها البقاء فى الجو مدة طويلة مثل طائرات الفانتوم».
يؤكد فوزى، أن الرئيس عبدالناصر أنهى هذه الجلسة بطلبات محددة عن إمدادا بأجهزة الحرب الإلكترونية المتطورة لرفع كفاءة وقدرة نظامنا الجوى، وإمدادنا بطائرة قاذفة ثقيلة لردع إسرائيل فى حالة محاولاتها لضرب العمق المصرى، واستكمال شبكة الدفاع الجوى بالصواريخ عن باقى صعيد مصر وخاصة منطقة أسوان لوقاية السد العالى، بالإضافة إلى بعض المعدات والتجهيزات الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة