«اليوم السابع» يعايش يومياتهم بدور الرعاية.. مسنون زادت عزلتهم بسبب إجراءات كورونا.. لا صوت يعلو فوق صوت المطهرات والإجراءات الاحترازية.. وانتشار الفيروس زاد من وحدة المسنين بعد توقف الزيارات (فيديو)

الأحد، 14 يونيو 2020 03:13 م
«اليوم السابع» يعايش يومياتهم بدور الرعاية.. مسنون زادت عزلتهم بسبب إجراءات كورونا.. لا صوت يعلو فوق صوت المطهرات والإجراءات الاحترازية.. وانتشار الفيروس زاد من وحدة المسنين بعد توقف الزيارات (فيديو) المسنون داخل دور الرعاية
تحقيق - أحمد جمال الدين - محمد أبو ليلة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ونزلاء: نفتقد الحفلات والأنشطة الترفيهية.. و«التضامن»: على الدور التى تعانى نقصا فى أدوات الوقاية التواصل مع الوزارة لتوفيرها فورا بجانب الدعم النفسى 

 
منذ أن اجتاح وباء كورونا العالم منتصف فبراير الماضى وقطاعات عديدة تضررت من هذه الأزمة، التى أصابت ما يُقارب الستة ملايين شخص حول العالم، وأودت بحياة أكثر من 400 ألف.. فدول كثيرة ارتفع لديها معدل البطالة، وصناعات أُغلقت وشركات أعلنت إفلاسها، وهنا فى مصر لم يختلف الأمر كثيراً.. ربما كانت الأوضاع أقل ضرراً من باقى دول العالم، لكن هناك قطاعات تضررت بشدة، فآلاف من المرضى كانوا على قوائم الانتظار بالمستشفيات لكن جاء كورونا ليؤجل علاجات أى مرض سواها، ومئات ملايين تضرروا من الحجر الصحى لكنه يظل الوسيلة الأفضل لحمايتهم.
 
 
تطهير-(1)
 
 من بين كل هذه الأزمات كانت هناك فئة قليلة تُعانى فى صمت، فالمنتمون لهذه الفئة تجاوزت أعمارهم الـ 70 عاماً، إنهم فئة المسنين، الذين تبلغ أعدادهم نحو ستة ونصف مليون شخص طبقاً لإحصائية الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2019، ومن بين الستة ملايين هناك 2710 مسنين يُقيمون فى 149 دار مسنين تتبع وزارة التضامن الاجتماعى على مستوى محافظات مصر، لكن هؤلاء ليس لهم صديق أو قريب يسأل عنهم، جميعهم عاش مرارة الوحدة فى سنوات حياته الأخيرة.
 
محررى-اليوم-السابع-مع-مدير-دار-هداية-بركات-(1)
محررى اليوم السابع مع مدير دار هداية بركات
 
«اليوم السابع» عاشت بعضا من يوميات هؤلاء فى جولة ميدانية بعدد من هذه الدور والتقت نزلاءها الذين اشتكوا فى معظم الأحيان من انخفاض الدعم النفسى لهم بسبب التزام المصريين خلال الفترة الماضية بمنازلهم فى ظل قرارات التباعد الاجتماعى للحد من انتشار فيروس كورونا. 
 
البداية مع إحدى دور الرعاية بالمهندسين والتى تعمل على استقبال المسنين من أصحاب الظروف الخاصة أو التى يعجز نزلاؤها عن الاعتناء بأنفسهم بسبب المعاناة مع أمراض الشيخوخة، وذلك منذ أكثر من أربعين عامًا والتى تم تجديدها خلال أيام قليلة فقط وتستوعب 30 نزيل بمعدل أعمار ما بين 60 إلى 90 عامًا، ويتم إيداعهم عن طريق أشقائهم أو الأقارب مع التأكيد على أهمية وجود 2 من الضامنين للرجوع إليهم فى حالات الطوارئ، وذلك بحسب محاسن عبد الحميد مديرة الدار.
 
لا صوت يعلو على حركة المطهرات
داخل الدار لا يمكن تجاهل حركة التطهير المستمر وروائح الكلور بجانب النشاط المكثف من جانب الممرضات العاملات بالدار فى تطبيق فكرة التباعد الأجتماعى وإبقاء النزلاء فى غرفهم ومنع الاختلاط فيما بينهم فضلاً عن التشدد فى الزيارات وذلك ضمن إجراءت السلامة والأمان التى تتبعها الدار لوقاية النزلاء من فيروس كورونا على الرغم من الامكانيات المحدودة المتوافرة للدار. 
 
مديرة الدار تحدثت الينا قائلة: «قبل كورونا كانت فيه أنشطة جميلة.. كان فيه جلسات مجمعة المسنين مع بعض.. أيضا حفلات عيد الميلاد بفرق موسيقية بمعنى «نعمل عيلاد ميلاد مجمع لكل مواليد الشهر» وأيضا يوجد ناد خارجى أعضاؤه كانوا بيشاركونا الزيارات والاحتفالات.. كان فيه نشاط ولكن من شهرين تم منع هذه الأنشطة بسب الإجراءت الوقائية ومنها تطبيق فكرة التباعد الاجتماعى ومنع الاختلاط فكل نزيل ملتزم بغرفته»، مضيفة: «نحاول من خلال الإمكانات المتاحة والتى نعتمد على توفيرها من مطهرات وغيره من خلال الجهود الذاتية الحفاظ على نزلاء الدار ولكن بالتأكيد نعانى من نقص شديد فى هذه المستلزمات حيث تم التواصل عدة مرات مع وزارة التضامن لتوفير «كمامات، وماسكات ومقياس حرارى لاستخدامه للزوار والنزلاء وللأسف الشديد لم يتم الإستجابة وهو ما يزيد من معاناتنا خاصة أن الإمكانيات المادية محدودة بسبب ضعف قيمة الإيجار المحصلة من النزلاء».
ما بين قراءة القرأن والاستماع إلى نشرات الأخبار لمعرفة تطورات فيروس كورونا وحجم الإصابة والجهود المبذولة لإيجاد دواء له يقضى الطبيب «عبد الله» وقته داخل الدار والتى يتمتع فيها بحب واحترام من كافة العاملين ونزلاء الدار وبحكم عمله كطبيب سابق يحرص على إمدادهم بالمعلومات الطبية والإرشادات الوقائية. 
 
قبل 41 عاما تخرج الشاب وقتها «عبد الله»، من كلية الطب وتحديدا فى ديسمبر 1979 جامعة عين شمس لتبدأ رحلته العملية ومشواره الطويل والذى لم يتصور أن ينتهى به المطاف أحد دور المسنين بمحافظة الجيزة بعيدا عن أسرته التى المقيمة بمحافظة الشرقية ويقول: «حضرت ماجستير 1985 ثم التحقت بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية عام 1983 لمدة 3 سنوات كنت منتدبًا خلال لمستشفى غمرة العسكرى قسم الأطفال وبعد انتهائها رفضت التعيين الحكومى واتخذت قرارى بالسفر إلى المملكة العربية السعودية للعمل كطبيب حر لمدة 30 عاما كاملة ورفضت التعيين فى الحكومة وتحولت لطبيب حر سافرت للسعودية 30 عاما وعدت عام 2015 ثم انفصلت عن زوجتى وتركت أولادى ومنزلى فى كفر الشيخ والتحقت بالدار مضيفًا بكلمات مقتضبة: «واللى بيسأل عنى أخواتى وأولادهم فقط».
 
وعن تفاصيل يومه داخل الدار يقول: «أحرص على الاستيقاط مبكرًا وأتناول الإفطار وأداء الصلوات ثم متابعة الأخبار ثم قراءة القرآن والحرص على النوم مبكرًا»، ويتابع: «وهو أمر يختلف بعض الشىء عما كان معمولا به قبل ظهور فيروس كورونا حيث كانت هناك أنشطة مختلفة وزيارات من أهل الخير وبعض الجمعيات الخيرية بجانب الحفلات التى كانت تنظمها الدار والذهاب لبعض الأندية القريبة والتى لم تعد موجودة فى الوقت الحالى بسبب الظروف الحالية والتى يجب التعامل معها بواقعية شديدة حتى نستطع تجاوزها والعودة مرة أخرى إلى حياتنا الطبيعية».
 
 وعلى الرغم من دعوته للتعامل مع الأزمة والأخذ بكامل الاحتياطات التى تكفل الحماية حصار فيروس كورونا إلا أنه لا يخف ضيقه من غياب الحفلات والأنشطة الترفيهية وهو ما يعبر عنها بقوله: «وحشتنا الحفلات والخروجات والزيارات ونفسنا ترجع تانى الأيام ديه».
 
ليس معلوما للكافة 
 
 فيروس كورونا ليس معروفا لكل نزلاء النزلاء بسبب أن البعض منهم يعانى من أمراض الشيخوخة مثل الزهايمر ونقص الإدراك.. ذلك ما تؤكده رئيسة التمريض فى الدار، مضيفة: «لذلك نعمل على مسارين متوازيين هو التوعية بالمرض أسبابه وخطورته وطرق الوقاية منه بالتزامن مع المسار الثانى استخدام المطهرات من كحول وديتول والحرص المستمر على النظافة الشخصية والتطهير المستمر للدار برغم قلة الإمكانات نظرً لأننا نعتمد على الجهود الذاتية فى توفيرها بجانب استخدام قواعد الزيارات والتباعد الأجتماعى وهى الأمور التى قد تؤثر فى نفسية بعض النزلاء ولكننا نحرص على تطبيقها بكل دقة للحفاظ على سلامتم وإن كنا نحاول أن نضفى عليها جانب كوميدى وترفيهى حتى يتقبلها النزلاء لحين مرور هذه الفترة».
 
الحياة مع الذكريات
 
 الحاجة نعمات أو «نعناعة».. هكذا تعرف بين نزلاء الدار وموظفيها والتى تمثل روح البهجة والابتسام داخل المكان وتشتهر بابتسامتها المستمرة وكأنها جزء من وجهها.. بدأت حياة الحاجة نعمات فى دار المسنين بعد وفاة زوجها الذى كانت تعيش معه بإحدى الشقق فى حى الدقى ثم انتقلت للعيش مع شقيقتها لمدة عام واحد هربًا من الوحدة ثم استقر بها الحال فى دار المسنين، وبسبب سنوات عمرها المتقدمة لا تعى كثيرا ومع معاناتها مع أمراض الشيخوخة من ضعف السمع والذاكرة لم تستطع استيعاب الصورة الكاملة عن سبب التغيرات المفاجئة فى نظام المعيشة بالدار والقواعد الصارمة التى فرضتها الدار لحماية النزلاء ومنع الفيروس من التسلل إلى أجسادهم الواهنة بحكم التقدم فى العمر إلا أن ابنة شقيقتها سعت إلى تقريب الصورة إليها عن فيروس وخطورته على الإنسان وتقول: «معرفش حاجة عن كورونا غير إنه ظهر فى الصين وانتقل لباقى دول العالم وهو ما أخبرتنى به ابنة شقيقتى التى تحرص على زيارتى والتى انقطعت فى الوقت الحالى ولكنها سوف تعود بالتأكيد لزيارتى بعد انتهاء هذه المحنة». 
 
 الحفلات والأنشطة الترفيهية تمثل دعما نفسيا لا يمكن إغفاله بالنسبة للمسنين واختفاؤها يؤثر بشكل واضح على نفسيتهم والتى لا تتقبل بسهولة فكرة العزلة والوحدة/ وهو ما تشير إليه أشجان حسن التونى الأخصائية الأجتماعية بالدار بقولها: «الدار كانت تهتم بالجانب النفسى وبالنسبة للنزلاء من المسنين لمعرفتنا الوثيقة بمدى تأثير هذه الأنشطة على الجانب المعنوى لهم سواء من مسابقات حفلات ترفيهية وأعياد ميلاد مجمعة والتى كانت تتم بمشاركة عدد من الأطفال الأيتام التابعين للجمعية للدمج فيما بينهم ولكن فى الوقت الحالى اختفت هذه الأنشطة وهو ما أثر بالسلب على الجانب النفسى لهم بدليل سؤالهم عليها باستمرار لماذا اختفت الحفلات ومتى تعود؟». 
 
وتوضح أن صدفة قادتها لحضور إحدى الندوات الدينية فى جمعية الرعاية المتكاملة داخل مديرية تضامن الجيزة كانت السبب فى تعلقها بدار المسنات التابعة للجمعية ورغبتها فى الانتقال إليها للقضاء على معاناتها مع الوحدة بعد وفاة زوجها وزواج ابنتها وسفر ابنها الطبيب للعمل فى السعودية.
 
عاليا-الخولى-(1)
عاليا الخولى
 
الدار للتغلب على الوحدة 
 
عليا محمد الخولى 85 عاما ليسانس آداب وتربية إحدى نزيلات الدار منذ 3 سنوات قالت: «بعد تخرجى فى كلية الآداب والتربية رفض زوجى عملى فى التدريس ثم جاءت فرصة أخرى للعمل فى السعودية ومكثت بها لمدة خمس سنوات وبعد العودة بدأت أبحث عن عمل نشغل به خاصة بعد وفاة زوجى وذهاب أولادى للمدرسة فعملت لمدة طويلة مديرة حضانة والمسئولة عن نادى الطفل فى إحدى الجمعيات بالقاهرة وقدمت استقالتى بعدها خلال تلك المدة خلالها تخرج أولادى من الجامعات وتزوجوا وتركوا المنزل فابنى الطبيب يعمل فى السعودية وبنتى الأخرى تزوجت فى أكتوبر بجانب أن أهلى وعائلتى من البحيرة فكنت أعانى الوحدة».
 
مساعدة-فى-الطعام-(1)
 
 وتابعت: «بدأت أبحث عن وسيلة تخرجنى من وحدتى وكنت قد تعرفت على دار المسنين التابعة لدار الجمعية المتكاملة خلال حضورى إحدى الندوات الدينية وشاهدت حسن المعاملة والرعاية المقدمة فكان ذلك حافزًا لى لأكون من ضمن نزلائها والتى أخذت منى جهدا كبيار لإقناع أبنائى». عمل ابنها كطبيب ساعدها فى التعرف على طبيعة فيروس كورونا وكيفية انتقاله وأضراره الكبرى على الإنسان والتى قد تصل إلى الوفاة وهو ما جعلها تتقبل الإجراءت الجديدة التى اتخذتها الدار سواء من تعليق الأنشطة الترفيهية والزيارات الخارجية والحفلات الغنائية والموسيقية التى كانت تتم فى مسرح البالون أو الأوبرا وهو ما تعلق عليه بقولها: «فيروس خطير يجب اتخاذ كافة الاحتياطات لمنع انتشاره أو الإصابة به وإن كنا فى شوق حقيقى لممارسة حياتنا العادية التى كنا نعيشها قبل ظهور ذلك الفيروس»، مضيفة: «كان البعض لا يرضون بحالهم ومعيشتهم الآن يتمنون الرجوع إلى ما كانوا عليه قبل ظهور ذلك الفيروس».
 
«مقيدين» 
 
أصبحنا «مقيدين» هكذا بدأت لمياء محمد جمال الدين الأخصائية الاجتماعية بالدار والتى تعمل به منذ أكثر من12 عاما، معبرة عن الإجراءات التى تم فرضها فى إطار الوقاية والسلامة من فيروس كورونا ومنها إلغاء الأنشطة الترفيهية والزيارات الخارجية، حرصًا على نزلاء الدور فضلا عن تطبيق فكرة التباعد الاجتماعى.
وتابعت: «وطبيعى أن تؤثر تلك الإجراءات على نزلاء الدور ولكن نحاول من خلال جلسات الدعم النفسى تجاوز تلك المرحلة مع النزلاء». 
 
قواعد صارمة لوقاية المرضى 
 
 من جانبها قالت اللواء دكتور هبة أبو العمايم مستشار وزير التضامن للرقابة والتفتيش: «نعمل على تحقيق توفير الرعاية والدعم لكل الدور التابعة لوزارة التضامن والتأكد من اتباع الإجراءت الوقائية لحماية النزلاء من فيروس كورونا وذلك من خلال فرض إجراءت احترازية تعمل على حماية النزلاء من تعليق الأنشطة الترفيهية والزيارات الخارجية والتشدد فى زيارات الأهل والأقارب بجانب توزيع المطهرات وأجهزة القياس الحرارى والملصقات التوعوية». 
 
وتابعت: «وعلى الجانب الآخر نحرص على ألا تؤثر تلك الإجراءات على الجانب النفسى للنزلاء من كبار السن فقد تم توقيع بروتوكول من منظمة «اليونيسيف» خاص بالدعم النفسى كما يتم الاعتماد أيضا على الكوادر الاجتماعية والنفسية الخاصة بالهلال الأحمر للمرور على الدور وعقد جلسات مستمرة مع نزلاء من المسنين.

 
WhatsApp Image 2020-06-14 at 2.52.18 PM
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة