و نحن فى شدة أزمة جائحة كورونا و مهمومين بكيفية عبور هذه الأزمة العنيفة التى ألقت بظلالها على كافة نواحى الحياة ليس فى بلدنا الحبيب و لكن على مستوى العالم.
لابد أن ننظر الى نصف الكوب الممتلئ ألا هو قدرتنا و اصرارنا على التغيير و التقدم و التحدي للظروف الغير طبيعية و قد يكون ذلك تصديقا للقول الشائع أننا شعب يجيد العمل تحت ضغط و نصنع الكثير من المعجزات في وقت الشدة.
من هذا المنطلق أحب أن أتشارك مع من يعنيهم الأمر فيما امتهنه و هو التعليم الجامعى ما بعد كورونا بصفتى أستاذ أكاديمى و عضو احدى لجان المجلس الأعلى للترقيات.
عزيزى صاحب القرار دعنى اعترف أن ما حدث فى الثلاث أشهر السابقة و بالتحديد من منتصف شهر مارس حيث تم تعليق الدراسة بالجامعات هو طفرة بكل المقاييس من استدعاء وسائل التعليم عن بعد و رفع المحاضرات وتطبيق جزء ليس باليسير من التعليم المدمج و اظهار امكانيات البنية التحتية للجامعات المصرية و التى من الممكن بل المؤكد تمتلك أساسا قويا للبناء فى المستقبل و الأهم من ذلك هو ما لمسته من قدرة أعضاء هيئة التدريس كبيرا و صغيرا على تغيير نمط التدريس بالرغم من كونه احدى التابوهات الثابتة و كان التحدث عن ضرورة تطويره ضربا من الخيال و الأكثر من ذلك هو مدى التغير فى سلوك الطلاب- طبعا ليس بالنسبة المطلقة- و لكن كبداية شئ مبشرفى استقبال الطرق الجديدة للتعليم و التدريس عن بعد و الاعتماد على البحث و تغيير نمط الحصول على المعلومات و التدقيق فيها و زيادة وسائل الاتصال بين الاساتذة و الطلاب و هذا شئ محمود.
ما دعانى للحديث اليوم ان هناك الكثير من الجهد فى هذا الطريق الذى بدأ و لن يعود للخلف و دعنى عزيزى المسئول أن أصرح بأن ما حدث استطاع التغلب على الأزمة الان و لكن ماذا اذا استمرت وهذا متوقع ماذا نحن فاعلون؟
أولا. بالنسبة للجامعات المصرية لابد من استغلال و تحديث البنية التحتية من شبكات انترنت و معامل الكترونية متكاملة بكل الكليات و الأقسام لتكون نواة للتعليم المدمج وليس فقط منصات لرفع المحاضرات ويمكن الاستفادة منه في تطبيق الامتحانات الالكترونية الموحدة مستقبلا.
ثانيا. التحول الرقمى للجامعات لابد أن يتم فى أسرع وقت وفقا لمعايير قياسية موحدة و لتكن تلك وظيفة المجلس الأعلى للجامعات مع الاتفاق مع احدى الشركات المتخصصة فى ذلك المجال و ما أكثرها حتى يكون التنفيذ على أعلى درجات الاحترافية و يكون ذلك بميزانية منفصلة من المجلس الأعلى للجامعات المصرية و تحت اشرافه الكامل واعتقد بوجود بنية تحتية جيدة بالجامعات سوف تنخفض التكلفة.
ثالثا. لابد من خلق جيل جديد كامل من السادة الاداريين يمكنهم التعامل و المساعدة فى عمل هذا النظام الجديد لضمان استمراريته و تدفقه و تطويره.و ذلك.ضرورة لزيادة المهارات الرقمية لديهم و معاونة اعضاء هيئة التدريس في تشغيل المنظومة الالكترونية وهذه وظيفة الجامعات.
رابعا. على السادة أعضاء هيئة التدريس التأقلم السريع و التطور في استخدام التعليم عن بعد و التطرق الى طرق أكثرابداعا و استخدام طرق أخرى بجانب الانترنت فمازلنا في بعض المناطق نظرا لظروف تقنية أو مالية نجنب جزء ليس بالقليل من الطلاب من الاستفادة من التدريس عن طريق الانترنت و لذلك يجب أن تكون هناك استراتيجية معاونة توفرها البنية التحتية الحالية فى ايصال التعليم عن بعد فيمكن استخدام مقاطع الفيديو و المدونات و التسجيلات الصوتية و التى تستهلك قدرا أقل من البيانات و ينبغى التفاوض مع شركات الاتصالات لتطبيق سياسات تعفى الطلاب من الرسوم لتيسير تنزيل المواد على الهواتف الذكية المتوفرة مع أغلب الطلاب ولا ننسى الغائب الحاضر و هوالفضاء الاعلامي (الاذاعة و التليفزيون) و الذى لا يخلواقليم من اذاعة و محطة تليفزيون اقليمية يمكن الاستفادة منها.
خامسا يجب اغتنام حماس السادة أعضاء هيئة التدريس الموجود الان لتغيير طرق التدريس والتعليم والامتحانات و مد جسور التواصل مع الطلاب و ينبغى علينا جميعا مراجعة المقرارت الدراسية و تنقيتها مع استبدال المنهج الجامد بساعات التدريس المعتمدة و هذا هو الأفضل للأستاذ و الطالب.
أما أبنائنا الطلاب فاعتقد انهم الأن أكثر حماسا لانتظام التعليم و التعلم عن بعد باستخدام التقنيات الحديثة ومن واجبنا كجامعات و كليات و أقسام فتح قنوات اتصال شامل مع الطلاب يشمل ارسال رسائل متعددة (مكتوبة- مرئية- مسموعة) تتضمن التوعية والارشاد لكيفية التعامل مع الطرق الجديدة و نظم التقييم و الامتحانات لازالة أى هاجس من استخدام هذه الطريقة وليطمئنوا انه لن ينال من مقرراتهم او امتحانتهم اودرجات التقييم او سمعة الشهادات .
فى النهاية نحن في عالم جديد لابد من استغلاله و الاستفادة منه. ما تناولته هى خطوط عريضة بينها تفاصيل دقيقة تحتاج بذل قصارى الجهد . فلنستمر جميعا فى التقدم و الله من وراء القصد