انفردت "اليوم السابع " يوم الثلاثاء 16 يونيو 2020 بوثيقة تاريخية تكشف عن تبرع مؤسس دولة الإمارات سمو الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله لمصر ب17 مليون دولار، وإشادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر به ، وذلك في مباحثاته مع الرئيس الليبي معمر القذافي بقصر القبة يوم 10 يونيو 1970..كان ذلك قبل أن تتوحد دولة الإمارات وتحصل علي استقلالها من الاحتلال البريطاني، وكان سمو الشيخ زايد حاكما لإمارة أبوظبي، وحسب محضر المباحثات قال عبد الناصر للقذافي :"والله الشيخ زايد ده راجل كويس ..بعت لنا من غير مانطلب 17 مليون دولار وطلب ألا ننشر".
الانفراد الذي كتبه الزميل حازم حسين وأهدته الدكتور هدي جمال عبد الناصر إلي اليوم السابع ،كشف أيضا عن التحرك نحو اليمن الجنوبي وذلك بسؤال عبد الناصر للقذافي عن زيارة وزير الخارجية الليبي "صالح بويصير" إلي عدن.
قيمة هذه الوثيقة أنها تكشف عن جانب مجهول في العلاقة التاريخية التي ربطت بين سمو الشيخ زايد وجمال عبد الناصر بالرغم من عدم لقائهما، وتؤكد علي إخلاص زايد لعروبته، وأن حبه لمصر كان نموذجا منه في الوفاء نحو البلد الذي ساند الإمارات في كفاحها من أجل وحدتها، وقصة ما حدث يوم 26 سبتمبر عام 1965 من جمال عبد الناصر مع الوزير بالحكومة البريطانية، «جورج طومسون»، احدي الصفحات المجهولة التي تكشف موقف جمال عبد الناصر الصلب في مساندة دولة الإمارات لاستقلالها ومساندته لاستقلال اليمن الجنوبي ،وقت أن كان اليمن شطرين "شمالي "وعاصمته "صنعاء " و"جنوبي" وعاصمته "عدن".
يروي الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابه "الانفجار "، أن الوزير الريطاني «طومسون» وصل إلى القاهرة يوم 25 سبتمبر 1965، وتم إبلاغ السفير البريطاني «جورج ميدلتون» بأن الرئيس جمال عبد الناصر سوف يستقبل الضيف، ومعه السفير فى الساعة الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم التالى«26 سبتمبر».
يوضح هيكل الأجواء التى سادت المنطقة قبل هذه الزيارة، مؤكدًا أن منطقة الخليج وتحديدًا «الإمارات»، كانت أساسا فيها، فالإمارات كانت خاضعة للنفوذ البريطانى، فى نفس الوقت «كان شاه إيران يشجع هجرة عناصر غير عربية إلى هذه المنطقة، مما بدا معه أن هناك مخططًا مرسومًا لتغيير طبيعة تركيبتها السكانى".
يؤكد هيكل: «تنبهت الحكومات العربية إلى ما يجرى، فاتخذ مؤتمر القمة العربى الثانى بالإسكندرية «سبتمبر 1964» قرارًا بضرورة «دعم العلاقات العربية الأخوية بإمارات الخليج، وإرسال بعثة أخوية عربية لبحث تقديم المساعدة إلى «إمارات ساحل عمان»، «أبوظبى - دبى - الشارقة - عجمان - الفجيرة - أم القوين - رأس الخيمة»، ثم قرر مجلس رؤساء الحكومات العربية إنشاء صندوق فى الجامعة العربية لمعونة إمارات الخليج، ورصدت مبلغ مليون ونصف مليون جنيه إسترلينى ساهمت فيه بالتساوى: مصر والعراق والسعودية والكويت، واتصلت الجامعة العربية بحكام الإمارات لتحصل على موافقتهم على التعاون مع الصندوق العربى، وإذ بالحكومة البريطانية تسخر كل نفوذها لكى تحول دون حدوث هذا التعاون".
وصل «طومسون» إلى المنطقة وسط هذه الملابسات، وحسب هيكل بدأت تتردد أخبار عن اجتماعات يعقدها مع حكام الإمارات ويخطرهم بأن الحكومة البريطانية قررت إنشاء صندوق لمعونة إماراتهم، وهذا الصندوق هو المصدر الوحيد لتوزيع المعونات، وإذا رغبت الجامعة العربية أو أيا من دولها فى تقديم مساعدة، فمن الضرورى أن تمر عن طريق الصندوق البريطانى، وهو يتصرف فيها مع ما لديه من اعتمادات واردة من مصادر أخرى.
يؤكد هيكل: «زادت التقارير فإذا بتفاصيلها تؤكد أن بعض الحكام حاولوا أن يبينوا لطومسون أنهم لا يستطيعون رفض معونات عربية ولا أن يمتنعوا عن التعاون مع الجامعة العربية، فهددهم بالعزل إذا لم يخضعوا".
يكشف هيكل: «كانت القاهرة تتوقع أن يخرج «طومسون» من لندن متوجهًا مباشرة إليها باعتبارها مقصد رحلته، لكنه اتجه أولا إلى منطقة الخليج، ومن هناك بدأت القاهرة تتلقى تقارير عن نشاطه فى مختلف المشيخات والإمارات، ووصل القاهرة يوم 25 سبتمبر 1965 واجتمع بمحمود رياض وزير الخارجية، وفى الساعة العاشرة صباح يوم 26 سبتمبر، وقبل موعد اجتماعه بالرئيس جمال عبدالناصر الساعة الثانية عشرة ظهرا، التقطت محطات الاستماع من لندن بيانا رسميا عن مجلس الملكة يعلن أن المجلس «اتخذ قرارا بتفويض الحكومة البريطانية بإلغاء دستور عدن «اليمن الجنوبى»، وفرض الحكم المباشر للمندوب السامى البريطانى على المستعمرة، وأذاع راديو لندن هذا البيان، وتلاه خبر عن اعتقالات لزعماء وطنيين فى عدن، ثم كان الخبر الثالث مباشرة فى الإذاعة البريطانية هو «أن طومسون سيقابل الرئيس جمال عبدالناصر فى القاهرة فى ظرف ساعة من الآن".
كانت «عدن» تحت الاحتلال البريطانى من 19 يناير 1839، وفى 14 أكتوبر عام 1963 اندلعت ثورتها المسلحة ضده وساندتها مصر، ووفقا لرئيس اليمن الجنوبى الأسبق «على ناصر محمد»: «عند زيارة الرئيس جمال عبدالناصر لمدينة تعز عام 1964، أعلن وقوفه إلى جانب الثورة المسلحة فى الجنوب، وتقديم كل أشكال الدعم السياسى والعسكرى والمالى والإعلامى لهذه الثورة، وأعلن يومها أن على الاستعمار البريطانى أن يحمل عصاه ويرحل من عدن.
وبعد هذه الدعوة، وقف الشعب فى الجنوب بكل قواه السياسية إلى جانب الثورة المسلحة، وجرى تدريب المئات والآلاف في «تعز والقاهرة والداخل» ضمن ما سميت حينها «عملية صلاح الدين»، التى كان يشرف عليها مسؤولون فى مصر، وقدمت كل أشكال الدعم للفدائيين فى عدن وجبهات القتال فى الجنوب".
كانت الصورة كاملة أمام جمال عبدالناصر بعد دقائق من صدور بيان «مجلس الملكة»، وقبل لقائه بـ«طومسون»، ويكشف هيكل: «أجرى عبدالناصر اتصالات تليفونية مع وزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى ، ثم قرر بعدها أنه لم يعد يستطيع مقابلة الوزير البريطانى، وإلا اعتبرت مقابلته له موافقة على الإجراءات البريطانية، إلى جانب أن شكل التصرفات كلها يوحى برغبة الاستفزاز».
يؤكد هيكل: «توصل عبدالناصر إلى قراره فى الساعة الثانية عشرة إلا الربع، والباقى على موعد الوزير البريطانى خمسة وأربعون دقيقة، واتصلت تشريفات الرئاسة بالسفير البريطانى، ولحقت به على باب السفارة قبل أن يهم بركوب السيارة مع «طومسون»، متوجهين إلى مقابلة الرئيس فى بيته بمنشية البكرى، وقال رئيس التشريفات للسفير «إنه مكلف بإبلاغه أن الموعد المحدد للوزير البريطانى وله لمقابلة الرئيس لم يعد قائما».. وأصدرت رئاسة الجمهورية بيانا حول الموضوع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة