دراسة تكشف تهديد التطرف لحقوق الإنسان.. وتؤكد على الحق فى مجابهته بالقوة والفكر.. الدستور المصرى طبق الالتزام الدولى باتخاذ التدابير المناسبة للمواجهة.. و"تجديد الخطاب الدينى" خطوة أولى فى الاتجاه الصحيح

الثلاثاء، 05 مايو 2020 07:00 ص
دراسة تكشف تهديد التطرف لحقوق الإنسان.. وتؤكد على الحق فى مجابهته بالقوة والفكر.. الدستور المصرى طبق الالتزام الدولى باتخاذ التدابير المناسبة للمواجهة.. و"تجديد الخطاب الدينى" خطوة أولى فى الاتجاه الصحيح الجماعات المتطرفة تهدد حقوق الإنسان
كتب محمد السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يعد كيفية تحقيق التوازن بين حق الدولة السيادى في مواجهة خطر الإرهاب و احترام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية و مبادئ سيادة القانون إبان اجراءات مكافحة الارهاب، من أهم الموضوعات المثارة بين الفقه الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان ، وهو ما أكدت دراسة رسمية نشرت على الموقع الرسمى للهيئة العامة للاستعلامات تحت عنوان :" حقوق الإنسان و مجابهة الجماعات الإرهابية المسلحة".

وجاء في الدراسة أن هذا الموضوع تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عدة قرارات صادرة عنها معنونة "حقوق الإنسان والإرهاب"، أعقبتها بحزمة من القرارات معنونة "حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب"، مضيفة أنه مما لا شك فيه أنه سوف يكون من المستوجب عند تقييم مدى مراعاة الدول لمبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون في سياق مكافحة الإرهاب، النظر إلى حجم الأخطار الناجمة عن الإرهاب، وما تسببه من خسائر في الأرواح والممتلكات، ذهبت في عصرنا الحالي إلى الانتقاص من سيادة وهيبة الدول.

 وأكدت الدراسة أن مسألة حماية ومساعدة ضحايا الإرهاب، لا تثير مشكلات سوى تلك المتعلقة بتحديد الضحايا وبالإمكانات والآليات المتاحة لجبر أضرارهم، و أن المجتمع الدولي يولي ضحايا الإرهاب اهتماماً شديداً، آية ذلك ما جاء بالمحورين الأول والرابع من استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، حيث اعتبر المحور الأول من الاستراتيجية أن تجريد ضحايا الإرهاب، بجميع أشكاله ومظاهره، من إنسانيتهم، يُعد من بين الظروف المؤدية للإرهاب، كما ركز المحور الرابع المتعلق بالتدابير الرامية إلى احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون على الموضوعات المتعلقة بحماية حقوق ضحايا الأعمال الإرهابية. 

 و اشارت الدراسة الى أن المنطقة العربية عانت و لا تزال تعانى من خطر الإرهاب وتداعياته بعد أن اجتاحتها موجة عاتية من الإرهاب "المنظم"، تقوم عليه جماعات الإرهاب المسلح، التي ترتكب خلال هجماتها أشد الجرائم بشاعة وجسامة، دون مراعاة لأدنى مبادئ الإنسانية، وترتب على ذلك سقوط أعداد لا حصر لها من المدنيين ما بين قتيل وجريح، لافتة الى أن ذلك تزامن مع تدخل قوى إقليمية ودولية تعمل على خلق الصراعات على أسس دينية وطائفية وعرقية، لهدف واضح هو زعزعة الاستقرار وتدمير الجيوش العربية، بما يؤدي حتماً إلى إضعاف النظم العربية، وتفتيت الأوطان وتتميز هذه الصراعات بأنها تدور أساساً بين قوات نظامية وميلشيات انفصالية أو جماعات مسلحة غير نظامية تستخدم الإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافها، وهي لا تسعى من خلاله إلى إثارة الفزع وإشاعة الرعب في النفوس فقط - وهي الأغراض النهائية للإرهاب التقليدي - بل إلى الانتقاص من هيبة الدول وسيادتها الإقليمية، متابعة:" ولذلك لم تتردد منظمة الأمم المتحدة في النظر إلى الموجة الجديدة من الهجمات الإرهابية منذ بداية هذا العقد على أنها تهدد السلامة الإقليمية للدول وأمنها وتزعزع استقرار الحكومات".

 و تابعت :" وفي مصر استهدف الإرهاب الأسود أبناء الشعب المصري وأفراد القوات المسلحة والشرطة – على حد سواء - في هجمات غادرة، لا تفرق بين عسكري ومدني، مسلم ومسيحي، ولا تأبه بطفل أو شيخ، بما ترتب عليه سقوط مئات الشهداء والمصابين وخطورة هذه الموجة العاتية من الإرهاب أنها تقوم عليها جماعات تكفيرية متشددة، لا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم، باسم الدين، فتعتمد في شق منها على توظيف الدين لخدمة أهدافها، عن طريق استغلال سذاجة جماعات بعينها أو نزعتها الطائفية وطمعها في السلطة، أو دغدغة مشاعر من ينتمون لتيارات الإسلام السـياسي المتشدد وتمويلهم بالمال والسلاح لتحقيق أهدافهم ولم تعد العمليات الأمنية التقليدية تكفي لمواجهة هذا النوع الجديد والشرس من الإرهاب، فكان من اللازم تدخل القوات العسكرية لمواجهة تلك العمليات الإرهابية الواسعة بطريقة شاملة، ولاستهداف منفذيها، لمنع وقوع المزيد منها مستقبلاً". 

وشددت الدراسة على أن مجابهة الإرهاب المسلح حق من حقوق الإنسان حيث أعربت منظمة الأمم المتحدة في العديد من قراراتها الصادرة منذ التسعينيات عن قلقها الشديد إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها المجموعات الإرهابية، واعتبرت أن أعمال الإرهاب وأساليبه وممارساته أنشطة ترمي إلى القضاء على حقوق الإنسان، وطالبت الدول – وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان – أن تتخذ جميع التدابير الضرورية والفعالة لدرء الإرهاب ومكافحته والقضـاء عليه، وخلال تصديها لظاهرة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب، ترى منظمة الأمم المتحدة أن الجماعات المتطرفة العنيفة تُمثل تهديداً مباشرا للتمتع بحقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحياة والحق في الحرية والأمن الشخصي وحرية التعبير وتكوين الجمعيات وحرية الفكر والضمير والدين.

 ولفتت الى أن الإرهاب يحرم المواطنين من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية ويدمر الاستقرار المجتمعي، ومن ثم يرتب على الدولة التزاماً أساسياً باتخاذ التدابير المناسبة لحماية تلك الحقوق لذلك، فإن من أهم أهداف منظومة حقوق الإنسان الدولية هو مبادرة الدول إلى مكافحة الإرهاب كحق من حقوق الإنسان وتعويض ضحايا الهجمات الإرهابية. 

 و نوهت الدراسة الى أن أساس التزام الدولة بمكافحة الإرهاب  يرجع إلى مصدرين أساسيين، هما: ما ورد بالوثائق الدولية الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، وما ورد بالنظم القانونية الوطنية وخاصة الدساتير، وقد أرست الوثائق الدولية لحقوق الإنسان المبادئ الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، وألزمت الدول بمراعاتها والحفاظ عليها، وأهما: الحق في الحياة، والحق في التمتع بالأمن الشخصي، متابعة :" فطبقاً للمادة الثانية من الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، وتنص المادة الثالثة منه على أنه  لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه ويتميز الحق في الحياة بكونه أسمى حقوق الإنسان، ولذلك تفرض المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية- في فقرتها الأولى - التزاماً أساسياً بحماية الحق في الحياة، فتنص على أن "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً". 

ونوهت الدراسة الى أن الدستور المصري جعل مكافحة الإرهاب التزاماً أساسياً على الدولة، فتنص المادة 237 منه في فقرتها الأولى على أنه "تلتزم الدولة بمواجهة الارهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وفق برنامج زمني محدد"، مضيفة :" وبالتالي يكون الدستور المصري قد أنفذ الالتزام الدولي الذي يطالب الدول باتخاذ التدابير المناسبة لحماية حقوق الإنسان من خطر الإرهاب، على المستوى الوطني، وفي مجال إعمال أحكام المادة المتقدمة تم إنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 355 لسنة 2017، وكما يكشف عنوانه، فإن مهمته لا تنحصر فقط في وضع السياسات والبرامج المتعلقة بمكافحة الإرهاب، بل يمتد ليشمل مكافحة التطرف بحسبان أنه يُشكل أحد الطرق إلى الإرهاب، ويعكس هذا التوجه المحورين الأول والثاني من استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية للإرهاب وتدابير منع الإرهاب ومكافحته)". 

و استطردت الدراسة أن المكافحة الشاملة للإرهاب، والقضاء على جذوره وجماعاته - أياً كانت مسمياتها - يجب أن تشمل مواجهة الفكر المتطرف والتكفيري للتمكن من القضاء بالفعل على جذور الإرهاب، أخذاً بمفهوم "تجديد الخطاب الديني" الذي دعت إليه القيادة السياسية في مصر، لأنه من الواضح أن الموجه السائدة من الإرهاب في مصر وغيرها من الدول العربية، تجد أساسها في الفكر المتطرف الذي تتبناه نلك الجماعات، أياً كانت مسمياتها :"جماعات مسلحة غير نظامية" أو "جماعات إرهابية مسلحة"، علماً بأن المسمى الأخير هو الذي نتبناه في كتاباتنا عند وصف العمليات الدائرة ضد الإرهاب المسلح في مصر).

و أضافت الدراسة أن المجابهة الصحيحة لتلك الجماعات يجب أن تقوم على اتباع نهج شامل لا يتضمن فحسب اتخاذ تدابير أمنية أساسية لمكافحة الإرهاب، بل أيضاً اتخاذ خطوات وقائية منهجية لمعالجة الظروف الكامنة التي تدفع الأفراد إلى التطرف والانضمام إلى الجماعات المتطرفة العنيفة، وأن هذا النهج تم تبنيه في خطة عمل الأمم المتحدة لمنع التطرف العنيف، والمقصود هنا التطرف العنيف الذي يمكن أن يُفضي إلى الإرهاب وأن الالتزام بالوقاية من خطر الإرهاب يستلزم إعداد مبادرات دينية وتعليمية وثقافية مدروسة بعناية لتحقيق الغاية منها.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة