على مدار الأسابيع الماضية، بدأت دول العالم واحدة تلو الأخرى فى إعادة فتح أنشطتها الاقتصادية على الرغم من استمرار جائحة كورونا، وذلك بعد أشهر من الإغلاق توقفت فيها الحياة بشكل شبه كامل فى محاولة لاحتواء الفيروس القاتل.
لكن تجارب الدول فى إعادة الفتح اختلفت من واحدة لأخرى بين النجاح والفشل، فبينما حافظ بعضها على الفيروس تحت السيطرة بعد عودة الناس لممارسة حياتهم الطبيعيةـ عانت أخرى من ارتفاع هائل فى إصابات كورونا دفعها إما لوقف المراحل التالية من إعادة الفتح أو ربما العودة لإغلاق جزئى.
وتقول دورية فورين أفيرز الاأميكية إن اغلب العالم الآن بدأ عملية الفتح، حتى على الرغم من استمرار تسارع انتشار المرض فى بعض المناطق. فالولايات المتحدة سجلت أعلى معدل إصابة يومى مرات عديدة خلال الأيام الماضية، ومع ذلك واصلت الكثير من الولايات الفتح.
ورغم أن هذه المرحلة الجديدة من التعامل مع الوباء محفوفة بالمخاطر، إلا أنها حتمية، بحسب المجلة. فلا يمكن إبقاء القيود المشددة على حياة البشر إلى الأبد، وهدفها كان تسطيح المنحنى لتجنب انهيار المرضى الذين سيغمرون المستشفيات ولمنح الحكومات الوقت لتعزيز أنظمتها للرعاية الصحة العامة، لكن مع تحقيق هذه الأهداف، أصبح من الصعب تبرير التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المؤلمة للإغلاق الممتد. فلا عجب أن الكثيرين أصابهم التعب من الحجر الصحى.
وفى الدول الفقيرة ومتوسط الدخل، تصبح العودة إلى العمل مسألة حياة أو موت. فى حين أنه فى دول أخرى، لاسيما الولايات المتحدة له بعد سياسى، حيث يعارض الجمهوريون قيود كورونا أكثر من الديمقراطيين.
وتؤكد المجلة أن عصر الإغلاق قد انتهى على الأقل الآن، لكن هذا لا يعنى أن كل دولة على نفس المسار، او أن كل إستراتجيات إعادة الفتح متساوية.
فالدول التى التزمت بإغلاق حذر حتى سيطرت بشكل كبير على تفشى المرض، وأصبحت أنظمتها الصحية قادرة على التعامل مع الإصابات، وكانت أفضل من تلك التى قامت بالفتح السريع والدائم. ورصدت المجلة 3 عوامل تلعب دورا فى إعادة الفتح بشكل ناجح دون حدوث ارتفاع كبير فى الإصابات.
التوقيت المناسب
فرغم أن إعادة الفتح بدأ تقريبا منذ شهر، لكن من الواضح أن الدول التى انتظرت قدوم الوقت المناسب لتخفيف الإجراءات فى وضع أفضل من تلك التى تحركت لإعادة الفتح رغم العدوى المجتمعية المستمرة والفجوة فى قدرات الصحة العامة. فالدول التى انتظرت فترة لبدء إعادة الفتح تفوقت على تلك التى لم تفعل. وحافظت استراليا وألمانيا وهونج كونج ونيوزيلندا والنرويج جميعها على توجيهات التباعد حتى انخفضت الحالات الحديدة إلى مستوى تنخفض فيه مخاطر عودة ظهور الفيروس.
واستطاعت هذه الدول أن تعيد فتح المدارس والمحال والسماح للناس باستئناف حياتها الاجتماعية دون خطر كبير من خروج الوباء عن السيطرة. أما الدول التى اتجهت سريعا لإعادة الفتح مثل البرازيل، فقد شهدت ارتفاع فى حالات الإصابة.
الخطط المرنة على مراحل
فقد تعلم العلماء ومسئولو الصحة العامة الكثير عن المخاطر المرتبطة بهذا الفيروس على مدار الاشخر الامضية، لكن الكثير من الغموض لا يزال قائلا. ونتيجة لذلك، فإن الدول التى اتخذت نهجا محافظا لإعادة الفتح كانت أفضل فى قدرتها على وقف أو إعادة ضبط سياستها عندما تواجه حالات تفشى جديدة، مقارنة بالدول التى خففت جميع إجراءاتها الوقائية فى وقت واحد. ولهذا السبب يوصى خبراء الصحة العامة بإعادة الفتح على مراحل، بدء من المناطق والأنشطة الأقل خطر، والتحرك تدريجيا نحو تلك الأكثر خطورة.
الرسائل الواضحة
بقدر أهمية الخطط المرنة، فإن الرسائل العامة الواضحة والقائمة على العلم مهمة. فقادة ألمانيا وأيرلندا ونيوزيلندا وسنغافورة على وجه الخصوص قاموا بمهمة رائعة فى توصيل سياسات حكوماتهم والمنطق منها. وبشكل لا يدعو للدهشة، كان مستوى الالتزام بإغلاق وسياسات إعادة الفتح مرتفعا فيها، مما عزز كفاءتها. وعلى النقيض، فإن الرسائل العامة من قادة البرازيل والولايات المتحد غير متناسقة، وأدت إلى نتائج عكسية مما أدى إلى ارتباك واسع النطاق حول فائدة الكمامة على سبيل المثال، وتقويض الامتثال المبادئ التوجيهية الرسمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة