السيد شحتة

ظلم ذوى القربى فى زمن الوباء

الثلاثاء، 23 يونيو 2020 02:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا نأمل أن يخرج الوباء فقط أجمل ما فينا لكن للأسف فعل النقيضين أخرج الأحسن والأقبح، فهناك من حمله المشهد على أن يدرك أن كل شىء زائل لا محالة، وأن التجارة مع الله هى الرابحة، وفى الوقت نفسه فإن آخرين أصروا على استبدال الرخيص بالغالى وأن يبيعوا الباقى بالزائل.
 
قصص ظلم ذوى القربى فى زمن الوباء تدق جرس إنذار كبير لحجم الخلل الضخم الذى أصاب علاقات الأهل داخل جدران البيت الواحد وفى قلب الأسرة الواحدة، فما أقسى الطعنة عندما تأتى من الخلف وما أصعب أن يتسلل إليك الخذلان مما كنت ترجو نصرته ودعمه فى الشدائد والمحن.
 
ما الذى يدفع ابنا إلى التخلى عن أمه أو أبيه المصاب بفيروس كورونا حتى بعد أن يفارق الدنيا ويرفض استكمال إجراءات دفنه رغم إبلاغه من الجهات الرسمية أكثر من مرة ليدفن الضحية فى نهاية المطاف فى مساكن الصدقات، وكأنه لم ينجب ولم يكن له على ظهر الأرض يوما ما أحد.
 
لماذا تتحجر قلوب البعض إلى الحد الذى يبخلون فيه على أقرب الناس إليهم حتى بلحظات توديع نعوشهم قبل أن يتم دفنهم تحت التراب، هل هو الخوف من العدوى، وهل هناك من يحمل فى جيبه ورقة على بياض بأن الفيروس لن يتسلل إليه أو إلى أقرب الناس إليه مهما فعل ومهما اتخذ من احتياطات أو تدابير وقائية، وهل يضمن أحد لنفسه أن يعيش طويلا وألا يموت فى حادث سيارة أو بمرض آخر أو حتى هل هناك من يضمن لنفسه أن يستيقظ من نومه إذا حان أجله؟
 
 فى واقعة أخرى ترك عدد من الأبناء أمهم المسنة عقب إصابتها بكورونا خوفا من العدوى، هربوا بحياتهم وتركوها تصارع الموت مرضا وجوعا وعطشا وحزنا وخوفا.
 
 ظلت تبكى بحرقة كسرة قلب لا يمكن أن تجبرها كنوز الدنيا، وجروح يعجز أطباء العالم على مداوتها، ما أصعب اللحظة التى يكتشف المرء فيها أنه يواجه عواصف الحياة ونوائب الدهر وحيدا بلا سند بعد أن بذل من صحته ومن عمره الكثير كى يربى صغارا ظن أنهم سيكونون له عونا عندما تضعف قواه فإذا بهم يقومون بقتله عمدا عبر حرمانه الماء والدواء والدعم المعنوى عندما يتسوله منهم فى لحظة ضعف.
 
وهؤلاء إخوة نسوا أنهم أبناء لأب واحد وأم واحدة وأكلوا معا لسنوات طويلة من طبق واحد وقرروا أن يقطعوا كل حبال الود وصلات الرحم بينهم بسبب قلوب تحجرت بفعل دنيا زائلة وأطماع ما أنزل بها من سلطان.
 
لم يعد صادما اليوم أن تقرأ خبرا لأخ يقتل أخاه أو ابن يهجر أباه، فكل هذا واقع مرير يؤكد أن هناك قلوبا صارت كالحجارة بل هى أشد قسوة فى زمن كان يفترض أن يلتحف كل فرد بأهله وأقاربه فى مواجهة وباء مازال الأطباء عاجزون  حتى الساعة عن تحديد موعد نهايته.
 
أعلم أن هناك أسرا كثيرة زادتها المحنة انصهارا وتماسكا، وأعلم أن هناك عائلات كاملة يكفل فيها الغنى الفقير حتى تزول المحنة، ولكن أحسب أن تلك هى اللحظة المناسبة ليفكر البعض من ذوى القربى فى عاقبة ظلمهم الأشد مرارة وقسوة.
 
إذا لم تقف أمام أب أو أخ أو ابنة وهى تواجه بمفردها محنة ما فى زمن الوباء فمتى ستقف بجوارها إذا، أى مكسب ذلك الذى تربحه بتخليك عن أبسط حقوقك الإنسانية والدينية فى دعم الأقربين نفسيا قبل أن تقف بجوارهم ماديا فى هذه اللحظات الدقيقة.
 
صدقنى إذا بعت يوما ما الغالى بالرخيص فإن اللكمة سترتد لوجهك والضربة ستعود لصدرك يوما ما فالأيام دول وكما تدين تدان، أدعو نفسى وإياكم إلى تعلم درس الوباء جيدا وليرحم بعضنا بعضا حتى يرفع الله عنا الغمة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة