فى زمن الكورونا.. مدى جواز عدم حضور المتهم المفروض عليه حجرا صحيا أو المسافر الجلسات؟.. المشرع اعتبر عذره قهريا يبرر التخلف عن الحضور.. وخبراء يرجحون تطبيق الفيديو كونفرنس.. والنقض تتصدى للأزمة منذ 70 سنة

محكمة استئناف القاهرة، اتخذت عدد من التدابير الاحترازية اللازمة والاحتياطات لعودة العمل بالمحاكم وللوقاية من فيروس كورونا المستجد، والتى بدأت فى عقد جلساتها، منذ يومين من بين هذه الاحتياطات تعقيم المحاكم بشكل مستمر، وعدم حضور الجمهور للمحاكمات فى الدوائر الجنائية، واقتصار الحضور على المتهم والمحامى، دون عائلة أو أقارب المتهم، واقتصار العمل بالدوائر الجنائية على يومين فقط من أيام الدور المقررة 6 أيام.

نظر الجلسات فى زمن الكورونا

وضمن هذه الاحتياطات النظر في أوامر تجديد الحبس سواء في استمرار الحبس أو إخلاء سبيل المتهمين، طبقا لظروف وملابسات كل دعوى دون حضور المتهمين من محبسهم، وعودة العمل بالدوائر التى لا تتطلب حضور، وتعقد جلساتها بغرفة المشورة، وهى دوائر نقض الجنح وطلبات رجال القضاء. 

مدى جواز عدم حضور المتهم المفروض عليه حجرا صحيا أو المسافر الجلسات؟

فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية قانونية فى غاية الأهمية تتعلق بالحضور الوجوبى للمتهمين فى جلسات القضايا مع تعرض البعض منهم لفرض إجراءات الحجر الصحى فى حالة إصابته بفيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 – أو فى حالة بقاء بعض المتهمين خارج مصر لغلق الخطوط الجوية فى عدد من دول العالم، مما يتسبب معه فى عدم حضوره، والسؤال هنا.. كيف يرى القانون هذه الإشكالية، وهل هناك ما يبرر الأمر ويعتبره عذراً قهرياً يبرر التخلف عن حضور الجلسات.   

المشرع اعتبر عذره قهريا يبرر التخلف عن الحضور

فى هذا الصدد، يقول محمد على، الخبير القانونى والمحامى، أن القانون يلزم المتهم الحضور فى جلسة المعارضة، وفى حالة تخلفه عن الحضور تحكم المحكمة باعتبار الدعوى "كأن لم تكن"، إلا إذا كان هناك عذرا قهريا يبرر تخلفه عن الحضور ومحكمة النقض اعتبر الحجر الصحى المفروض على المتهم عذرا قهريا يبرر عدم الحضور وعلى المتهم فى هذه الحالة أن يقدم شهادة من المستشفى ثابت فيها أنه كان بالحجر الصحى واستحال عليه الحضور ولم يكن فى مقدوره.  

ووفقا لـ"على" فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن عدم حضور المعارض فى اليوم الذى كان محددا لنظر معارضته كان لسبب خارج عن إرادته فإن الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن بسبب عدم حضوره يكون مخالفا للقانون، وبذلك تكون الشهادة الصحية المقدمة للمحكمة تأخذ بها المحكمة وتطمئن إليها عند التأكد من صحتها، وبذلك تثبت قيام العذر المانع للطاعن عن حضور الجلسة المحددة لنظر معارضته الاستئنافية.   

رأى محكمة النقض

وفى هذا تقول محكمة النقض المصرية، فى الطعن المقيد برقم 855 لسنة 21 القضائية - جلسة 15 أكتوبر 1951- فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن – مع قيام الظرف القهرى الذى حال دون مثول الطاعن أمام المحكمة – يكون قد حرمه من استعمال حقه فى الدفاع ولا يؤثر فى ذلك عدم وقوف المحكمة وقت إصدار الحكم على هذا العذر حتى يتسنى لها تقديره والتحقق من صحته لأن الطاعن – وقد استحال عليه الحضور أمامها – لم يكن فى مقدوره إبداؤه إلا بالبرقية التى أرسلها التى لم تصل إلى المحكمة لظرف خارج عن إرادته، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباَ بالإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث الوجه الأخر من الطعن.    

المتهم هنا ينطبق عليه الظروف الطارئة والقوة القاهرة

وفى سياق آخر، يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض إسماعيل بركة، أنه يجب فى هذه الإشكالية أن نفرق بين الأحكام التى تصدر فى هذه الحالة هل الحضور فيها وجوبى أم حضور توكيل، فإذا كان الحضور وجوبى وتواجد المتهم خلال فترة المحاكمة بالحجر الصحى يكون هنا العذر مقبولا أمام المحكمة وفرض على المحكمة أن تؤجل أو تفصل ولكن الحكم الصادر هنا لن يكون حكماَ حضوريا فى حق المتهم.

ويُضيف "بركة" فى تصريح خاص، أن المتهم هنا ينطبق عليه الظروف الطارئة والقوة القاهرة لذا يتم الأخذ بالعذر القهرى لعدم مثول المتهم أمام المحكمة سواء فى الجنح أو الجنايات التى يجب فيها الحضور بشخصه فيها ومعلوم أن جائحة فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 – دولية وليست محلية وجميع دول العالم تأثرت بها فهو وباء عالمى، وبالتالى المحكمة ستؤجل لحضور المتهم بشخصه ولها الحق أيضاَ أن تنظر الدعوى فى حالة عدم حضوره. 

اقتراحات بتطبيق نظام الفيديو كونفرنس مع المتهم المسافر

فيما علق الخبير القانونى والمحامى بالنقض، محمود البدوى، على الأمر بأنه محل تقدير من بعض الدوائر بعد أن تم تعديل القانون بإمكانية حضور المتهم بوكيل عنه أمام محاكم الجنايات، وفى التعديل الجديد، ألغيت المادة 388 إجراءات جنائية التي كانت تمنع حضور وكيل عن المتهم الغائب في الجنايات، وأصبح من الجائز حضور محام بتوكيل خاص عن المتهم في جناية ويبدى دفاع عنه، ويكون الحكم حضوريا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة، ويكون غيابيا إذا لم يحضر المتهم أو وكيله الخاص.

وبحسب "البدوى" فى تصريح خاص نصت الفقرتان الأولى والثانية فى المادة 395 بالتعديل الجديد على: "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه أو حضر وكيله الخاص قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوسا بهذه الجلسة، أى أنه أصبح من الجائز إعادة إجراءات المحاكمة في الحكم الغيابي بموجب توكيل خاص، ولا يشترط أن يقوم بها المحكوم عليه بنفسه، وفي حالة القبض على المحكوم عليه غيابيا يظل محبوسا حتى تاريخ جلسة إعادة محاكمته".

ويُضيف: هو ما يثير تعارض واضح مع المادة 271 إجراءات جنائية وهى أيضا نقطة غفل عنها الكثير بينما ظهرت من الممارسة العملية بأحد القضايا، فقد سبق وأن طلبت مني المحكمة كدفاع حاضر عن المتهم بتوكيل خاص ضرورة حضوره لسؤاله عن التهمة المنسوبة إليه وهو ما قمنا بتنفيذه فعلا، وأصبح أمر الحضور بوكالة خاصة بالجنايات جوازي للمحكمة وربما يرفضه قرابة 95% من دوائر الجنايات، ومن جماع ما سبق ذكره أنه يجوز في بعض الحالات الاكتفاء بسؤال المتهم عن التهمة المنسوبة إليه فقط ثم مباشرة إجراءات المحاكمة في غيبته، ونظرا للاعتبارات الصحية المستجدة، وذلك كرأى شخصى أن اعتبارات الحفاظ على الصحة لكافة الحاضرين بالمحاكمة يجب العمل بفكرة عدم حضور المتهم.

كما يمكن تطبيق نظام سؤال المحكمة للمتهم المنسوبة إليه ومشاهدته للمحاكمة كاملة بنظام الفيديو كونفرنس، وهذا فى حالة ما إذا كان فى حضوره ما يمثل خطر على الصحة أو على باقى الحضور بقاعة المحكمة، وجعل الأمر أيضا مرتبط بتقديرات طبية وكشف مسبق على كافة الحضور بالمحاكمة واستبعاد من يثبت أن فى حضوره خطر أو تهديد، وعرض الأمر على رئيس الدائرة المختص ليصدر قرار مسبب بهذا الأمر – وفقا الكلام لـ"بدوى".  

مستند