سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 15 يونيو 1978.. المدعى الاشتراكى يواصل تحقيقاته مع هيكل ويسأله: «هل كان عبدالناصر على خطأ أم صواب فى سياساته؟»

الإثنين، 15 يونيو 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم  15 يونيو 1978.. المدعى الاشتراكى يواصل تحقيقاته مع هيكل ويسأله: «هل كان عبدالناصر على خطأ أم صواب فى سياساته؟»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجرى المدعى الاشتراكى المستشار أنور حبيب الجلسة الثانية من التحقيقات مع الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، يوم 15 يونيو، مثل هذا اليوم، عام 1978، بعد أن انتهت الجلسة الأولى فى اليوم السابق، وسط حضور كثيف لوسائل الإعلام العالمية أمام «مكتب المدعى» فى شارع لاظوغلى بالقاهرة، حسبما يذكر هيكل فى كتابه «وقائع تحقيق سياسى أمام المدعى الاشتراكى».
 
تناولت الجلسة الثانية أكثر من قضية، بدأت بتناول «الخلافات بين الدول العربية، وهل كان عبد الناصر على خطأ أم على صواب فى سياسته»، وبدأ «المدعى الاشتراكى» أسئلته فى هذا الجانب بسؤال: «ما هى وجهة نظركم بالنسبة للسياسة التى انتهجتها مصر مع الدول العربية فى فترة مشاركتكم فى العمل السياسى وحتى الآن؟»..أوضح هيكل أن كل سياسة تستمد اتجاهاتها من مصدرين، أولهما، ما يمكن أن نسميه بالثوابت، وتعنى مجموعة الأهداف الاستراتيجية العليا للدولة، وهى الأهداف التى تحددها الحقائق الطبيعية والتاريخية كالجغرافيا والانتماء القومى وإطار المصلحة وحدود الأمن إلى آخره، وهذه عوامل لا تتغير كل يوم ولا تتبدل مع الحكام والحكومات.
 
أما المتغيرات، فتعنى فى النهاية سياسات تحقيق هذه الأهداف فى أجواء مختلفة وموازين متحركة وموارد يتفاوت حجمها ويتفاوت تأثيرها تبعا لطريقة إدارتها، إلى جانب تباين الرؤية ونوع ودرجة الالتزام الذى لدى صانع أو صناع القرار السياسى.. وشرح هيكل الأنماط التى مارست بها مصر دورها العربى منذ الحرب العالمية الثانية وبعد ثورة 23 يوليو 1952.
وسأله «المدعى»: ماهى مواطن الصدام ومدى ما وصل إليه فى هذه المرحلة وإن ظلت العلاقات قائمة بين مصر والدول العربية..أجاب هيكل: «حدثت اصطدامات، ويمكن ردها بصفة عامة إلى أربعة أسباب رئيسية هى.. اختلاف الأوضاع الاقتصادية بين البلاد العربية.. اختلاف التصورات المطروحة لحل التناقض الرئيسى الذى يواجه الأمة العربية فى هذه المرحلة، وهو التناقض مع إسرائيل، واختلاف الأوضاع الاقتصادية بين البلاد العربية، وظروف وطبيعة الارتباط بين بعض الدول العربية وبعض القوى الخارجية».
 
أضاف هيكل: «إذا طبقنا ذلك عمليا لوجدنا على سبيل المثال أنه كانت هناك خلافات بين مصر والسعودية بسبب التطبيق الاشتراكى فى مصر، لأن الاشتراكية بالنسبة للسعودية كانت شيئا مكروها، وكانت هناك خلافات بين مصر وحزب البعث عموما بسبب اختلاف النظرات إلى بعض قضايا العمل العربى، وكانت هناك خلافات بين مصر وحزب البعث العراقى لأن النظام العراقى كان شديد الجموح أحيانا فى نظرته إلى استراتيجية مواجهة الصراع العربى الإسرائيلى، ربما بسبب بعد ذلك النظام عن المخاطر المباشرة لهذا الصراع».
 
أضاف هيكل، كانت هناك خلافات بين مصر وسوريا بعد الانفصال (1961)، واستمرت بعد سقوط حكم الانفصال فى دمشق وإلى ما قبل ظهور الرئيس حافظ الأسد بسبب الطبيعة المغامرة للنظام السورى فى تلك الفترة، وقام خلاف بين مصر والسودان بسبب منطقة «حلايب» على الحدود بينهما، ولكن مصر سارعت إلى تطويقه لأنها لم تكن تريد دفع الأمور إلى أزمة مع السودان مهما تكن الأسباب، وهكذا، وهكذا.
 
سأل المدعى: فى رأيك، أيهما كان على حق مصر أم الدول العربية؟..أجاب هيكل: شأن أى خلاف لا يمكن إنسانيا أن يكون لطرف واحد الحق فى كل ما يقوله أو يفعله بينما يحتكر الخطأ طرفا آخر، وأنا أعتقد بصفة عامة أن الخط الاستراتيجى المصرى فى تلك الفترة كان خطا سليما، ومصر لم تخطئ بالنسبة للثوابت وربما حدثت أخطاء فى مجال المتغيرات، وفى كل الأحوال فإن هذه الخلافات لم تكن قصدا مقصودا أرادته مصر، وإنما حدث نتيجة تناقضات ومواريث اجتماعية وسياسية مختلفة، وكذلك نتيجة ارتباطات دولية معينة وأحيانا نتيجة حساسيات شخصية، وربما قيل إن مصر وقعت فى خطأ المبالغة فى هجماتها على مواقف آخرين فى العالم العربى، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن علينا أن نضع مثل ذلك فى إطاره الصحيح.
 
أضاف هيكل: «طبيعة العمل العربى داخل النظام العربى الواحد تفرض أوضاعا مؤداها أن أى حاكم، ملك أو رئيس عربى يملك سلطة مطلقة داخل حدود إقليمية، ولكنه خارج هذه الحدود لا يملك إلا سلطة تعبئة أوسع للجماهير وحشدها لتأييد وجهة نظره، وهذا يخلق ضغوطا يحس بها بعض الحكام، وتسبب لهم حساسية شديدة من تصور أن مصر كانت تخاطب شعوبهم من فوق رؤوسهم، وبالتالى تتدخل فى شؤونهم الداخلية». 
 
وتواصلت التحقيقات وكان الحديث عن حروب اليمن و1967 وأكتوبر 1973. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة