عادل السنهورى يكتب.. 40 عاما من الحرب بين عبد الوهاب وأم كلثوم.. الرجل الوحيد الذى عملت له ألف حساب من الموسيقيين.. "الأستاذ والست"لماذا فشلت محاولة الصلح الأولى من طلعت بين موسيقار الأجيال وكوكب الشرق؟

الإثنين، 04 مايو 2020 09:14 م
عادل السنهورى يكتب.. 40 عاما من الحرب بين عبد الوهاب وأم كلثوم..  الرجل الوحيد الذى عملت له ألف حساب من الموسيقيين.. "الأستاذ والست"لماذا فشلت محاولة الصلح الأولى من طلعت بين موسيقار الأجيال وكوكب الشرق؟ عبد الوهاب وأم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أغنية " أنت عمرى" كان اللقاء بين أم كلثوم وعبدالوهاب يبدو مستحيلا إلي أن تم فأطلقوا عليه" لقاء السحاب"..


كانت المعركة بين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب- الذى تحل ذكرى وفاته هذه الايام- وكوكب الشرق أم كلثوم، ممتدة ومتواصلة وبلغت الذروة فيما بينهما..بين القمتين

عبد الوهاب يرى نفسه "الأستاذ" وله كل الحق، وأم كلثوم تزهو بنفسها وترى بأنها "الست"، ولها أيضا كل الحق والتقدير فى ذلك. هو نجم الحفلات والغناء، وهى كذلك.

المعركة قبل " انت عمرى" امتدت لاكثر   فقط موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب هو من عملت له الست «ألف حساب»، كونه المنافس الوحيد لها.. 

 

فى عام 1927 كانت الحرب والمنافسة بينهما على أشدها هو يغنى وهى تغنى، هو يحيى حفلا كل أسبوع وكذلك هى. قبل ذلك بأعوام قليلة كان اللقاء الاول بينهما حيث تعرف محمد عبد الوهاب على أم كلثوم لأول مرة في مطلع العشرينات بمنزل أحد الأثرياء وهو محمود خيرت باشا  والد الموسيقار أبو بكر خيرت وجد الموسيقار العالمي عمر خيرت فى شارع قدرى بالسيدة زينب، وقاما بالغناء سويا وعملا دويتو في أغنية "على قد الليل ما يطول" للشيخ سيد درويش من أوبريت «العشرة الطيبة» كلمات بديع خيرى، وألحان فنان الشعب سيد درويش، 
 
ومن بعد ذلك، قام محمد عبد الوهاب بتلحين أغنية "غاير من اللى هواكي قبلي ولو كنت جاهلة" لأم كلثوم ولكنها رفضت غنائها وقام بغنائها هو وبدأت المعركة بين القطبين منذ ذلك الحين، مرات بالمواجهه المباشرة ومرات بنوعية " الحروب بالوكالة" وتغذية المعركة استوصى بها أهل الاعلام فى ذلك الوقت خيرا واجتهدوا فى اذكاء نارها .
 
ففي بداية الثلاثينات حتى أواخر الأربعينات كانت الصحف تلقبهم بالعدوين حيث جرت محاولات الجمع بينهما وكانت محاولتين واحدة بائت بالفشل والثانية حولت علاقتهم العدائية إلى علاقة فنية ناجحة...سنأتى اليها لاحقا
 
كانت المحاولة الأولى للإقتصادي الكبير طلعت حرب (25 نوفمبر 1867 - 13 أغسطس 1941) مؤسس بنك مصر عام 1920 والشركات التابعة له ومنها استوديو مصر، حيث اجتمع بهما وقال لهما أنه يرغب في رؤيتهما بفيلم يجمعهما سويا من إنتاج استوديو مصر ووافق الطرفان ولكن حدثت بينهما خلافات أثناء تصوير الفيلم حول من يقوم بتلحين أغاني الفيلم المشتركة بين البطلين وكان كل طرف منهما يُصر على رأيه وموقفه ولا يسمحا بالتنازل أو النقاش وبائت محاولة طلعت حرب بالفشل.
 
منافسة أم كلثوم لعبد الوهاب كان يعرفها الجميع واستخدمت الست فيها جميع أسلحتها لخطف الأغانى من عبد الوهاب، لتبقى فى القمة، فمثلا عندما كتب شاعر الشباب أحمد رامى أغنية" سهران لوحدى» خصيصا لمحمد عبد الوهاب ولحن جزءا كبيرا منها، ضغطت الست على رامى ليأخذها من عبد الوهاب وتغنيها هى ورضخ الشاعر للست بأمر الحب فقد كان متيما بها فقد شغفته حبا، وأخذ الأغنية من صديقه وأعطاها لأم كلثوم التى كلفّت رياض السنباطى بتلحينها.. أيضا لحّن موسيقار الأجيال طقطوقة تقول كلماتها: «قال إيه حلف ما يكلمنيش.. ده بس كلام والفعل مافيش»، وطلب من الست غناءها لكنها رفضت، وقدمت مذهبها للموسيقار محمد القصبجى ولحنها وسجلتها الست فى شركة أسطوانات «جرامافون».
 
كانت العلاقة بين أم كلثوم وعبدالوهاب، كالعلاقة بين القط والفآر، الاخوان والوفد ،الحلفاء والمحور  يلتقيان فيبتسمان لبعضهما ابتسامة باهتة.. بينما يتمني الواحد منهما أن يقبض في زمارة رقبة الآخر، حتي لا يتركه يدندن بهذه الزمارة ويستحوذ علي إعجاب الجماهير وحده.
 
كانوا يطلقون علي أم كلثوم لقب بلبل الشرق أو كروان الشرق ولم يكن لقب كوكب الشرق قد ظهر بعد، أما عبدالوهاب فكان لقبه مطرب القصور والصالونات، وبين كروان الشرق ومطرب القصور والصاولونات كانت الحرب الباردة علي أشدها..
 
 وبينما النار مشتعلة تحت الرماد بين الأنسة أم كلثوم والشاب الوجيه محمد عبدالوهاب.. جاءت فكرة إنشاء نقابة للموسيقيين عام ١٩٤٢ لتكون عود الثقاب الذي فجر برميل البارود، أو الحرب الباردة أحيانا والساخنى احيانا آخرى.انفجر الصراع واشتعلت المعركة بينهما علي منصب النقيب أم كلثوم تسعي للمنصب، لأنها تري أن تولي عبدالوهاب له سيجعل الناس تعتقد أنه يغني أفضل منها، وعبدالوهاب يري أنه من العيب ألا يكون نقيبا للموسيقيين.. بينما تتولي المنصب أنسة
 
ولم تكن مصر قد غادرت عصر الحريم بعد.كانت المعركة بينهما شبه سرية.. إلي أن انتقلت إلي ساحة تياترو الأزبكية.. فتحولت إلي معركة علنية تبادلا فيها الاتهامات.. ووصل الأمر إلي وقوف أم كلثوم بين أنصارها في مواجهة عبدالوهاب وأنصاره لتعلن علي الملأ أنها تتحداه..!
 
أثناء معركة أم كلثوم وعبدالوهاب علي منصب نقيب الموسيقين.. كتبت أم كلثوم مقالا بعنوان: «لماذا أتحدي عبدالوهاب» نشرته مجلة «الاثنين» في ١٠ نوفمبر ١٩٤٢ عقب المعركة التي دارت بينهما في تياترو حديقة الأزبكية وشهدها مجتمع الموسيقيين.
 
.وبعدها بخمسة أيام فقط كتب محمد عبدالوهاب مقالا يرد فيه علي أم كلثوم ونشرته مجلة «آخر ساعة» وكان عنوانه «ضربني وبكي وسبقني واشتكي».. وبعد مقال عبدالوهاب عرض مصطفي أمين شهادته علي المعركة.
 
استمرت المعركة وقامت ثورة يوليو 52 ..في ذلك الوقت ترددت أنباء في الوسط الفني حول رفض السيدة أم كلثوم التعاون مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في أغنية من تلحينه، وتمت تغذية تلك الأنباء وتوصيلها لمجلس قيادة الثورة الذي كانت "الست" ضيفًا دائمًا على حفلاته، والذي شعر أعضاؤه حينها بتسرب روح "العداء الفني" بين عبد الوهاب وأم كلثوم للجمهور، من خلال الصحافة التي أخذت تكتب عن رفض "كوكب" الشرق الغناء بتلحين "موسيقار الأجيال"، وكلاهما يمتلك قاعدة جماهيرية ليس من مصلحة أحد تفتيتها.
 
لم يكن من مصلحة ثورة يوليو سياسيا أن يتصارع القطبان ..الست" أم كلثوم، و"موسيقار الأجيال" محمد عبد الوهاب، كانا قطبي الغناء اللذين اهتما بهما جمال  الناصر نفسه فقد كان من عشاق صوت الست والموسيقار ايضا وحضر حفلات للاثنين ، وكان لكل منهما قاعدة شعبية جارفة قد توازي في قوتها جماهيرية الزعيم جمال عبد الناصر آنذاك، لذا أصبح كل منهما خطًا أحمر، لم يجرؤ أحد على اجتيازه
وكان اللقاء والصلح الذى فشل فيه طلعت حرب ونجح فيه عبد الناصر .. وذات مرة أثناء احتفالات الدولة بأعياد 23 يوليو 1963 عقب انتهاء الحفل السنوي بمناسبة ثورة 23 يوليو، والذي أقيم في نادي ضباط القوات المسلحة، التقى الرئيس جمال عبد الناصر بالسيدة أم كلثوم والموسيقار عبد الوهاب، وكان المشير عبد الحكيم عامر حاضرًا ذلك اللقاء. وبلهجة ودودة قال عبد الناصر لهما: "ﻟﻥ ﺃﻏﻔﺭ ﻟﻜﻤﺎ ﻋﺩﻡ ﺍﺸﺘﺭﺍككما ﻓﻲ ﻋﻤل ﻓﻨﻲ ﻭﺍﺤﺩ"، ثم وجه كلامه لعبد الوهاب: "أين ﺭﻭﺍية ﻤﺠﻨﻭﻥ ﻟﻴﻠﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻤﻌﺕ ﺃنك ﻟﺤﻨﺘﻬﺎ"، وهنا تدخل عبد الحكيم عامر في الحوار قائلًا: "المهم أي عمل يشتركان فيه"، وجاء الرد على الفور من الاثنين، فقال موسيقار الأجيال: "لا مانع"، وقالت أم كلثوم: "أنا أتمنى ذلك"، وانتهى اللقاء، وذلك وفق رواية الموسيقار عبد الوهاب بعد ذلك
وجاء التعاون الكبير بينهما عام 1964 فى أغنية «أنت عمرى» كلمات أحمد شفيق كامل، التى كان من المفترض أن يغنيها عبد الوهاب لكنه أعطاها للست وتوقف موسيقار الأجيال عن الغناء وترك الست تواجه العندليب..!
 
كانت " أنت عمرى" سبب في عمل مشترك بينهم حيث حققت نجاح كبير ومن بعدها قاموا بالتعاون سويا،  حيث لحن عبدالوهاب لأم كلثوم أقوى 10 أغنيات في خلال 9 سنوات حققا نجاحًا كبيرًا وكانوا السبب في تغيير لقبهم من "العدويين" إلى لقاء السحاب"
 
وكما ذكر موسيقار الأجيال فانه راح يقلّب في أوراقه القديمة، وعثر على كلمات أغنية "إنت عمري"، الذي سبق أن لحنها، فاجتذب عوده سريعًا، وبدأ يستعيد لحن الكلمات التي كتبها الشاعر أحمد شفيق كامل على أمل أن يغنيها عبد الوهاب نفسه، لكنها ظلت حبيسة درجه لسنوات، باحثًا عن صوت آخر ليغنيها.
 
عرض عبد الوهاب الأغنية على أم كلثوم،فوافقت شرط تغيير مطلع الأغنية من "شوقوني عنيك" إلى "رجعوني عنيك"، على اعتبار أن الرجوع يتناسب مع الماضي، الأمر الذي أغضب الشاعر أحمد شفيق، واعتبره تدخلًا في إبداعه، وكاد ينصرف من الجلسة، لولا تذكره انتظار الجمهور والرئاسة لهذه الأغنية التي تم الإعلان عنها بواسطة الصحفي جليل البنداري، الذي نشر الخبر في مختلف المجلات والصحف، ووصفه بـ"لقاء السحاب المرتقب".. ولم يكن ذلك الاعتراض الأول من الست بل رفضت في ذلك الوقت الأدوات الغربية التي دخلت على الأغنية- الجيتار وعمر خورشيد- إلا أنها رضخت للأمر الواقع بعد أن سمعت اللحن
 
طلبت أم كلثوم من رئيس فرقتها عازف القانون الأول "محمد عبده صالح" البدء في إجراء بروفات الأغنية داخل "استوديو مصر فون" بالعتبة، وجاء اليوم المنتظر، وهو ميعاد الحفل الذي سيكشف فيه الستار عن باكورة التعاون بين "قطبي الغناء"، وعاش عبد الوهاب في حالة خوف ورعب من دخول هذه المعركة، خصوصًا أمام رياض السنباطي، الملحن الأول لأم كلثوم، وشريك النجاح في رحلة فنها الممتد.
وفي سينما قصر النيل، حيث لا مكان لقدم من كثرة الجمهور، جلست أم كلثوم خلف الستار لتجد عبد الوهاب يرتعش ويمسك بالمصحف ويقرأ آيات من القرآن الكريم، طالبًا من الله النجاح، وصعدت "الست" بكامل بهائها وهيبتها الفنية، تمسك بمنديلها وتبدأ الغناء: "رجعوني عنيك لأيامي اللي راحوا.. علموني أندم على الماضي وجراحه.."، لينفجر الحضور بالتصفيق من روعة اللحن والكلمات، طالبين إعادة كل مقطع ثلاث مرات، لتنتهي الأغنية مع الثانية صباحا، ويخرج الجمهور مهرولًا وراء أم كلثوم، ليحيط بسيارتها، في ما كان عبد الوهاب لا يزال جالسًا على المسرح، يبكي من شدة الفرح على هذا النجاح الكبير، وحققت الأغنية أكبر نسبة مبيعات في تاريخ أم كلثوم، بل وتحولت إلى أيقونة موسيقية لا يطمسها غبار الزمن
 
لم تأثر الجوانب الخفية في شخصية عبد الوهاب على عمله مع كوكب الشرق على الرغم من الخلافات التي احتدمت بينهم كثيرا، فربما لشخصية الثنائي القيادية، سبب لصدام كان واستمر حتى رحلا، إلا أن الفن الذي جمعهما كان أكبر من أي صدام
 
ألحان عبد الوهاب لأم كلثوم والتي أمتدت لعشرة ألحان كانت بمثابة اختبار وتحدي لعبد الوهاب الذي دخل "الحلبة الكلثومية" بعد أربعين عاماً من المشاهدة والمراقبة عن بعد،  وكذلك كان قفزة كبري في التطور الموسيقي والسبب يكمن في أن أم كلثوم كانت هي العقبة الكبري في طريق التطوير الموسيقي وإندماج الموسيقي الشرقية بالغربية. و عبد الوهاب كان يعلم تمام العلم أن ما يلحنه لأم كلثوم هو شيء غير مخلوق إلا للخلود لمجرد أرتباط اللحن بالحنجرة الكلثومية، وكذلك خروج أم كلثوم من الدائرة السنباطية واتجاها لسبل التلحين الجديد  أكسبها الكثير من الجمهور و الأعجاب وألبسها ثوب الشباب مرة أخري وأن حمل الأمر إستياء من بعض الفئات المحافظة علي التراث الشرقي والتخت العربي الأصيل إلا أن عبد الوهاب فى هذه المرحلة واجه عدة تحديات مثلت عقبات فى طريق الفن والإبداع. 
التحدى الأول كان صوت أم كلثوم المتألق ، ولم يسبق له التلحين لها قبل إنت عمرى عام 1964،الثانى كان تقدمه فى السن فقد بلغ عند بدابتها الستين من عمره  وبلغت أم كلثوم كذلك الستين، الثالث سيطرة رياض السنباطى على صوت أم كلثوم وجمهورها بألحانه، الرابع مجموعة من الملحنين الجدد استطاعوا التلحين لأم كلثوم بكفاءة أمثال بليغ حمدي ومحمد الموجي، الخامس قدوم جيل جديد من الجمهور له ذوقه الخاص

السادس أجواء النكسة بعد حرب 67، السابع انتشار الموسيقى الغربية.

واستطاع  محمد عبد الوهاب بخبرته وعبقريته الموسيقية وبابتكاره وقدرته على التجديد، التغلب عليها جميعا ، وحقق نجاحا هائلا فى تلك المرحلة التى استمرت أقل من عشر سنوات.. تعاقب لقاء السحاب بين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، في لقاءات عدة،-10 ألحان- كانت مختومة بنغمات أخاذة وصوت عزب، جعلهما يتربعان على عرش الأغنية في الشرق الأوسط، وجعل أعملهما معا محط أنظار الجميع..وعندما سئلا الاثنان رايهما فى الآخر قالت أم كلثوم أنه الأستاذ وردت الموسيقار بأنها" الست" ..وذات مرة سئل عبد الوهاب عن الفارق فى التلحين لأم كلثوم واى مطربة آخرى قال" ان الست " تكلثم" الألحان أى تضفى عليها من روحها وثقافتها وشخصيتها الكثير.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة